تحقيقات أسبوعية

متابعات | بن كيران يعود للصراع مع أخنوش من باب المحروقات

كشف عبد الإله بن كيران، عن الأسباب والدوافع التي جعلته يقدم على تحرير أسعار المحروقات في عهد رئاسته للحكومة، وذلك خلال اللقاء الدراسي الذي نظمه حزب العدالة والتنمية حول تقرير مجلس المنافسة الأخير بشأن سوق المحروقات بالمملكة، وعلاقته بتقرير اللجنة الاستطلاعية البرلمانية والذي رصد وجود احتكار وأرباح فاقت 17 مليار درهم، وانتقد صمت الحكومة تجاه سوق المحروقات الذي يعرف تركيزا اقتصاديا، وغياب المنافسة من قبل الشركات الفاعلة في القطاع، والتي اتهمها بالتوافق فيما بينها من أجل توحيد الأثمان على المواطنين وتغييب المنافسة بهدف تحقيق أرباح مهولة، مشيرا إلى أن تقريري مجلس المنافسة ولجنة المهمة الاستطلاعية بالبرلمان، يؤكدان تحكم أربع شركات كبرى في القطاع، لا سيما في مجال الاستيراد والتوزيع.

إعداد: خالد الغازي

    دعا بن كيران رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى الخروج إلى المواطنين، رغم أنه ليس مسؤولا عن الشركة الأولى، قصد الإجابة عن تساؤلات الرأي العام بخصوص أرباح 17 مليار درهم، والامتيازات التي تحصلت عليها الشركات، ومسؤولية الحكومة في ضبط هذا القطاع وإخضاعه لقواعد معينة، مطالبا الدولة ببذل مجهودات إضافية لضبط تسويق المحروقات عبر الوسائل القانونية وآلية التشريع.

سياسة خاضعة للتحكم

    خلال ذات اللقاء، تحدث بن كبران عن تجربة العدالة والتنمية وممارسته للسياسة منذ انضمامه إلى حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية برئاسة الدكتور عبد الكريم الخطيب، قائلا: “الحزب يجب أن يتعامل مع السياسة كسياسة، فنحن لسنا منظمة ثورية، وليست لدينا إشكاليات مرتبطة بالمؤسسات، ونحن نشتغل في إطار الدستور والمؤسسات، ونتعامل معها على هذا الأساس، لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أنه كاين اللي كيقول هذشي ليس له أهمية وكلشي مزور، وكلشي ماشي دقيق وماشي صحيح، غير للاستهلاك الداخلي وغير لربح الوقت وترتيب الفضاء”، منتقدا من يقول هذا الكلام، لأنه رفقة إخوانه يمارسون السياسة منذ سنة 1992، قبل الانضمام إلى حزب الخطيب “الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية” وتغيير اسمه إلى العدالة والتنمية سنة 1998.

وأكد أن السياسة في المغرب هي سياسة رغم أنها ليست ديمقراطية 100 في المائة، إلا أنها ليست سياسة مزورة أو مغشوشة، بل هي سياسة ديمقراطية فيها نوع من التحكم، ولكنها تسمح بإمكانية التصحيح والإصلاح والنقد، كما تقع فيها تعسفات هنا أو هناك، وحزب العدالة والتنمية يمارس السياسة في هذا الإطار، معتبرا أنه آن الأوان للدولة والأحزاب التعامل مع السياسة الحقيقية بجدية، وأن تكون الانتخابات انتخابات والنتائج نتائج، وأن تكون المؤسسات مؤسسات حقيقية لديها الحرية، وتكون الأحزاب ذات مصداقية، منبها إلى أن الاستمرار في هذا الطريق، يمكن أن تحدث فيه تعثرات، وربما قد يكون هناك تعثر لا نستطيع القيام منه، وهو الأمر الذي لا نريده لبلادنا.

وقال بن كيران: “هناك مسائل أساسية اللي كتمشي في إطار هاذ الدولة، وهذه المسائل الأساسية خاص نقومو ليها بالأساليب البشرية ونضمنو ليها الاستمرارية، والضمان يكون عبر القانون والوسائل القانونية، إيلا جيتي تتكلم مع الناس، فاللي تكلمتي ليه على الانتخابات يقول ليك مزورة، واللي قلتي ليه الثروة يقول ليك الريع والصفقات التي لا تخضع لقواعد التنافسية، واللي قلتي ليه الخدمة يقول ليك باك صاحبي، هاذ الأساليب ماشي مشكلتها أنها سيئة ولاأخلاقية، مشكلتها أنها لا تستطيع ضبط القواعد التي تضبطها، دابا ولد في أسرة تقول ليه قرا يقول ليك علاش غادي نقرا، القراية ماشي هي اللي وصلات فلان، ووصلات أشخاص مجهولين في المجتمع كانت عندهم وظائف صغيرة وأصبحوا بين عشية وضحاها رؤساء أحزاب أو وزراء أو أصبحوا أثرياء”، وأكد أن المغرب شأنه عالي ومرفوع بين دول الأمة العربية والإسلامية، ويستحق أن يكون في مقدمة الأمم التي يشبهها، لهذا نريد أن نكون مطمئنين، وأن يتحلى المواطن بالمسؤولية، وعلى الدولة أن تبذل مجهودات لأن لديها الوسائل والإمكانيات لذلك، ولديها التشريع لتضبط الحقيقة وتضمنها عبر آليات القانون الذي بيدها، مشيرا إلى أننا في المغرب لا نتخوف من أي شيء، وأي شخص يهدد البنية والتوازن أو المؤسسة أو الدستور، نحن مستعدون لمواجهته، يقول بن كيران.

أرباح مهولة لشركات المحروقات

     في موضوع المحروقات، قال عبد الإله بن كيران، أن هذه القضية متعلقة بإشكال مرتبط بقرار سياسي، ويتعلق الأمر بتحرير سوق المحروقات، الذي اتخذته الحكومة التي كان يترأسها، والذي كلفه ثمنا غاليا خلال سنوات طويلة، من قبل جهات وصفها بالمغرضة، رغم أن ثمن البنزين والغازوال في ولايته لم يتجاوز 9 دراهم و10 دراهم، منتقدا عدم اعتراف فوزي لقجع وعزيز أخنوش بفضل حكومته على الحكومة الحالية، من خلال تحرير المحروقات حفاظا على الميزانية، قائلا: “أخنوش وفوزي لقجع قالوا إيلا ردينا الدعم لميزانية المحروقات غادي تكون الميزانية مثقوبة، كان عليه يقول شوية الصواب ويشكرو حكومة بن كيران اللي دارت تحرير المحروقات، ولقجع قال كون بقى الدعم كون دابا ميكونش الاستثمار والصحة والتعليم، كيتكلم على 87 مليار درهم للناس وهما يحتاجوا 100 مليار درهم”.

وكشف ذات المتحدث، أن ما حصل من تحرير لسوق المحروقات، مثل ما حصل لزيت المائدة، التي تم رفع الدعم عنها سابقا، وظل الثمن منخفضا لأن المنافسة كانت بين الشركات جارية، معتبرا أن ما وقع في قطاع المحروقات بعد التحرير، هو نوع من التواطؤ بشكل أو بآخر بين مكونات توزيع المحروقات باستثناء الغاز، حيث الربح الرسمي كان 60 سنتيما في اللتر، بعد الخروج من الحكومة ربما تجاوز درهمين، بمعنى أن الشركات حققت أرباحا إضافية مهولة”، مشيرا إلى أن الصحافة تحدثت عن توصل لجنة المهمة الاستطلاعية إلى أرباح بلغت 17 مليار درهم، ثم راج كلام عن أرباح وصلت لـ 38 مليار درهم، متسائلا: “واش هذ المبلغ ربح حقيقي ولا غير حقيقي؟ واش هو مستحق أو غير مستحق؟”.

وأوضح بن كيران، أن حزبه يشتغل بشكل ديمقراطي وفي إطار قانون ملكي، ولكن توجد أشياء لا تصلح للمغرب، تتعلق باستفادة بعض الجهات، ولكي نكون واضحين، فهذه الاستفادة غير مشروعة وغير معقولة في الوقت الحالي، مشددا على ضرورة اهتمام المواطن بالشأن السياسي، وينتقد الأمور التي ليست في محلها ويحتج عليها، أما الشخص الذي لا يهتم بأي شيء وينتظر حدوث شيء “ربما تتقربل”، فهذا تفكيره غير صحيح.

 

 

دوافع تحرير المحروقات

    من بين الأسباب التي جعلت بن كيران يقدم على تحرير سوق المحروقات بالمغرب، أن الدولة كانت تؤدي عن كل شخص يشتري لترا من البنزين أو الغازوال، 4 دراهم، والفيول المستعمل في الصناعات حوالي 30 درهما، يقول بن كيران، الأمر الذي خلق أزمة في ميزانية الدولة وأصبحت على أبواب الاختناق بسبب الدعم الذي كان يخصص لقطاع المحروقات من الميزانية والذي كان يصل في السنوات العادية حوالي 30 مليار درهم، وازداد في عهد حكومته إلى 57 مليار درهم، التي تمثل الربع من ميزانية المغرب، مضيفا أن مداخيل الدولة تصل لـ 220 مليار درهم من مختلف القطاعات، والنسبة الأعلى تأتي من الضرائب التي تصل لـ 180 مليار درهم تقريبا، مما دفعه للجوء إلى تحرير القطاع، لأن الدعم كان يقدم للشركات من صندوق المقاصة بناء على وثائق بخصوص عمليات استيراد المحروقات.. هل ألف طن أو مائة ألف طن، حيث لم تكن لديه الوسائل للتأكد من هذه العمليات، وأكد أن الحكومة في عهده قررت المضي قدما في تحرير أسعار المحروقات بالرغم من خطورة القرار، الذي كان يهدد بسقوط حكومته، لكن لحسن الحظ، تزامن مع انخفاض في سوق البترول عالميا، وانخفض الثمن بالنسبة للمواطن بـ 50 سنتيما بعد التحرير، معتبرا أن ما يحصل هو مرتبط بعمليات التركيز، المتمثلة في سيطرة أربع شركات على عمليات استيراد المحروقات (البنزين والغازوال)، حيث لم يكن هذا التخفيض في الأثمنة بالطريقة المنتظرة، إلا أن الجانب الإيجابي يكمن في كون الدولة لم تعط أي درهم لأي شركة منذ ذلك اليوم، معتبرا أن التحرير شكل أكبر قرار اقتصادي اتخذ بالمغرب منذ الاستقلال إلى اليوم، والذي لولاه لما كان هناك تعليم ولا صحة ولا استثمار عمومي، والذي يتعلق بجزء كبير من الميزانية يتم تخصيصه لإنجاز المشاريع الكبرى والطرق والسدود، ويوفر فرص شغل للشركات.

إشكالية المنافسة بين الشركات

     تحدث بن كيران عن وجود إشكالية في المنافسة غير الواضحة بين الشركات الناشطة في قطاع المحروقات، والتي يجب أن تطبق في السوق بشكل يتماشى مع تكلفة استيراد كل شركة للبنزين أو الغازوال قائلا: “المنافسة ليست لها علاقة بـ 15 يوما أو بشهر، فأنا اشتريت البنزين يوم أمس بثمن غالي، واليوم شريتو بثمن رخيص، نقص اليوم، وهذي هي المنافسة، أتذكر فواحد الوقت كنت باقي صغير،  اللحم تباع بـ 50 ريال، لأن المنافسة كانت قائمة بين الجزارة، لهذا قضية المنافسة هي واحد الإشكال كبير، ونحن نظن – حسب التقارير – أنه وقع اتفاق في مستوى معين، اللجنة الاستطلاعية التي ترأسها بوانو كانت كدير أشغالها وتوصلت بأن الأرباح تجاوزت درهم ووصلت إلى 3 دراهم إضافية، لكن وقعت عليه ضغوط وعلى اللجنة في البرلمان حتى تم تخفيض التقدير المتوسط في الأرباح إلى درهم زائد عما كان، بمعنى آخر، أن الأرباح التي كانت تأخذ بطرق مشبوهة فيما سبق، أصبحت تأخذ من خلال تغييب المنافسة والاتفاق على أثمان معينة”، مشيرا إلى أن الإشكال لا زال مطروحا بحسب تقارير اللجنة الاستطلاعية ومجلس المنافسة.

وأوضح أن المشكلة تكمن في الاتفاق والاحتكار بين الشركات، بمعنى أنه عندما لا يقرر الفاعلون تفعيل المنافسة، يصبحون في الاحتكار الذي هو حرام، مشددا على أهمية تطبيق المنافسة لكي تنخفض أسعار المحروقات، خاصة وأن هذه المرحلة أصبح فيها البنزين والغازوال بثمن 15 درهما أو 16 أو 17 درهما، رغم وجود أسباب خارجية تتمثل في الحرب بين أمريكا وروسيا في أوكرانيا، والتي جعلت منابع النفط متوقفة، أو تخرج السفن بصعوبة، مما أدى إلى رفع الثمن، معتبرا أن هناك إمكانية لكي تنخفض أسعار المحروقات ويتمكن المواطن العادي والبسيط (صاحب دراجة نارية)، من شراء البنزين لنفسه ولا يتأثر بالغلاء.

رسالة بن كيران لأخنوش

     دعا عبد الإله بن كيران عزيز أخنوش، رغم أنه لم يعد مسؤولا في شركته الأولى في هذا المجال، إلى الخروج للعلن وتوضيح العديد من الأمور المتعلقة بقطاع المحروقات وقضية الـ 17 مليار درهم، قائلا: “على الأقل رئيس الحكومة وخا مبقاش رسميا مسؤولا عن الشركة الأولى في هذا المجال، خاصو يخرج يوضح ويشرح للناس حكاية 17 مليار درهم أو 38 مليار درهم، واش كاينة ولا ماكيناش وفين مشات وشكون اللي استافد منها”، موضحا بخصوص الإشكال القائم حاليا بين المواطن والشركات، “أنا دابا كنقول ليهم: لا ينفعكم في المستقبل إلا تقوى الله في احترام قوانين وقواعد السوق”.

وشدد بن كيران على ضرورة استرجاع المواطن للثقة في الدولة وفي المؤسسات، لأن الثقة هي أساس الدولة والعدل أساس الملك، وهناك مؤسسة أساسية في الدولة هي الحكومة التي تخضع للمساءلة، ويجب أن تفهم دورها، المتمثل في ضبط سوق قطاع المحروقات و”لا يمكن ليهم يخربقوا علينا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى