شخصيات

القطب الحركي المحجوبي أحرضان يجيب الأسبوع على الأسئلة المعقدة

       يقول المثل الأمريكي، “لا نحكم على الكتاب من عنوانه”، لكن معظم الذين استمعوا للقطب الحركي المحجوبي أحرضان بمناسبة تقديم الجزء الأول من مذكراته، لم يطبقوا هذه النصيحة الأمريكية، فتم إغفال جزئيات كبيرة (..)، وجل الذين علقوا على الحدث تفاعلوا مع الكتاب حتى الآن باعتباره صادرا عن أحد وجوه “المخزن القديم”.

يقول أحرضان، “أنا ديال الملكية.. ماشي ديال المخزن”، كما يؤكد حرصه على التشبث بكل ما ورد في مذكراته التي لم ينشر منها سوى الجزء الأول في انتظار الجزئين الثاني والثالث(..) أكثر من ذلك، فهو يسميها “الماسطرا”، وتعني بالدارجة “اللي بغا يوقع يوقع”.

في هذا الصدد، وفي حوار خاص مع “الأسبوع”، يؤكد أحرضان أن بنسعيد أيت إيدر، أحد رموز المعارضة (الحزب الاشتراكي الموحد)، “هو الذي أشرف على اغتيال، زعيم جيش التحرير عباس المساعدي”(..) وهي رواية مخالفة لما جاء في كتاب “ذاكرة ملك” الذي أصدره الحسن الثاني، والذي يقول فيه إن “حجاج” هو من قتل عباس.

يفضل أحرضان عدم الإجابة على كل سؤال يتعلق بالوضع السياسي الراهن، لكنه ينتقد القيادي الاستقلالي العربي المساري، الذي لم يستسغ وصف أحرضان لأوفقير، بـ”الرجل الوطني”، ويؤكد أن كلامه يغطي فترة من الماضي عاشها مع أوفقير، لا يمكن إنكارها.

وفي معرض حديثه عن العلاقات المغربية الفرنسية يؤكد أحرضان تفاؤله بالزيارة الملكية لدول إفريقية، ويعتبر أن تصريحات بعض الفرنسيين المسيئة للمغرب “كلام باسل”، ويؤكد أن المغاربة إذا تبعوا فرنسا سيصلون إلى “زواج الرجال”.

قد يكون كلام أحرضان صادما للبعض، ولكنه يبدو مثل من يرتكب فعلا مع “سبق الإصرار والترصد”، فقد كان جالسا بشكل مريح على أريكة صغيرة قرب مدفئة، فيما كانت أصوات الموسيقى أطلسية المنبعثة من آلة تسجيل كفيلة بإضفاء هالة فنية على مكان انعقاد اللقاء، حيث كان يجيب على الأسئلة التالية (نص الاستجواب)، وكان لافتا للانتباه اختياره للموسيقى الصامتة، وكأن يتفادى ذلك التعصب اللغوي(..).

حاوره: سعيد الريحاني

————————

تقبيل الجيش ليد الملك يدخل في باب “الصواب”

–         قلت في مذكراتك التي أصدرتها مؤخرا إن الملك محمد الخامس قال لك سنة 1943 بأننا حاربنا مع فرنسا بسبب أخطائنا (..) ماذا كنت تقصد؟

–         .. حصل ذلك عندما كنت في المدرسة الحربية، كنا قد التقينا بالملك (يقصد محمد الخامس).. انحنيت لكي أقبل يده، لكنه قال لي إن الجندي يحارب ويسلم فقط، بعد أن سحب يده، وظلت هذه الصورة راسخة في ذهني، طيلة مشاركتي في معارك “البارود”، إلى أن بِتُّ أطرح السؤال: نحن نحارب، لكن لأجل من؟.. وفي أحد الأيام استطعت أن أنتزع بندقية جندي ألماني، ففعلت كل ما في وسعي لألتقي بالملك محمد الخامس، فكان اللقاء بيننا قويا، ومنذ ذلك الحين بقيت علاقتنا جيدة(..) لكنه قال لي: “هل سنربح ببندقية واحدة، لكي تكون هناك المعركة، يجب أن يكون هناك اتحاد”، لأجل ذلك خلق الاتحاد المغاربي، الذي أسفر عن وجود المقاومة وجيش التحرير(..).

–         محمد الخامس رفض أن تقبل يده، لكن الجيش اليوم بكامله يقبل يد الملك؟

–         فهمت المقصود، “البوسان ديال اليد من عادتنا”، أنا اليوم إذا التقيت الملك محمد السادس سأقبل يده، هو لن يتركها، لكن في عادتنا نحن ملكيون.. لماذا نحن ملكيون؟ لأن الملك هو الذي يجمع المغرب، ولولاه لكانت الريف في جهة وسوس والأطلس في جهة أخرى.. لهذا كان في المغرب دائما ملك، منذ عصور قبل الملكية(..).

–         هناك من يقول بأن طقوس تقبيل اليد وعرضها على التلفاز يؤدي إلى الإساءة لصورة المغرب؟

–         “احنا لاباس علينا مادام فينا الصواب، نهار نكونوا باسلين بحال أروبا، صافي”، من يقول ذلك لا يقبل يد الملك، هل سيرغمه أحد على فعل ذلك، ولكن هذه عادة مغربية، أنا مثلا كنت أقبل يد والدي(..).

–         ولكن الفرنسيين جعلوا هذه اللقطات موادا للسخرية في قنواتهم؟

–         إذا أردنا أن نتبع الفرنسيين، سنصل إلى “زواج الرجال” مع بعضهم البعض.

–         هل يمكن الحديث عن فرق في العلاقة بين فرنسا والمغرب بين عهدي الملك محمد الخامس والملك محمد السادس؟

–         في زمن محمد الخامس كانت فرنسا هنا (يضحك)، اليوم “احنا ديال روسنا”، ومحمد السادس الله ينصرو ما مقصرش من جهدو.. والمغاربة خاصهم يعاونوه”.

———————-

أوفقير كان رجلا وطنيا.. وأنا قلت للملك إذا أطفأت نفسك بيدك “ما عندنا ما نديرو”

 

– من بين أبرز التعليقات التي رافقت الإعلان عن مذكرات، قال الاستقلالي محمد العربي المساري، إن قولك (في المذكرات) بأن أوفقير رجل وطني ناتج عن تضامنكما كضباطين من “ضباط فرنسا”؟!

–         أنا كنت ضابطا في المدرسة الحربية المغربية، وكنت ضابطا في فرقة “القناصين” المغاربة، وملك المغرب كانا متفقا على ذلك، عملي كان هو “البارود” والمذكرات التي أصدرتها، مؤخرا، تدخل في هذا الصدد(..) أنا كنت مع فرنسا وتخاصمت معها، فماذا فعل المساري الذي يقول هذا الكلام.

–         هو يقول بأن إطلاقك للقب وطني على أوفقير(..).

–         (مقاطعا) “بلاتي”، أنا أتحدث عن أوفقير في الماضي، كان رجلا وطنيا في أمور “فاتت” عشناها معه، أما باقي الأمور فهي واضحة(..).. نحن نتحدث عن الفترة شملتها المذكرات (من سنة 1942 إلى سنة 1961).

–         هل توجد أمثلة على أمور قام بها أوفقير تدخل في إطار الوطنية؟

–         مثلا، قبل نفي الملك محمد الخامس، ببضعة أيام اتصل بي بعض الناس التابعين للمقاومة وجيش التحرير، وطلبوا مني أن اتصل بالملك واسأله ماذا يمكن أن نفعل.. جئت إلى الرباط، فوجدت أبواب القصر مغلقة ومطوقة بالعسكر، فأخبروني بأن الدخول ممنوع، لكن عندما نزلت إلى المدينة، كنت أعرف رجلا محاميا، يسمى بادو، هو أب ياسمينة بادو (الوزيرة السابقة)، جلست معه فدخل عندنا شخص يسمى بن زيدان، وكان مقربا من العائلة الملكية، فسألته كيف خرجت من القصر، فقال لي خرجت من باب “المصلى”، وهو غير خاضع للحراسة، فطلبت مرافقته، وهكذا التقيت بالملك محمد الخامس، وقلت له: “في الزمن القديم، عندما يكون هناك خطر محدق نقوم بإشعال النيران على رؤوس الجبال، بدافع اليقظة”، فقال لي هل تقصد “الشعالة”، فقلت له: “أنت هو الشعالة ديالنا، ونحن معك إلى الموت، إذا بقيت مشتعلا، وإذا أطفأت نفسك بنفسك معندنا مانديرو”.

في تلك اللحظات رن الهاتف، فسمعت الملك محمد الخامس، يقول: “عندي الأمانة في يدي، لن أفرط فيها”، فانصرفت وفهمت بأن الكلام لم يعد ينفع.. بعدها، التقيت بالضباط أصدقاءنا، ومنهم “أوبجة”، و”عبد الغني القباج”، و”لوباريز”، و”حسن اليوسي”، في منزل أوفقير، الذي كان دائما جزءا من الجماعة، ولهذا قلت إنه وطني(..) والشيء الوحيد الذي قلته، هو أنه كان “واضحا” ولم يهرب، ذهب نحو موته أو حياته مباشرة(..) أنا أتحدث عن الماضي، أما ما وقع فيما بعد(محاولة الانقلاب)، فقد أدى الثمن(..).

——————–

 علال الفاسي كان يحتفل بالموسيقى قرب دار بريشة

 –         تحدثت أيضا في مذكراتك، عن علال الفاسي، وقلت إنه كان يحتفل على إيقاع الطرب الأندلسي بجانب “دار بريشة”، حيث كان يعذب المعتقلون؟

–         دار بريشة معروفة، وفيها كان يقتل الناس وهذا الأمر لا يمكن تغطيته..وعبد الكريم الخطيب هو الذي قال لي، كنت في ضيافة علال الفاسي، وقلت له، “الناس كتموت واحنا كنسمعوا للآلة”، فقال علال الفاسي:”فليموتوا بصوت الآلة”(..).

–         بعض الصحفيين قالو إنك قلت بأن علال الفاسي من الخرفان الذي أصبحوا ذئابا، بمناسبة تقديم مذكراتك؟

–          لا، لا يمكن أن أقول ذلك..علال الفاسي له محاسنه وعيوبه مثلنا جميعا(..).

——————————-

هذه حكاية مقتل عباس المساعدي بمسدس صغير

–  قلت بمناسبة تقديم مذكراتك إن الرجل الذي قتل عباس المساعدي (أحد مؤسسي جيش التحرير)، مازال حيا بيننا؟

– قلت إن الذي أشرف على العملية، مازال حيا، ولكنه فضح نفسه، في خروج إعلامي.

– من تقصد؟

– بنسعيد، الذي عرف فيما بعد باسم “أيت إيدر”، وكنا نعرفه كرفيق للفقيه البصري رحمة الله عليهم(..)، وكان قد أشرف على العملية، بعدما رفض تنفيذها “حجاج”، وهو رئيس مركز جيش التحرير في نواحي فاس.. حيث قال “لا يمكنني أن أقتل الرجل الذي تناولت معه السم في زنزانة واحدة”(..).

– ماهي القصة بالضبط؟

عندما مات عباس المساعدي، أرسلت وزارة الداخلية مفتشها العام الحمياني (أصبح فيما بعد وزيرا للعدل ثم الداخلية)، ليقوم بالبحث، فتبين فيما بعد أن عباس المساعدي ذهب على أساس تناول العشاء مع “حجاج”، لكنه اختطف على متن سيارة، وقتل بواسطة مسدس صغير (6.35)، ولحد الآن لم يعرف الرجل الذي قتله، بالمسدس، ولكن الناس الذين أرسلوه جاؤوا عند إيدر وسألوه أين هو عباس؟ فقال لهم دفناه.. فانتقل إيدر وحجاج عند المهدي بنبركة، وأخبروه بما وقع، وانصرف بنسعيد عند الفقيه البصري في البيضاء.. فيما حجاج رجع إلى فاس.. ولكي تعرفوا الحقيقة اقرؤوا المذكرات(..).

–         كيف عرفت هذه المعلومات؟

–         حضرت البحث مع الحمياني بصفتي ممثلا لجيش التحرير، أنا كنت أساعد فقط(..).

–         من يعرف هذه القصة غيرك؟

–         هناك الحمياني، وولي العهد أنذاك مولاي الحسن(..). رسميا حجاج هو الذي قتل عباس المساعدي، لأنهم لا يريدون توريط حزب الاستقلال أو المهدي بنبركة، ولكي تعرفوا المزيد من التفاصيل اقرؤوا المذكرات(..).

–         هل نعتبر هذا جوابا على الفعاليات الأمازيغية التي طالبت بالكشف عن حقيقة مقتل عباس المساعدي؟

–         أنا لا أعرف من قتل عباس المساعدي داخل السيارة، والبحث مع “الحمياني” لم يذهب بعيدا(..).

————————

 شرف لي أن أكون من المخزن القديم

–         هناك من يصفك بكونك آخر وجوه المخزن القديم؟

–         هذا شرف لي، أن أكون من المخزن القديم، ماذا رأيكم في مولاي الحسن الأول؟ الرجل مات من أجل المغرب فوق حصانه.. أنا “ديال الملكية ماش ديال المخزن”، والمخزن إذا كان “أعوج” سأقولها: “أنا صافي” و”الصافي يلعن البيطار”(..).

———————

 التصريحات الفرنسية المسيئة للمغرب “باسلة” ولم تصدر عن شخص “دبلوماسي”

–   ما تعليقك على الزيارة الملكية الأخيرة لدول إفريقية؟

–  “واهلي، كنا نديروها”، نحن معروفون في إفريقيا، ولنا دور معروف، ما قام به “سيدنا” شيء مهم جدا وهو الأمر الوحيد الذي يمكن القيام به(..) أما الحديث عن “الإسلام” و”العرب” وأشياء أخرى من هذا القبيل، لم يعط أي نتيجة كما هو واضح، وعندما تطلعون على الخريطة، ستجدون أن رأس إفريقيا هو المغرب، ويمكننا أن نقوم بجولة في إفريقيا بكاملها بسيدي احمد التجاني فقط (المقصود قطب الزاوية التيجانية).

–         ولكن هذه الزيارة الملكية أغضبت بعض الدول، مثل الجزائر مثلا؟

–         .. معلوم، لأن الملك محمد السادس “زيرهوم”.. وتبين أن هناك حدا لا يمكن أن يتجاوزوه(..).

–         هل تعتقد أن المغرب يمهد لعودة محتملة للاتحاد الإفريقي؟

–         نحن أفارقة في إفريقيا، نحن مسلمون.. ولكننا أفارقة.

–         من بين الدول الأخرى التي  يعتقد أنها لم تنظر بعين الرضى لهذه التحركات الملكية، هناك فرنسا(..).

–         لا أعرف.. “واش اعجبها هادشي ولا ما عجبهاش”.

–         ولكن هناك أزمة حالية بين المغرب وفرنسا؟

–         لا أعتقد أن الزيارة الملكية، لم تعجب فرنسا.. وحتى إذا لم تعجبهم، إذا كانت في مصلحة المغرب يجب أن نقوم بها.

–         ما رأيك في المشكل الذي طرح حول مدير المخابرات (الحموشي)، والتصريحات التي قيل فيها إن المغرب “عشيقة فرنسا..”؟

–         التصريحات الأخيرة الذي تتحدثون عنها لم تصدر عن شخص دبلوماسي، وهي تصريحات “باسلة”، والملك لا يجب أن يسمح بمرورها هكذا(..).

–         وما رأيك فيما يتعلق بمشكلة “الحموشي”؟

–         أنا لا أعود للوراء.. “اللي فات فات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى