بنعبد الله يصرح للأسبوع الصحفي : “البلاد في حاجة إلى نفس ديمقراطي وحكومة العثماني ليست قوسا يجب إغلاقه”
18 أبريل، 2018
0 5 دقائق
حاوره: سعيد الريحاني
حرص نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على عدم الرد على ما سماها الاستفزازات، طيلة إجراء هذا الحوار مع “الأسبوع”، وكان حريصا أكثر من أي وقت مضى على انتقاء كلمات غير صدامية، سواء عند حديثه عن تجربته الشخصية مع رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران، أو عند حديثه عن قضية الصحراء، وكذلك الشأن فيما يتعلق بحكومة العثماني وتحركات رئيس حزب الأحرار، عزيز أخنوش.
يقول نبيل بنعبد الله، بأنه لا ينبغي التعامل مع حكومة سعد الدين العثماني، كقوس يجب إغلاقه، لكنه يركز أيضا على حاجة البلاد إلى نفس ديمقراطي جديد، حيث “يجب أن نعطي نفسا جديدا للعمل السياسي والعمل الحزبي والمؤسسات، وأن نقوي الحريات الفردية والجماعية، وأن تكون لنا حياة سياسية سليمة وسوية..”، حسب قوله، كما يؤكد على أن استهداف الأحزاب السياسية، يدخل في إطار استهداف استقرار البلاد نفسها.
وبخصوص الاحتجاجات التي تشهدها بعض المناطق، قال بنعبد الله: “إننا أمام قلق وأمام فئات شعبية في الأقاليم المختلفة تعتبر أنها لم تستفد من ثمار التنمية..”، نفس المتحدث تجنب الحديث بشكل سلبي عن تحركات عزيز أخنوش، في طموحه لتشكيل بديل(..)، لكنه اعتبر أيضا، أنه لا يوجد مبرر لإجراء انتخابات سابقة لأوانها.
————
– اجتمعتم مؤخرا بصفتكم أمناء عامين للأحزاب السياسية في البرلمان من أجل تدارس التطورات الأخيرة في قضية الصحراء، وقد لوحت بعض الأطراف السياسية بالحرب مع البوليساريو، ما هو موقفكم؟
+ بالفعل. كان هناك اجتماع يوم الأحد الماضي مع السيد رئيس الحكومة والسيدين وزيري الداخلية والخارجية، وقد خصص موضوع الاجتماع لآخر التطورات التي تعرفها قضية الوحدة الترابية في ظل الأعمال الاستفزازية المتكررة للبوليساريو في الميدان، وبالضبط في المنطقة العازلة، حيث أن هناك محاولة احتلال مواقع جديدة، من شأنها التأثير على التوازنات الموجودة بالمنطقة.. المغرب يرفض ذلك ولا يمكن أن يقبل بتاتا بهذا الأمر، الذي قد تكون له عواقب وخيمة على مسلسل التسوية.
نحن في حزب التقدم والاشتراكية، دافعنا عن ضرورة التعامل بحزم مع هذا الموضوع وبصرامة، بما يعني أننا لا يمكن أن نفرط في شبر واحد من ترابنا ولو كان في المنطقة العازلة، ولا يمكن أن نقبل بأي اختلال للتوازنات الأساسية الموجودة بالمنطقة قبل يومنا هذا، بل إن هناك ضرورة مواجهة هذه المسألة بتقوية الإجماع الوطني، وذلك بحشد جميع الطاقات الشعبية والوطنية في هذه المعركة التي يتعين أن نتحكم في كل إسقاطاتها وكل ما يمكن أن تؤدي إليه، بمعنى إذا كان هناك تدخلا، فيجب أن يكون محدودا في تشطيب هذا التراب من أي تواجد للبوليساريو، وعلى أساس تفادي الدخول في أي صراع مباشر مع البوليساريو أو مع الجزائر.
يجب أن نعطي نفسا جديدا للديمقراطية المغربية
– تركزون على تعبئة الإرادة الشعبية والرأي العام. كيف يمكن فعل ذلك في ظل وجود وزير سيادة في الخارجية؟
+ أعتقد أننا عندما نطرح هذه المسألة أمام الصعوبات التي تعيشها القضية الوطنية والوحدة الترابية، هناك بعض القضايا التي يجب أن نؤجل الحديث فيها إلى وقت إنضاج الظروف الذاتية.. وبالطبع فإن تقوية الجبهة الداخلية، معناه أن نعطي نفسا جديدا للديمقراطية المغربية، وأن نعطي نفسا جديدا للعمل السياسي والعمل الحزبي والمؤسسات، وأن نقوي الحريات الفردية والجماعية، وأن تكون لنا حياة سياسية سليمة وسوية، بالإضافة إلى ضرورة إعطاء شحنة جديدة للاقتصاد الوطني، وقد نادى صاحب الجلالة بنموذج تنموي جديد يفترض أن نساهم جميعا في تسطير هذا البرنامج.. من سيسطر هذا البرنامج؟ ومن يمكن أن يكون مشكلا لهذا النموذج؟ نحن في حاجة إلى أحزاب سياسية قوية لها استقلاليتها، وفي حاجة إلى عدالة اجتماعية أقوى، انظروا لما حصل في الحسيمة.
– ما رأيك فيما يشهده المغرب من احتجاجات اجتماعية؟
+ هذا دليل على أننا أمام قلق، وأمام فئات شعبية في الأقاليم المختلفة تعتبر أنها لم تستفد من ثمار التنمية.
– أين المشكل. هل يتعلق بكم أنتم كأحزاب؟
+ (مقاطعا).. المشكل فينا جميعا، المشكل في النموذج الذي اتبعناه في شقه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لم يلب كل الانتظارات، فعلا استطعنا بناء المغرب على مستوى عدة واجهات، ويتعين الإقرار بذلك، وقد كانت لنا مساهمة في ذلك منذ سنة 1998، لكن يجب أن نقر أيضا، أننا لم نكن في الموعد على جميع المستويات، ومن المقاربات الناجعة، أن نعترف أن هناك خصاصا وسلبيات ونقائص وانتظارات عند المواطنين في زاكورة والحسيمة وتينغير واخنيفرة وأزيلال ومناطق أخرى.
لا تبحثوا عن الاستفزاز.. الأحزاب لا تسقط من السماء
– تكلمتم عن مساهمتكم في بناء عدة محطات منذ سنة 1998، كما اعترفتم أنكم أخلفتم الموعد في بعض المستويات، من يتحمل المسؤولية في نظرك؟ وهل يمكن أن يحصل التغيير بنفس الأشخاص؟
+ (يستغرب).. أقول لكم مسألة، الأحزاب لا تنزل من السماء، والأشخاص أيضا لا يأتون من السماء، ومن يريد خلق البديل، عليه أن ينزل عند الشعب، ويناضل معه، لا أن نتجه إلى خلق “الفراغ”، الأمر يتطلب بعض الوقت لإنتاج نخب جديدة وأحزاب جديدة وبدائل جديدة، إذا كنا فعلا نريد ذلك وأن تفرز الساحة السياسية ذلك، أما السب والقذف والشتم فيما هو موجود دون تمييز، وتوجيه المغرب نحو الفراغ، وإفقاد العمل السياسي لمصداقيته، و”نصبحو نشيروا” على أي سياسي دون تمييز، فإن استهداف هؤلاء خطر على البلاد، لأنه ليست هناك أي ديمقراطية يمكن بناؤها دون أحزاب قوية، وأي استهداف للأحزاب، هو استهداف للدولة واستقرارها.. نحن من أنصار التغيير، لكننا مع الإصلاح في كنف الاستقرار.
– “الإصلاح في كنف الاستقرار” هو نفسه الشعار الذي رفعه حليفكم حزب العدالة والتنمية، الذي كان يوجد على رأسه حليفك السابق، عبد الإله بن كيران.. هناك من يتحدث عن فشل تجربتكما كشخصين قادا التجربة السابقة، بماذا ترد؟
+ تجربتنا استمرت 5 سنوات، وهي تتحدث عن نفسها، وأترك للشعب المغربي فرصة التعليق عليها.
– بشكل أوضح، هناك بعض الأطراف في حزب العدالة والتنمية تتحدث عن “التحكم” باعتباره قام بإبعاد عبد الإله بن كيران؟
+ لا تبحثوا عن أي استفزاز في هذا الاستجواب، خاصة وأن هناك بعض ردود الفعل التي يمكن أن تصدر عن ذلك، والتي يمكن أن يتضرر منها حزب التقدم والاشتراكية، لذلك سأجيبكم باتزان.. نحن نقارب الموضوع اليوم بشكل إيجابي، والمغرب اليوم، هو في حاجة إلى نفس ديمقراطي جديد، المغرب يعيش قلقا، لذلك فنحن عنونا الوثيقة السياسية للمؤتمر الوطني العاشر الذي نحن مقبلين عليه بـ “النفس الديمقراطي الجديد”، أي أننا نحتاج إلى قوة جديدة في العمل السياسي والعمل المؤسساتي والحكومة.. نحتاج إلى بناء النموذج التنموي الجديد بناء على ملامح واضحة تعتمد على القوة الوطنية المنتجة، وعدالة اجتماعية قوية.
– ألا تتعرضون للاستفزاز، هذا أمر مفهوم، لكن أن نتحدث عن وجود احتجاجات اجتماعية في بعض المناطق، فهذا يتطلب الحديث عن سبب وعن وجود من يتحمل المسؤولية؟
+ “الله يخليك”.. نحن لسنا هنا لمحاكمة الناس، بل يجب علينا أن نقارب الأمور سياسيا وأن نعالجها سياسيا ونجد الحلول، حتى عندما كنا في المعارضة وتعرضنا للمنع، لم نطالب بأن يعرض المسؤولون عن وضع معين أمام المحاكم، ما يهمنا هو أن نغير السياسات وأن نتبنى السياسات القادرة على خلق نفس ديمقراطي جديد، وخلق قوة اقتصادية.. ما يهمنا هو أن تتغير الأمور على أرض الواقع، وأن يحس الشعب المغربي، بأنه معني بالتغيير والديمقراطية.
لم أحسم بعد في موضوع الترشح لولاية ثالثة
– تتجهون لعقد مؤتمر جديد بنفس النقاش الذي خاضه قبلكم حزب العدالة والتنمية حول موضوع “الولاية الثالثة” للأمين العام، أليس كذلك؟
+ لا. ليس هناك نفس النقاش. حزب العدالة والتنمية كان له قانون أساسي يحدد عدد مدد انتداب الأمين العام في ولايتين، أما القانون الأساسي لحزبنا، فهو يعطي للأمين العام الحالي إمكانية المواصلة، غير أن هذا الموضوع، وإن لم يكن مطروحا من الناحية القانونية، فهو مطروح من جانب القرار السياسي والقرار الجماعي للحزب، وأنا شخصيا تربيت في هذا الحزب على الامتثال للقرار الجماعي، الذي من شأنه إفراز القيادة السياسية للمرحلة، وهذا الأمر سيكون موضوع نقاش بيننا.
– هل ستترشح لولاية ثالثة؟
+ أنا منظبط للقرار الجماعي الحزبي، ولم أحسم إلى حدود الآن في هذا الموضوع، الذي سأحسمه مع رفاقي ورفيقاتي في القيادة الحزبية الجماعية.
من حق أخنوش أن يسعى ليكون بديلا.. وعلاقات علي يعتة وعصمان كانت جيدة
– هناك نقاش تشهده المرحلة حول تحالف المال والسلطة، أليس كذلك؟
+ بغض النظر عن الشعارات، فنحن كنا دائما مع دولة الحق والقانون التي تعني الشفافية واحترام حقوق الإنسان واحترام الديمقراطية، والمغرب يتعين عليه أن يطور قدراته دون اعتماد على اقتصاد الريع، ودون أن يذكرنا بأساليب مضت.
– بشكل مباشر، كيف تنظرون إلى تحركات عزيز أخنوش؟
– السي عزيز أخنوش من حقه أن يطمح لتشكيل بديل، وتجمعنا مع التجمع الوطني للأحرار علاقات طيبة منذ أن كان على رأس هذا الحزب السي أحمد عصمان وكان على رأس حزبنا السي علي يعتة، وكل ما نتمناه أن يكون هذا الطموح في إطار الشفافية وتساوي الفرص واحترام القوانين والضوابط الديمقراطية.
– هل تعتقد بإمكانية إجراء انتخابات سابقة لأوانها؟
+ لا أرى ذلك، ولا أرى لماذا سندخل في انتخابات سابقة لأوانها، لذلك نقول بأننا لا يجب أن ننظر للحكومة الحالية بمثابة قوس يجب إغلاقه.