شخصيات

حوار الأسبوع | مختلسو المال العام يجب معاقبتهم بغرامة كبيرة بدل الحبس

إدريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي في حوار مع "الأسبوع":

أكد إدريس السنتيسي، رئيس فريق حزب الحركة الشعبية في مجلس النواب، أن المعارضة تجد صعوبة في التواصل مع الحكومة ورئيسها، لمناقشة العديد من القضايا التي تتعلق بالرأي العام، معتبرا أن النظام الداخلي لمجلس النواب يقلص ويحد من حرية المعارضة في ممارسة دورها، بينما تحصل الأغلبية، المساندة للحكومة، على كل الوسائل وتلتقي بأعضاء الحكومة في عدة فضاءات ولديها الوقت الكافي.

وانتقد السنتيسي رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بسبب عدم تواصله مع المعارضة، وحضوره لمجلس النواب مرتين فقط في إطار المساءلة الشهرية وعدم تجاوبه مع مطالب المعارضة، مشيرا إلى أن الوزراء الأولون في السابق كانوا يعقدون لقاءات مع أحزاب المعارضة لمناقشة القضايا الراهنة.

واعتبر رئيس الفريق الحركي، أن المعارضة لا تعارض الدولة ولا البرلمان، وتمارس دورها في إطار التعبير عن المواقف دون مزايدات، مشيرا إلى أن التنسيق بين فرق المعارضة مكن من تقديم الكثير من المقترحات تتعلق بالعديد من القطاعات، عكس الأغلبية الحكومية التي لم تقدم أية مشاريع أو مقترحات.

 

حاوره. خالد الغازي

▼ ما دور المعارضة الحالية في مجلس النواب؟ وهل من صعوبات أمامها ؟

◀ موقع المعارضة هو موقع كباقي المعارضات التي سبقتها، والدستور المغربي أعطى صلاحيات وأطر دور المعارضة، لكن مع الأسف، النظام الداخلي لمجلس النواب لا يرقى لما أعطاه الدستور، بحيث أصبحنا نسعى لكي يكون للمعارضة مجال أكبر للتعبير وإبداء الرأي وتقريب وجهة النظر في القضايا الآنية.

فالمعارضة لا تعارض الدولة، بل إنه لم يعد لدينا هذا المشكل مطروحا في المملكة، لدينا أحزاب وطنية متفقة حول القضايا الكبرى للبلاد التي يقودها الملك محمد السادس، أما البرلمان، فنحن جزء منه، نمارس دورنا في إطار التعبير عن المواقف والرأي، ورئيس المجلس هو رئيس للجميع، لكننا غير راضين على النظام الداخلي الحالي، وحاليا هناك لجنة تضم ممثلين عن الفرق قصد مراجعته.

 

▼ هل النظام الداخلي يحد من عمل المعارضة داخل المجلس ؟

◀ النظام الداخلي للمجلس يتحدث عن النسبية حسب عدد النواب لدى كل فريق، بحيث أن الأغلبية المساندة للحكومة لديها 80 بالمائة من الوقت، بينما للمعارضة 20 بالمائة فقط، وهذا توزيع غير مفيد، لكن خلال مساءلة رئيس الحكومة في الجلسة الشهرية، يتم توزيع الوقت بين الأغلبية والمعارضة مناصفة، 50 بالمائة لكل طرف، مما يعطي الوقت الكافي لطرح السؤال والمناقشة، وهذا ما يجب العمل به خلال جلسات الأسئلة، لأن المعارضة لديها فضاء واحد لمساءلة الحكومة ورئيسها، بينما الأغلبية لديها عدد من الفضاءات الأخرى.

وفي هذا السياق، تقدمت الحركة الشعبية بمقترح قانون يقضي بتنظيم عمل المعارضة داخل مجلس النواب، لأن الوقت الزمني الممنوح لفرق المعارضة لا يتجاوز دقيقتين إلى ثلاثة دقائق، وهي مدة غير كافية لتبليغ فكرة أو لتنوير الرأي العام.

▼ هل تقدمت المعارضة بمقترحات للحكومة في إطار مجلس النواب ؟

◀ المبادرة التشريعية من قبل الحكومة شبه منعدمة لحد الآن، بحيث أن المعارضة لوحدها من تقدمت بعدة مبادرات ومقترحات بلغت أكثر من 70 مقترحا، لم يتم مناقشة أي مقترح منها رغم جودتها، في الوقت الذي يمنح للحكومة والأغلبية الحق في التصرف فيها، بحيث أن المعارضة تثير انتباه الحكومة التي لها الحق في انتقاء المقترحات الجدية والمعقولة، وتحولها إلى مشاريع أو قانون يمكن تقديمه في السنة المقبلة، مثل مقترح تقدم به الفريق يتعلق بحقوق المعارضة وقد كان على الحكومة التفاعل معه.

والملاحظ أن الحكومة لم تأت بأي مخطط تشريعي للبرلمان، والمطلوب منها هو إعداد مخطط تشريعي وفقا للبرنامج الحكومي، الذي لم نتفق حول بعض أجزائه.

والمعارضة لديها قوة اقتراحية بينما الأغلبية لم تأت ولو بمقترح قانون واحد، وقد تقدمنا بمقترحات تتكون من 50 إلى 60 مادة، تتعلق مثلا بتنظيم عمل الحكومة وتعدد مهام أعضاء الحكومة مع رئاسة الجماعات، حيث أن القانون لا يطبق بأثر رجعي، وللإشارة، فقد تقدمت باستقالتي من عضوية المجلس الوطني لحقوق الإنسان عقب صعودي للبرلمان، لأنها تعتبر حالة التنافي، ولم يسبق لي أن تلقيت منه أي تعويض حول هذه المهمة.

▼ كيف هي علاقة المعارضة مع رئيس الحكومة ؟

◀ فعلا، يوجد مشكل تواصل بين رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، فخلال مدة أربعة أشهر داخل مجلس النواب، انعقدت الجلسة الشهرية لمساءلة السيد رئيس الحكومة مرتين فقط، وقد كان من المفروض على رئيس الحكومة أن يستدعي المعارضة ويناقش معها قضايا الساعة، لأنها ليست بخصم، بل جزء من البرلمان.

صراحة، نحترم عزيز أخنوش وعائلته، كصديق ورجل وطني، ولكن ننتقد تصريحاته التي يقول فيها أن الحكومة لا تتكلم بل تعمل، لأن رئاسة الحكومة ليست مؤسسة شخصية.. من المفروض عليها التواصل مع الشعب والفرق البرلمانية، وإذا عدنا للماضي، فقد كان الوزراء الأولون يعقدون اجتماعات مع أحزاب المعارضة ورؤساء الفرق لمناقشة القضايا الراهنة.

▼ ما هي ملاحظاتكم بخصوص البرنامج الحكومي ؟

◀ الأولويات التي يتضمنها البرنامج نحن غير متفقين عليها، لأننا خرجنا من أزمة الجائحة خلال سنة ونصف والتي كانت لها أثار وانعكاسات سلبية على شريحة كبيرة من المواطنين، قلنا لهم أن هناك أولويات مستعجلة جدا، تتجلى في دعم الفقراء والمحتاجين، والمقاولات الصغرى لإعادة تشغيل 800 ألف شخص الذين فقدوا وظائفهم ومصدر رزقهم خلال فترة الجائحة.

الكثير من المقاولات تعيش صعوبات كبيرة، بحيث هناك من لم يستطع تسديد فاتورة الكهرباء، وهناك عدد من المهن المتضررة في السياحة والصناعة التقليدية، لهذه الأسباب، طلبنا ميزانية تعديلية في قانون المالية في ظل وجود الأزمة، لكن الحكومة مصرة على عدم تعديل قانون المالية.

▼ هل أنتم ضد سحب قانون “الإثراء غير المشروع” ؟ 

◀ الحكومة قالت أن “سحب قانون الإثراء غير المشروع يهدف لتحيين القانون”، وهذا حق لها، ولكن لا بد من إعادة مشاريع القوانين المسحوبة للمجلس لكي تأخذ طريقها داخل البرلمان، ولا يجب أن تتبدل مواقف الهيئات السياسية والفرق النيابية، لا بد أن تظل ثابتة في مواقفها السابقة.

ومن جهة أخرى، فرغم غياب قانون الإثراء غير المشروع، توجد سلطة قانونية، ورئيس النيابة العامة والوكيل العام لدى محكمة النقض مولاي الحسن الداكي، حيث إذا ما ظهرت  قضية ما يمكن تحريك الدعوى العمومية ضد المخالفين، واليوم يجري حديث  بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة  العدل للذهاب نحو مسألة العقوبات البديلة، ووسائل للحفاظ على المصلحة العامة.  وفي رأيي من تورط في قضية تتعلق بالمال العام أو الاختلاس، تفرض عليه غرامات مالية كبيرة تفوق عشرات المرات المبلغ المختلس  إلى جانب ارجاع الأموال المختلسة،  ويعاقب بسوار إلكتروني إلى حين صدور الحكم .

اليوم، لدينا مؤسسات دستورية أخرى  راكمت تجربة وتقوم بدورها كالمجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية، التي تضم قضاة مشهود لهم بالخبرة والتجربة، ثم توجد ضمانات في القضاء والمحاكمة العادلة خلال مراحل  التقاضي.

▼ ماذا يمثل برنامج “أوراش” الذي قدمته الحكومة ؟

◀ برنامج “أوراش” شبهناه بالإنعاش الوطني، حيث تم وضع ميزانية المشروع دون معرفة كيفية تنزيلها، كان من المفروض أن تكون هناك دراسة للخطوط العريضة للمشروع، وتحديد التكلفة والفئات المستهدفة… إلخ، لكن الملاحظ أن العديد من المناطق النائية والمدن الصغرى حصلت على عدد قليل من نصيبها من هذا البرنامج لا تتجاوز عشرة مناصب شغل، أو بضع العشرات في بعض المدن.

فخلال لقائنا مع الوزير يونس السكوري، قلنا له أن هناك مشكلا يكمن في تشغيل هؤلاء الناس لمدة 6 أشهر فقط، ولماذا تسجيل شخص سيعمل فقط هذه المدة في صندوق الضمان الاجتماعي؟ ماذا سيستفيد؟ وهل الهدف هو دعم الصندوق؟ هل تم تسقيف سن الأشخاص المستفيدين؟ ثم بالنسبة للجمعيات التي ستقوم بالتدبير هناك جمعيات ليس لها مقر، وهناك جمعيات منخرطة في التعليم الأولي لديها مشاكل عديدة مع المربيات تطورت إلى نزاعات شغل ووصلت للقضاء. 

▼ ما رأي المعارضة بشأن إقصاء الصحافة من حضور اجتماعات اللجن ؟

◀ نحن نرى أن هناك قضايا تخص الدولة تقتضي السرية، ما عدا ذلك، هناك قضايا تهم المجتمع والرأي العام يجب أن يُسمح بحضور الصحافة فيها، والصحفي يمكنه أخذ الرأي والرأي الآخر، سواء من المعارضة أو الأغلبية أو الحكومة.

في هذا السياق، سبق أن تقدمنا بمقترحات في لجنة المالية، عند مناقشة ميزانية المجلس بحضور رئيس مجلس النواب، بتنظيم حضور الصحافة عبر بطاقة الاعتماد الصحافي، تمنح بناء على طلب الجريدة الورقية أو الإلكترونية، وضرورة المواكبة الصحفية للأنشطة الدبلوماسية البرلمانية، سواء داخل المغرب أو خارجه، بحيث أن الكثير من الأنشطة والمهام لا تتم تغطيتها إعلاميا، كما اقترحنا إحداث قاعة للصحافة داخل المجلس تتوفر على الوسائل والمعدات لتسهيل عمل الصحفيين وقد أخذ مكتب المجلس بهذا المقترح، بالإضافة إلى اعتماد الترجمة خلال الجلسات للغة الأمازيغية سواء داخل المجلس أو في الإعلام العمومي، والعمل على الترجمة الفورية.

▼ تسقيف المحروقات أصبح مطلبا شعبيا.. هل تقدمتم بطلب لذلك ؟

◀ تقدمنا بطلب لتسقيف ثمن المحروقات عبر أسئلة كتابية وشفهية للحكومة، وفي قانون المنافسة، توجد إمكانية التسقيف طبعا، وفي سنة 2016، كانت هناك حلول ظرفية، ونحن الآن في سنة 2022 هل يمكن التحدث عن حرية الأسعار دون تسقيف؟ والمواطن كيف سيتعامل مع الظروف؟

إذن، لابد من خلق توازن بين الأجور والقدرة الشرائية للمواطنين والمنتوج الداخلي الخام.

اليوم أصبحت الظروف صعبة أكثر من أي وقت مضى، لكن لا توجد رؤية واضحة لدى الحكومة، بحيث أنها في بدايتها قالت بأنها ستعطي للأستاذ راتب 7500 درهم، وقدمت وعودا للعديد من القطاعات لم نر منها شيئا، فالحكومة التي كانت تطمئن المغاربة وتبين أن كل شيء جميل في البرامج، أصبحت تقول “الغالب الله”، “صبروا علينا”، بينما كان عليها الاستعداد للظروف الحالية.

▼ ما رأيكم في الحديث الرائج عن التملص الضريبي والريع واحتلال الملك البحري ؟ 

◀ بالنسبة للناس الذين لم يؤدون الضرائب، توجد وسائل الردع، واليوم كثر الحديث عن الريع، في رأيي إذا ترامى أي شخص الملك البحري أو أرض سلالية، وجب نزعها منه بالطرق القانونية، أما إطلاق الكلام مثل “خبار السوق” فهو تصرف غير مفيد، وأعتقد أنه حان الوقت لوضع حد للاقتصاد غير المهيكل، لأنه لا يمكن للمواطنين  أن يعملوا بدون أداء الضرائب، ويجب مراقبة ومراجعة المقاولات التي تصرح بخسائر خلال سنين طويلة وبقدر قادر يستمر نشاطها، وهذا أمر غير ممكن، كما لا بد من العمل على استرجاع الأموال المهربة والتي حولت للخارج بكل الوسائل المتاحة للدولة، ودعم المستثمرين والمهنيين والصناع والمقاولات التي تعيش صعوبات في تدبير شؤونها.

▼ هل أنتم مع إجراء تعديل حكومي خلال المرحلة الحالية ؟

◀ لا يمكن إجراء تعديل حكومي في الفترة الحالية، خاصة وأن هؤلاء الناس تولوا مسؤولية الحكومة خلال وقت قصير، بالنسبة لي الحديث عن تعديل حكومي هو مجرد إشاعة، لأن من يتحدث عن هذا الموضوع هو من يريد الاستوزار، ثم في بعض الأحيان، نسمع عن تبديل الأغلبية لإغراء البعض في المعارضة وهذه الإشاعات تدخل في إطار “التكتيك السياسي”.

نحن في المغرب لدينا دولة تحت رعاية الملك محمد السادس نصره الله، ومنظمة بمؤسسات دستورية وباختصاصات، لهذا أرى أن من تقلد مسؤولية حقيبة وزارية “يقد بيها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى