المنبر الحر | هل تحتاج الحكومة نائبا للرئيس أخنوش ؟
بقلم: هشام عميري
كشف زلزال الحوز عن غياب ثقافة التواصل الحكومي من أجندة أعضاء الحكومة، بل حتى من طرف أحزاب المعارضة البرلمانية التي كانت بدورها غائبة ما عدا تدوينات التعزية التي نشرها مجموعة من الفاعلين الحزبيين على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي بدورها أثارت العديد من التساؤلات حول مضمونها والتوقيت الذي نشرت فيه، بل جاءت هي كذلك متأخرة.
ولا تعتبر هذه الكارثة الطبيعية الأولى التي تغيب فيها الحكومة عن التفاعل مع الرأي العام ومع الساكنة المعنية، بل هناك أزمات وكوارث أخرى عرفت غياب التواصل من لدن أعضاء الحكومة، خاصة من طرف رئيسها، بل حتى خروج بعض الوزراء بتصريحات وممارستهم لاختصاصات وزارية أخرى، تشير إلى وجود أزمة في التواصل لدى الحكومة، وغياب التنسيق ما بين القطاعات الحكومية، وهناك غياب حتى لمبدأ التضامن الحكومي ما بين الأحزاب المشكلة للحكومة، وهو مبدأ أكد عليه المشرع المغربي لأول مرة في الفصل 93 من الدستور، إذ أن كل حزب في التحالف الحكومي يراهن في خرجاته التواصلية على الانتخابات القادمة، لذلك نجد هناك ارتباكا وغياب عملية التواصل، بل ضعفها من حيث الطريقة التي تتم بها ممارسة العملية التواصلية.
وإذا كان غياب ثقافة التواصل وغياب حضور رئيس الحكومة وأعضائها لأجل التواصل مع ساكنة المناطق التي ضربها الزلزال لحظة وقوعه أو بعده بيوم أو يومين، وهو الحضور الذي جاء متأخرا، إذ أن حضور رئيس الحكومة جاء بعد مرور أكثر من 15 يوما، وإن كان البعض يربط تلك الأسباب بكون رئيس الحكومة كان مرتبطا بمهام أخرى.. فالمبرر أو الأسباب التي كانت وراء غيابه تطرح إشكالية دستورية تتعلق بضرورة تعيين نائب لرئيس الحكومة عند غيابه لأي سبب، سواء قيامه بمهام خارج المملكة في إطار مهامه واختصاصاته الدستورية، أو جراء تعرضه لمانع يمنعه من ممارسة مهامه بشكل طبيعي.
وهذا التعيين يجب أن يكون عند تعيين الملك لأعضاء الحكومة، إذ إن هذه الأخيرة يجب أن تضم في تشكيلتها نائبا لرئيس الحكومة إسوة بالعديد من التجارب العربية والغربية، كما نص على ذلك كل من المشرع الدستوري العراقي والأردني والكويتي، وكذا النظام السياسي الكندي، وغيرها من الأنظمة السياسية التي أكدت على ضرورة أن تضم الحكومة نائبا لرئيس الحكومة، بل هناك من جعل لرئيس الحكومة أكثر من نائب له كما هو الشأن بالنسبة للنموذج الكويتي، فقيام هذه الأنظمة بدسترة نائب لرئيس الحكومة، يجعلها تضع خلية للأزمات، التي قد يؤدي غياب رئيس الحكومة إلى خلق أزمة ما بين المؤسسات الدستورية، بل قد يؤدي الأمر إلى أزمة اجتماعية في حالة انعدام التواصل بين رئيس الحكومة والرأي العام.
إلا أن المشرع الدستوري المغربي، وإن كان قد أحال بشكل دستوري على القانون التنظيمي الذي ينظم ويحدد القواعد المنظمة لسير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، بموجب الفصل 87 من الدستور، فإن هذا القانون التنظيمي رقم 065.13 وإن كان أشار إلى نائب لرئيس الحكومة، فإنه لم يحدد لنا الاختصاصات التي يجب أن يتمتع بها هذا النائب وهو نائب يكون مؤقتا والذي يتم تعيينه من طرف الملك باقتراح من رئيس الحكومة عند غيابه.
إلى جانب ذلك، فهذا القانون التنظيمي لم يحدد لنا الحزب السياسي الذي يجب أن يكون منتميا إليه نائب رئيس الحكومة، هل الأمر يكون من ضمن الحزب المنتمي إليه رئيس الحكومة، أم يكون من أحزاب التحالف الحكومي، كما أن هذا القانون التنظيمي في مادته الثامنة لم يشر إلى الأسباب التي تؤدي إلى غياب رئيس الحكومة والتي تدعو الملك إلى تعيين نائب له باقتراح من رئيسها، خاصة إذا كانت مدة غيابه طويلة.
وبالعودة إلى اختصاصات نائب رئيس الحكومة، والتي لم يحددها القانون التنظيمي رقم 065.13، بل ترك المجال مفتوحا أمام كل الاحتمالات، فإن هناك بعض الاختصاصات التي تطرح مجموعة من الإشكالات، خاصة الاختصاصات الحساسة، مثل فيما يخص حالة الحصار والتي يوقع ظهيرها بالعطف رئيس الحكومة، بالإضافة إلى طلب هذا الأخير من الملك بعقد جلسة للمجلس الوزاري أو بترأسه له، وذلك بتفويض من الملك، أو أن يكون عضوا ضمن مجلس الوصاية، وهي اختصاصات لم يوضحها القانون التنظيمي المشار إليه بخصوص إمكانية نائب رئيس الحكومة ممارسة هذه الاختصاصات التي تعتبر اختصاصات حساسة للمملكة، هذه الإشكالية حاولت أن تتجاوزها الأنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، والتي حددت لنا الاختصاصات التي يجب أن يتمتع بها نواب رؤساء الغرف البرلمانية بالمغرب، عكس القانون التنظيمي المنظم لأشغال الحكومة، الذي لم يحدد لنا الاختصاصات التي يجب أن يتمتع بها نائب رئيس الحكومة، هل من واجبه أن يقوم بكافة الاختصاصات الدستورية التي يتمتع بها رئيس الحكومة، أم تستثنى منها بعض الاختصاصات؟
لكن، إن كانت هذه الاختصاصات تطرح بعض الإشكالات الدستورية، فإن عملية التواصل التي يقوم بها نائب رئيس الحكومة من حيث تواصله مع الرأي العام ومع الساكنة نيابة عن رئيس الحكومة، وبعيدا عن التصريحات الصحفية التي يقدمها الناطق الرسمي باسم الحكومة بعد كل مجلس حكومي، لا تطرح أي إشكالية دستورية ولا تؤدي إلى أي أزمة حزبية بين النائب ورئيس الحكومة، خاصة إذا كان تعيين الملك لنائب رئيس الحكومة من الحزب السياسي المنتمي إليه رئيس الحكومة، وهو ما يجب أن يكون بالفعل، وذلك احتراما للاختيار الديمقراطي المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 47 من الدستور، والذي يجعل رئاسة الحكومة بيد الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وهي المنهجية التي تم احترامها من طرف الملك عند تعيينه لسعد الدين العثماني بتشكيل الحكومة خلفا لعبد الإله بن كيران الذي فشل في تشكيلها على إثر الانتخابات التشريعية لسنة 2016، على الرغم من أن ذلك مختلف بالنسبة لنائب رئيس الحكومة، إلا أنه حفاظا على استقرار المؤسسة الحكومية، وتجاوزا لكل الخلافات التي قد تقع ما بين أحزاب التحالف الحكومي، فإن نائب رئيس الحكومة يجب أن يكون من الحزب المنتمي إليه رئيسها، حتى تسهل العملية التواصلية بين الحكومة في شخص نائب رئيسها والرأي العام من جهة، وما بين رئيس الحكومة ونائبه من جهة ثانية.