تحقيقات أسبوعية

عبد الإله بن كيران: مصطفى العلوي صحافي مغربي أصيل يجتمع فيه الجد والهزل والجرأة

مصطفى العلوي بالنسبة لي معلمة بارزة في الصحافة المغربية منذ أن كنا صبيانا، وكنا نتابعه عبر مختلف الجرائد التي كان يصدرها، بما فيها تلك التي كانت تتوقف عن الصدور بين الفينة والأخرى.. كنا نتابعها ونقرأها لوجود جانب خاص يميزها عن باقي الإصدارات.

فيما يتعلق بجريدة “الأسبوع”، يمكن القول أنني كنت مداوما على قراءتها لما يزيد عن 20 سنة، بسبب تميزها، وخاصة ركن “الحقيقة الضائعة”، وأكاد أقول أن مصطفى العلوي يصعب أن يتم تعويضه في المشهد الإعلامي، لكونه وقف موقف وسط عندما كان الناس يميلون ذات اليمين وذات اليسار، حيث رفض أن يتموقع في أي اتجاه.. وبقي متفردا، تارة تراه مدافعا شرسا عما يمكن أن يعتبر موالاة ومناصرة للأوضاع القائمة، وتارة تراه معارضا حتى لو أدى ذلك لدخوله إلى السجن، وأنا شاهد على ظروف صعبة لسجنه سنة 2003 عندما أوشكت تهمة الإرهاب أن تعم الناس، ولولا الألطاف الإلهية لكان قد قضى مدة طويلة في السجن(..).

العلوي، كان ناجحا أيضا بالمعايير التجارية من خلال تجاوزه سقف بيع 100 ألف نسخة أسبوعيا، وهو صحفي مغربي أصيل، ولا أظن أنه سيعوض، بكل صراحة، لأن الرجل رفض أن يتموقع وبقي يسمع من هذا الجانب ومن ذاك الجانب، وكانت له ميزة خاصة، وهي أنه كان يتخندق بين الفينة والأخرى مع الجهة التي تعيش ظروف صعبة، كما حصل في الدفاع عن أحرضان ومع الراحل عبد السلام ياسين.. 

هذا صحفي ابن الدار، لكنه لا يسكت عن الباطل ولازلت أتذكر افتتاحيته التي كتبها عن إدريس البصري، والتي عرفت انتشارا واسعا، لدرجة أن أختي التي لا علاقة لها بالصحافة، جلبتها لي كي أقرأها.. لكن البقاء لله ولا نملك إلا أن نتأسف على رحيله..

ويمكنني أن أقول أيضا أنني لم أضيع أية واحدة من افتتاحياته منذ أن كنت رئيسا للحكومة وإلى اليوم، والرجل جمعتني به مناسبة دعوة للعمرة، تأكدت من خلالها أنه حاد الطبع، وبهذه المناسبة، أريد الترحم عليه وأعزي أسرته في مصابها الذي هو مصاب للوطن أيضا.

إنا لله وإنا إليه راجعون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى