عبد الله جداد. العيون
لو اعتمد المغرب في مقاربته في ملف الصحراء على دور الشيوخ والأعيان في حل مشكل الصحراء مع أبناء العمومة في جبهة البوليساريو، لكان الأمر أسهل إلى التحقيق، حيث تلعب الوساطة والأعراف دورا أساسيا في حل النزاعات الداخلية بين الصحراويين، وتقوية العلاقات بين أبناء مجتمع البيضان، وهو ما سجله التاريخ على الشيخ الحاج إبراهيم ولد الرشيد، شقيق خليهن رئيس “الكوركاس” وحمدي ولد الرشيد رئيس بلدية العيون، والشرفي سيدمو، أحد أعيان السمارة، والرجلان ينحدران من قبيلة الشرفاء الرݣيبات، معروفان بمواقفهما الوطنية وورعهما في الدين وزهدهما عن الدنيا، وقد استطاعا أن ينتصرا للخير ويقومان بدور الوساطة في الكثير من القضايا الشائكة.
وقد شكل تكريم ولد الرشيد والشرفي حدثا متميزا أضاء فعاليات منتدى العدالة الرابع بالسمارة، حيث اعتبرها الجميع خطوة رمزية مفعمة بالمعاني والدلالات وتعكس المكانة الخاصة التي يحظى بها الرجل في أوساط القبيلة خاصة والمجتمع الصحراوي ككل، وهو ما دفع قبيلة الشرفاء الرݣيبات إلى نهج تقاليد أهل الصحراء بتكريم المكرمين، في وقت تعيش فيه قضية الصحراء انفراجات سياسية، وفي خطوة تشيد بمبادرة رجال المحاماة والقضاء والعدل الذين اعترفوا بدور الأعراف في فض النزاعات في المناطق الصحراوية، نظير دورهما الطلائعي وأياديهم البيضاء في إصلاح ذات البين ورأب الصدع بأسلوب ودي بين الأفراد والقبائل في المجتمع المحلي.
وتعتبر قبيلة الشرفاء الرݣيبات إحدى أكبر وأقوى قبائل الصحراء والتي يحتل أبناؤها مناصب القيادة هنا وهناك، تقدمت بمختلف مكوناتها يتقدمهم شيوخها وأعيانها، ووسط حضور حاشد ولافت لشبابها ونسائها، إلى “خيمة أهل الرشيد”، وبالضبط منزل الحاج إبراهيم ولد الرشيد، تحمل معها تكريما ذا طابع خاص، لشخصية استثنائية لطالما تميزت بحضورها الاجتماعي البارز، وبمواقفها الإنسانية المشهودة، وباعتباره أحد رموز القبيلة الأفذاذ وأحد حملة مشعل نهضتها ورفعتها والذود عن حمى وحقوق أفرادها في مختلف المحطات.
وقال ولد الرشيد، أن ما يقوم به من دور، يأتي بناء على حاجة المجتمع لذلك، وتشبث أهل الصحراء بقيم وأخلاق ونهج سيرة السلف، وأنه في هذا اليوم بالذات انتهى من عملية صلح دامت يوما كاملا بمحكمة الاستئناف سهلت مساطر المحكمة، وقربت وجهات النظر واستحق كل طرف جزاءه، وهذه الخطوة الرمزية التي تنم عن تقدير عميق من لدن مكونات القبيلة لأحد أبنائها البررة ورموزها البارزة ممن كانوا دائما في مقدمة المدافعين عنها، والذين لم يبخلوا يوما بكل ما من شأنه أن يكرس عزتها ورفعتها، أراد من خلالها أبناء قبيلة الشرفاء الرݣيبات، التعبير عن تقديرهم واعتزازهم بالحاج إبراهيم ولد الرشيد، الذي يحفل تاريخه بالمواقف الإنسانية العظيمة والمشهودة، والتي سيسجلها تاريخ أهل الصحراء بمداد من ذهب في سجلاته الخالدة.
وقد تناوب على منبر التكريم العديد من المتدخلين من شخصيات وأعيان وشيوخ وأبناء القبيلة، الذين أكدوا جميعا، أن التكريم المستحق والمقدم للحاج إبراهيم ولد الرشيد والشرفي سيدمو بالسمارة، الذي سيعرف نفس المبادرة بعقر داره قريبا، هو تكريم لكل أبناء القبيلة، ويعد ثمرة جهودهما الكبيرة ودعمهما اللامحدود لمختلف المبادرات الهادفة إلى إصلاح ذات البين ورأب الصدع بين مختلف أطياف مجتمع الصحراء على امتداد تواجده الجغرافي.