حوار الأسبوع

حوار الأسبوع | جهود التنمية تنقصها مشاركة 11 مليون امرأة

الوزيرة عواطف حيار في حوار خاص مع "الأسبوع":

في مكتب يحتل فيه “قسم المسيرة” جزء مهما من الديكور العام بالإضافة إلى الصور الملكية، تعكف الوزيرة عواطف حيار على خلق دينامية جديدة لوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، وهي بخلاف وزيرات سابقات كن يفضلن الحديث عن المرأة بشكل منفصل(..)، فهي تفضل الربط بين المرأة والأسرة والتنمية، وتؤكد من خلال دردشة قصيرة مع “الأسبوع”، اعتزازها بالثقة الملكية، التي جعلتها على رأس قطاع اجتماعي كبير، يضم الفئات المعوزة.

ولا يخلو حديث الوزيرة حيار عن الحديث عن “القيم”، حيث قالت في تعليقها على مشاهد نجاح المنتخب المغربي في قطر: “أحسست بوجود قوة أكبر لدى اللاعبين، من خلال بروز منظومة من القيم تؤكد أن اللاعبين أقوياء.. والحمد لله نحن المغاربة لدينا صمود داخلي منبثق من منظومة القيم المغربية الأصيلة، التي تمتد تاريخيا لآلاف السنين.. والتي وإن تغيرت، إلا أن هذا التغيير كان دائما يظل في إطار الثوابت، وهي الأسرة والآباء والله والوطن والملك”.

فيما تتحدث الوزيرة حيار عن استراتيجية “جسر” و”المناظرة الوطنية الأولى حول المرأة والأسرة ورهان التنمية”، وفوق كل ذلك تقول: ((المرأة والأسرة والتنمية مسألة مهمة جدا في الوقت الحاضر، فالجانب القانوني “مشينا فيه بعيد”، حيث المنجزات التشريعية والدستورية مهمة جدا، لكننا نلاحظ أن 20 في المائة من النساء فقط هن من يشتغلن، وحوالي 14 في المائة من النساء، هن في سن الشغل لا يشتغلن، ما يعني أن 11 مليونا من النساء لا يشتغلن، ويبقين في البيوت، وهذا يبين أن التنمية محرومة من مشاركة هذه الفئة، فهؤلاء النسوة أغلبهن ربات بيوت، وهو ما يعني أننا يجب أن نشتغل على الأسرة، والاستثمار فيها ومواكبتها، لتكون فضاء، ليس لخنق المرأة، بل يجب أن تكون الأسرة منفتحة، ونحن لا نقول بأن المرأة يجب أن تخرج بالضرورة للعمل، بل يجب أن تكون مشاركة في التنمية)).

حاورها: سعيد الريحاني

تتمة المقال بعد الإعلان

▼ كيف كنتم تتابعون صور المشاركة المغربية في مونديال قطر حيث تم التركيز على “قيم الأسرة”؟

◀ صراحة، تابعت مباريات المنتخب المغربي خلال مشاركته في المونديال، وقتها كنت في مراكش وقلت “إن شاء الله نربحو الكاس”، ليس لأنهم ربحوا في المباريات الأولى، ولكن كانت هناك أمور أخرى مثل السجود شكرا لله، بالإضافة إلى الإحساس الذي انتابني بوجود أمور أخرى أكبر من كرة القدم.. أنا أنتمي للدار البيضاء وأحب كرة القدم، لكن عندما رأيت الأمهات يتبادلن التحية مع أبنائهن اللاعبين، أحسست بوجود قوة أكبر لدى اللاعبين، من خلال بروز منظومة من القيم تؤكد أن اللاعبين أقوياء.. والحمد لله نحن المغاربة لدينا صمود داخلي منبثق من منظومة القيم المغربية الأصيلة، التي تمتد تاريخيا لآلاف السنين.. والتي وإن تغيرت، إلا أن هذا التغيير كان دائما يحصل في إطار الثوابت، وهي الأسرة والآباء والوطن والله والملك.. المغاربة متشبثون بقيمهم لكنهم منفتحون على التطور، ولا يفوتني هنا أن أشكر المنتخب الوطني على الفرحة التي أدخلها لقلوب المغاربة.

استقبال أمهات اللاعبين من طرف الملك يحمل عدة رسائل..

▼ ما تعليقك على تخصيص استقبال ملكي خاص للأمهات ؟

تتمة المقال بعد الإعلان

◀ نحن نعرف الأهمية الكبرى التي يوليها جلالة الملك للمرأة، وقد تجسد ذلك في خطاب العرش 30 يوليوز 2022، حيث تم تخصيص حوالي نصف الخطاب للنهوض بوضعية المرأة والأسرة، وصاحب الجلالة لطالما أكد على مكانة المرأة منذ الأسابيع الأولى لتوليه العرش سنة 1999، حيث قال: “النساء شقائق الرجال”، أما بخصوص صور استقبال أمهات اللاعبين، فقد كانت صورة رائعة تحمل رسالة مفادها أن قيم الأسرة المغربية هي أساس قوتنا.. فعندما يكرم أعلى سلطة في البلاد الأمهات، فذلك تكريم للأسرة والأم والمرأة، لأن بعض أولئك الأمهات عشن ظروفا صعبة، لكن المرأة المغربية قوية وصامدة ومكافحة، وعندما تعطى لها الفرصة لتشتغل وتكافح، لا تربح وحدها، بل إنها تنجح رفقة أسرتها وأبنائها، والرسالة الملكية بهذا الخصوص واضحة جدا، وهي تكريم المرأة المغربية والأسرة المغربية.

أمي كانت تقول لي: “يوما ما ستصبحين وزيرة”

▼ كيف تلقيتم تعيينكم كوزيرة لأول مرة ؟

◀ كان هناك شعور بالفخر، وفي نفس الوقت إحساس بثقل المسؤولية، نظرا لثقة صاحب الجلالة فيّ كوزيرة، فهذه ثقة غالية..

▼ (مقاطعا) هل توقعت ذلك في يوم من الأيام؟

◀ (تجيب مبتسمة) والدتي هي التي كانت تقول لي: “غادي تكوني وزيرة” رغم أني كنت أستبعد ذلك في حواري معها.. ولو لم تكن ثقة صاحب الجلالة، ربما لم أكن لأصبح وزيرة، لأن صاحب الجلالة هو الذي فتح المجال للمرأة المغربية، والحمد لله في ظل ذلك، حققت المرأة عدة نجاحات، ونحن نلاحظ أن المجتمع “ذكوري”، لكن بفضل الرؤية السديدة، والاستباقية، لم يكن ليفتح لنا هذا الباب.

المجتمع ذكوري.. لكن المبادرات الملكية تنصف المرأة

▼ وصفتم المجتمع بأنه “مجتمع ذكوري”.. هل تقصدين أن كل ما تحقق مرتبط بالمبادرات الملكية؟

◀ طبعا، فعندما مثلت بلادي كوزيرة سنة 2022 في جنيف، خلال تقديم التقرير الخامس والسادس، أمام لجنة “سيداو”، قدمنا إنجازات دفعت اللجنة نفسها إلى تهنئة جلالة الملك، فبفضله وصلت المرأة إلى ما وصلت إليه، وقد كانت هناك محطات قوية كلها حصلت في عهده، مثل دستور 2011 ومدونة الأسرة، وقانون الجنسية، ومحاربة العنف ضد النساء، والمؤسسات الدستورية التي رأت النور في عهد جلالة الملك، بالإضافة تكريس المساواة في الدستور، إذن، هناك افتخار بثقة جلالة الملك، والثقة كبيرة من حيث تكليفنا بالقطاع الاجتماعي، لأن القطاع الاجتماعي مرتبط بالفئات الهشة، وأن يضع صاحب الجلالة بين يديك تدبير قطاع اجتماعي يضم الفئات الهشة، فهذه ثقة سامية كبرى تجعلني أشتغل بقوة كبيرة لأكون في مستوى الثقة الملكية، وثقة الشعب المغربي، وثقة الحزب الذي أنتمي إليه..

هذه أهداف المناظرة الوطنية الأولى حول المرأة والأسرة والتنمية

▼ ستنظمون بعد أيام المناظرة الوطنية الأولى حول “المرأة والأسرة ورهان التنمية”، ما هي الغاية من تنظيم هذه المناظرة؟

◀ اقتداء بالتوجيهات السامية في خطاب العرش 2022، حيث تم تخصيص جزء كبير من الخطاب للنهوض بوضعية المرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، هو ما خلق دينامية كبيرة في المجتمع، حيث بدأت المنظمات النسائية والحزبية والمؤسسات الوطنية والقطاعات الحكومية تنظم ورشات وأنشطة مختلفة.. ونحن كوزارة تضم قطاع الأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية، ارتأينا أنه من الواجب علينا رصد هذه المقترحات الموجودة، وخلق نقاشات والخروج بخلاصات، وتهدف المناظرة بالأساس إلى الاستماع لجميع المقترحات، والخروج بمحاور عملية أساسية نشتغل عليها، لا سيما وأننا نشتغل على الخطة الحكومية الثالثة للمساواة، وفي نفس الوقت، نشتغل كي نستمع لجميع الفاعلين الذي لهم صلة بموضوع المرأة، في إطار اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة التي تم خلقها سنة 2022 ويرأسها السيد رئيس الحكومة، ولكن هذه اللجنة لا تضم الحكومة وحدها، بل هناك المجتمع المدني والقطاع الخاص، وهناك كذلك التزامات في أهداف التنمية المستدامة، في الهدف الخامس الذي ينص على المساواة بين الجنسين، وهناك كذلك التزامات في إطار النموذج التنموي الجديد الذي يستهدف الوصول إلى 45 في المائة من النساء في أفق 2035، وهناك التزام أقرب يهدف إلى الرفع من مشاركة النساء إلى 30 في المائة في أفق سنة 2026، إذن، هذا الأمر مرتبط بترصيد الأولويات وضبطها في الوقت لإنجاحها..

إذن، المرأة والأسرة والتنمية مسألة مهمة جدا في الوقت الحاضر، فالجانب القانوني “مشينا فيه بعيد”، حيث المنجزات التشريعية والدستورية مهمة جدا، لكن نلاحظ أن 20 في المائة فقط من النساء هن من يشتغلن، وحوالي 14 في المائة من النساء هن في سن الشغل لا يشتغلن، ما يعني أن 11 مليونا من النساء لا يشتغلن، ويبقين في البيوت، وهذا يبين أن التنمية محرومة من مشاركة هذه الفئة، هؤلاء النسوة أغلبهن ربات بيوت، وهو ما يعني أننا يجب أن نشتغل على الأسرة، والاستثمار فيها ومواكبتها، لتكون فضاء، ليس لخنق المرأة، بل يجب أن تكون الأسرة منفتحة، ونحن لا نقول بأن المرأة يجب أن تخرج بالضرورة للعمل، بل يجب أن تكون مشاركة في التنمية، ولها إمكانية الولوج للمعرفة، والرقمنة، وقادرة على مساعدة أبنائها في استعمال التقنيات الجديدة وكذا حمايتهم، لأن المرأة نفسها إذا لم تعرف مخاطر الأنترنيت، فلن تكون قادرة على حماية أسرتها.

▼ (مقاطعا) هل نفهم من كلامك أن اهتمام الأسرة ببيتها لا ينبغي أن يؤثر على مساهمتها ومشاركتها في التنمية واستفادتها من الرقمنة؟

◀ الأسرة يجب أن تكون داعمة للمرأة، حيث تكون لها في مجال ووسط الأسرة إمكانيات للولوج إلى آفاق المعرفة، والتكوين، دون أن تشتغل بالضرورة، لأن الأجيال المقبلة يجب أن تكون مؤطرة من طرف أم تعرف الرقمنة واللغات مثل اللغات الأجنبية والعربية والأمازيغية، لأن الطفل عندما يذهب للدراسة، يجب أن لا يكون عنده نقص مقارنة مع أقرانه في المدرسة.

بناء التنمية يمر حتما عبر الأجيال الحالية والمستقبلية، التي يجب مواكبتها قبل الدخول إلى المدرسة، ونحن كذلك نتحدث في إطار هذه الوزارة على اقتصاد الرعاية، فالأم في بيتها تهتم برعاية أطفالها ورعاية أطفال آخرين.. فالفكرة هي مواكبة المرأة سواء أرادت الاشتغال أم لا، فالأسرة يجب أن تكون داعمة للحقوق وداعمة للمرأة والرجل أيضا..

استراتيجية “جسر” هدفها القطيعة مع مقاربة “الإحسان”

▼ أطلقتم في وقت سابق مشروع “جسر”، ما الذي يميزه عن غيره من الاستراتيجيات والمشاريع؟

◀ الفرق هو خلق القطيعة بين مقاربة “الإحسان” والمرور نحو مقاربة جديدة تقوم على تقوية القدرات، فالقطب الاجتماعي اليوم يستفيد من خدماته حوالي 500 ألف مستفيد، بين مؤسسات الرعاية الاجتماعية والتكوين، والتعاون الوطني ووكالة التنمية الاجتماعية والمعهد الوطني للعمل الاجتماعي، لكن أغلبيتهم موجودة في المراكز التي يشرف عليها التعاون الوطني، والتي تواكبها وكالة التنمية الاجتماعية، وهذه السنة تمت إضافة 60 ألف مستفيد، استفادوا من خدمات الوزارة، وهؤلاء الأشخاص يوجدون في وضعية صعبة جدا.. لكن السؤال المطروح: هل سنستمر في تقديم مساعدات ضئيلة؟ فنحن نفضل أن يتم تكوينه لتعلم حرفة معينة أو لغات معينة وتمكينهم من الولوج للرقمنة، غير أن تحقيق ذلك لا يمكن أن يتم حضوريا بالنسبة لـ 500 ألف مستفيد، لذلك، نحن في حاجة إلى الاعتماد على المنصات الرقمية، وقد لاحظنا أن ذلك حصل عمليا خلال فترة انتشار فيروس “كوفيد”، من خلال التكوين عبر الرقمنة، وهناك استئناس للمغاربة بالرقمنة، ولاشك أنكم لاحظتم كيف أن بعض النساء يلجأن إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتحضير وصفات معينة، وقد قلنا أنه يجب تكوينها بنفس الطريقة من خلال “كبسولات” مبسطة، وهذا فقط لمحة عن “جسر التمكين والريادة” الذي يدخل في إطار استراتيجية “جسر”، وفي جملة واحدة، الهدف من “جسر” هو “كيف نعتمد على رافعة الرقمنة لمواكبة الأشخاص في وضعية صعبة لتقوية قدراتهم”.

“جسر” هو “مقاربة التنمية المستدامة” والتكوينات التي يجب تقديمها متماشية مع أهداف التنمية المستدامة، كما ينبغي مواكبة حتى “غير القادرين” وليس الأشخاص في وضعية صعبة فقط، خاصة الأشخاص “ذوي الهمم” الذي يوجدون في وضعية إعاقة.

بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة، كان هناك رهان لتنمية المراكز التي يوجدون بها، وهذه السنة تم تأهيل 300 مركز بصفة عامة، تضم 100 مركز خاص بالمعاقين، وكل سنة من الأربع سنوات المقبلة، فقد تمت برمجة تأهيل 1000 مركز كل سنة، وهذه السنة خصص البرنامج الحكومي 500 مليون درهم، أي ضعف ما كان يخصص من قبل، والهدف هو تمكين أكبر عدد من الأطفال من التمدرس، وتمكين أكبر عدد من الأشخاص للاستفادة من الأنشطة المدرة للدخل، وخلق منصات للمواكبة عن بعد، وهذا الأمر تم إنجازه سنة 2022، حيث وسعنا قاعدة المستفيدين الأطفال في التمدرس، كما رفعنا التعريفة، لأن الطفل الذي يعاني على سبيل المثال من التوحد أو عنده إعاقة ذهنية، تلزمه مصاريف أكثر من شخص آخر عنده إعاقة خفيفة، وفي هذا الصدد، رفعنا التعريفة من 700 درهم إلى 1200 درهم في الشهر، كما حسمنا وضعية العاملين في المجال الاجتماعي، وانتقلنا من 10 أشهر في السنة إلى تغطية 12 شهرا في السنة، وتم أخذ ظروف التنقل بعين الاعتبار، ومن جهة أخرى، فتحنا منصات مثل منصة “خدماتي” سجل فيها 100 ألف شخص من الراغبين في الحصول على بطاقة “الإعاقة”، كما حضرنا مرسوم “بطاقة الإعاقة” وهو لدى الأمانة العامة حاليا، وهي بطاقة ستكون مرتبطة بالسجل الاجتماعي الموحد.

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى