غضبة الحسن الثاني.. عندما أصبح علال الفاسي جنرالا في الجيش

غالبا ما يتم الحديث عن جيش التحرير ككتلة متجانسة، لكن بعض الشهادات التاريخية تؤكد أننا إزاء جيشين؛ تأسس الأول سنة 1952، والثاني سنة 1955، فهناك ما يسمى بـ”جيش التحرير”، الذي أسسه حزب الاستقلال في 2 أكتوبر 1955، وكان خاضعا لهذا الحزب، وقد تأسس بعد مفاوضات إيكس ليبان بأربعين يوما، أي بعد أن حسمت أهم القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات، وبعد أربعة وأربعين يوما على عودة المغفور له محمد الخامس من منفاه حاملا بشرى الاستقلال في 16 نونبر 1955، وهكذا تتضح المهمة الحقيقية التي كانت مرسومة لهذا الجيش، وهي بسط هيمنة حزب الاستقلال وتصفية كل من له رأي مخالف.. أما جيش التحرير الحقيقي فهو جيش التحرير المغاربي الذي تأسس في القاهرة سنة 1952 بإشراف من الأمير بن عبد الكريم الخطابي، وبمشاركة جميع القيادات المغاربية الموجودة آنذاك في القاهرة، ومنها الزعيم علال الفاسي الذي كان حينها في مصر ممثلا لحزب الاستقلال في لجنة تحرير المغرب العربي بالقاهرة، وقد والاه في هذا الموقف الكاتب والإعلامي البارز الأستاذ عبد الكريم غلاب، (شهادة المحامي بهاء الدين الطود، المساء، عدد: 16 دجنبر 2013).
وبغض النظر عن الخلاف في تاريخ التأسيس، وعن الأدوار التي قام بها بعض الرموز كعباس المساعدي، والفقيه البصري، وسعيد بونعيلات، والحسين برادة، والغالي العراقي، ولحسن لعرج، وعبد الكريم الخطيب والمحجوبي أحرضان وعلال الفاسي.. وبغض النظر عن الصفحات الدامية للصراع الذي راح ضحيته عدد كبير من رموز التحرر في عز الخلاف بين قادة الحركة الوطنية والقصر الملكي وجيش التحرير، فإن بعض المغاربة لم يكونوا مرتاحين لهذا التنظيم، وإن كانت قليلة هي الأصوات التي تحدثت عما يمكن الاصطلاح عليه بـ”تجاوزات جيش التحرير”.
وقد شكل تأسيس القوات المسلحة الملكية منذ سنة 1956 مدخلا لإنهاء تجربة جيش التحرير بإيجابياتها وسلبياتها، طالما أن جل حاملي السلاح في وجه الاستعمار فضلوا الالتحاق بالجيش الملكي الاستجابة رغم الصعوبات التي واجهت متزعم المبادرة الدكتور الخطيب تكلف بمهمة إدماج جيش التحرير في الجيش الملكي طيلة ستة أشهر حتى نهاية عام 1956، وكانت عدوى التمرد قد تسربت إلى صفوف هذا الجيش بعد اغتيال أحد مؤسسيه في الشمال ويتعلق الأمر بعباس المساعدي، “كان السياسيون يخافون من جيش التحرير، وحاولوا حله بإدماجه في الجيش الملكي، أرادوا أن تنظم الفرق الموجودة في الأطلس تحت قيادة عبد القادر بوزار، وكذلك الشبان الذين تكونوا بالمدرسة العسكرية بجنان الرهوني.. وكان كل من حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال يدعي أن الجيش معه أو له”، (مذكرات الدكتور الخطيب).
أحد رفقاء الدكتور الخطيب في لجنة إدماج عناصر جيش التحرير في صفوف الجيش الملكي هو الحاج عبد الله المنصوري، وهو بالمناسبة عم عمدة مدينة مراكش فاطمة الزهراء المنصوري، سبق أن حكى لـ”الأسبوع” بعض طرائف تلك المرحلة، حيث كان بعض أعضاء جيش التحرير الحصول على رتبة جنرال من أجل الدخول إلى صفوف الجيش الملكي، (أنظر الأسبوع عدد 30 ماي 2013).