المنبر الحر | في الحاجة إلى قوانين داخلية لمواكبة الأجواء الدراسية
بقلم: عثمان محمود
اعتاد آباء وأولياء تلاميذ السلك الثانوي بشقيه الإعدادي والتأهيلي، على الاطلاع على القانون الداخلي للمؤسسة، مع المصادقة عليه، التزاما بما جاء فيه من بنود منظمة تستدعي التقيد بها بغية سير طبيعي للدراسة على مدار العام، غير أن الملاحظ على القوانين المعمول بها داخل تلك المؤسسات التعليمية، تكاد تكون في عمومها نسخا مكررة، حيث يعاد طبعها كل عام، كما أنها عابرة للأسوار، فما يسلم للآباء والأولياء في هذه الثانوية هو عينه الذي يسلم في تلك الثانوية، فضلا عن أن غالبية بنودها تتناول ما هو عمومي يركز بالأساس على التلميذ في علاقته بالمؤسسة ومرافقها والدخول إليها والخروج منها وما إلى ذلك، وهكذا فإن القوانين الداخلية المتحدث عنها هنا، تفتقر إلى عنصر التحيين الذي يواكب الطوارئ التي عايشتها المؤسسات بشكل متكرر فأخذت بذلك طابع الظواهر التي تتطلب العلاج الأكيد ما دامت تعرقل مسار الدراسة، أو تشوش عليه، سواء تعلق الأمر بالعنف الذي يطبع تعامل التلاميذ في ما بينهم، أو الإساءة المتعمدة والخطيرة إلى المرافق داخل المؤسسة، أو الممارسات الشاذة كإحضار الهاتف المحمول إلى الفصول الدراسية والانشغال به، أو ارتداء الملابس المسيئة إلى هيئة التلميذ وشخصيته، وغيرها من الأمور المستجدة التي غدت تشوش على العملية التربوية التعليمية، ومع ذلك، فإنه لا تصاغ في ظلها بنود قانونية صارمة تخصها حتى يتم تطويقها في إطار قانون يضعه أولئك المخالفون والمخالفات على الدوام في الحسبان.
ومن جهة ثانية، فإن القوانين الداخلية المشار إليها تفتقر إلى الخصوصية، فالأجواء التي تسود داخل الثانويات بالمدن الكبرى ليست هي الأجواء نفسها التي تسود داخل الثانويات في القرى الصغيرة والأرياف، لذلك فسلوكات التلاميذ والتلميذات المعرقلة لسير الدراسة الطبيعي تختلف كليا، ومن تم فبنود القوانين الداخلية هنا وهناك من المفروض ألا تكون على نفس المنوال طولا وقصرا وتركيزا، وتفرعا، وتنوعا، وتعددا، أضف إلى النقطتين السابقتين، أن تلك القوانين الداخلية تفتقر للردع التربوي الفعال الذي من شأنه أن يطوق مخالفات التلاميذ والتلميذات ويحد منها، إذ يلاحظ تركيزها في الغالب الأعم على الإقصاء إن من الفصل الدراسي وكذا من الأيام الدراسية، أو المطالبة بتغيير الوجهة إلى مؤسسة بديلة، في حين كان من الأولى أن يأخذ العقاب الزجري طابعا تربويا تعليميا، وشكلا معاكسا، بحيث يطالب التلميذ الذي صدر في حقه العقاب، بالحضور إلى المؤسسة في أوقاته الفارغة داخل جدوله الدراسي، لتلقي دعم تربوي تعليمي مباشر بعد القيام بأعمال بعينها، كترتيب الكتب في الخزانة أو سقي بعض الأغراس أو إزالة بعض ما أساء إلى الطاولات والجدران من كتابات، وغيرها من الأعمال المرتبطة بأجواء التربية والتعليم، وبذلك، فإنه، وحرصا منه على تمتعه بوقته الفارغ الخاص كغيره من أقرانه، سيتلافى ولا شك اقتراف الأخطاء التي قد تعرضه للمحاسبة في إطار القانون الداخلي للمؤسسة.
على الإعداديات والثانويات إعادة النظر في القوانين الداخلية، فسحب النسخ القديمة منها سنة دراسية بعد أخرى، لم يعد يجدي في شيء، لأن سلوكات التلاميذ وتصرفاتهم داخل المؤسسات التعلمية في تغير متواصل، وحدتها تختلف حسب المناطق، ولم لا الأحياء داخل المدينة الواحدة، مما يستدعي وضع كل ذلك نصب العين أثناء صياغة تلك القوانين الداخلية حتى تكون مواكبة للمستجدات والحالات الطارئة، وواضعة لها الحلول المناسبة في حينه لكيلا تتأصل وتأخذ صبغة الظواهر التي يصعب اجتثاثها وتلافي عواقبها الوخيمة.