شخصيات

حوار|| الهمة غادر “البام” تفاديا لتعقيد الأمور وبن كيران قال إن المشروع وقع في يد “السلاكيط”

حسن بنعدي يكشف المفاوضات السرية لتأسيس حزب الأصالة والمعاصرة قبل انحرافه:

“البام” كان جوابا على إرادة الملك لكنه تعرض للقرصنة والعماري هرب في الربيع العربي

حاوره: سعيد الريحاني

ساهمت الحرب “المعلنة” بين أعضاء المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، في تأكيد “انحراف” الحزب عن المشروع الذي ولد من أجله، برعاية فؤاد عالي الهمة، صاحب لائحة الكرامة في بنجرير، الحائزة على ثلاثة مقاعد في الانتخابات التشريعية لسنة 2007، فـ “المشروع كان عبارة عن سفينة بالفعل، لكن تمت قرصنتها، حسب قول حسن بنعدي، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، الذي كشف لـ “الأسبوع” حصريا، بعض كواليس تأسيس مشروع الأصالة والمعاصرة، الذي كان محاولة لترجمة “إرادة الملك”، كما عبر عنها الهمة، الذي قال، حسب ما يحكيه بنعدي: “إن مشروع جلالة الملك، هو أن يبني مغربا متشبتا بأصالته وثوابته، ومنفتحا على المستقبل والعالم”.

اللقاء بين بنعدي والهمة باعتباره صاحب المبادرة، كان عبر “مرسول”، هو إلياس العماري، لكن بنعدي أصر على توضيح المسافة بينه وبين إلياس، حيث قال في حواره مع “الأسبوع”، إن حديثه مع الهمة كان ثنائيا، دون تدخل من إلياس الذي تعرف عليه في وقت سابق عن طريق حسن أوريد، بمناسبة نشر ملف حول “الغازات السامة في الريف”، يقول بنعدي الذي كان يمارس مهنة الصحافة من خلال جريدته “l’essentiel”.

الهمة اعتبر في وقت من الأوقات، أن حزب الأصالة والمعاصرة انحرف عن سكته، وغادره، بل إنه قال حسب بنعدي: “لا يمكن أن أشتغل فشي حاجة اللي عوض ما تسهل الأمور، تزيد تعقدها”، وعندما وجهت “الأسبوع” سؤالا لبنعدي حول سبب بقائه في الحزب، طالما أن الهمة قال إنه انحرف ورحل(..)، قال بنعدي بأنه لم يخضع في أي يوم من الأيام لإلياس، بل إنه يؤكد أنه كان على خلاف دائم مع الأمين العام المستقيل، وقال له بصراحة: “أنت لست صالحا لهذا العمل..”، ويضيف: قلت له بشكل مباشر: “من الخطإ أن توجد على رأس الحزب، لأن ذلك يشكل استفزازا لعدة قوى”.

ومن بين الجزئيات التي كشفها بنعدي في حواره مع “الأسبوع”، شهادة عبد الإله بن كيران، الذي قال لبنعدي بخصوص حزب الأصالة: “لما أسستم الحزب، كنت أعتقد أنكم ستشتغلون على عمل سياسي لكي تتوجهوا إلى نوع من المغاربة، لا يشبهوننا ولا نشبههم، ولا يمكنهم أن يكونوا معنا في حزب العدالة والتنمية، كنت أعتقد أنكم ستشتغلون معهم في إطار مشروع سياسي نظيف، ولكنكم خليتو هادشي للسلاكيط”.

  • بعد كل ما حدث، هل كانت هناك “غفلة” في دخولك الأصالة والمعاصرة ؟
  • السياق الذي طرحته فكرة “حركة لكل الديمقراطيين”، وبعدها جاء حزب الأصالة والمعاصرة، هو أننا كنا أمام نتائج انتخابات 2007 التي أكدت وجود عزوف كبير وبروز فاعل سياسي وحيد، هو حزب العدالة والتنمية.

مزيان بلفقيه وحسن أوريد.. ثم الهمة 

  • (مقاطعا) أتمنى أن يتم الحديث عن التجربة من خلال مساركم الشخصي الخاص..
  • فيما يتعلق بمساري، فأنا مخضرم، ناضلت في الحركة الطلابية من خلال اليسار كتيار بارز، وعندما شعرت بأن الآفاق المفتوحة أمام الشباب في ذلك الوقت تؤدي إلى طريق مسدود، اقتنعت بالفكرة، فرجعت لما اعتبرته أفيد وأهم، وهو العمل النقابي، فانخرطت في الاتحاد المغربي للشغل، وبقيت فيه سنوات طويلة، حتى أنني أصبحت قياديا في الأمانة العامة، وبعدها أصبحت ممثلا لهذه النقابة في البرلمان، وبقيت كذلك إلى أن شعرت بأن العمل النقابي أصبح مجاله يتقلص، وتحول إلى مجرد محاولات للحفاظ على مواقع شخصية، الشيء الذي عبر عنه عبد الله إبراهيم في وقت من الأوقات بلغة بسيطة، فقال لما انعزل “الطريق قبل الرفيق”، هذه المقولة تبينتها منذ ذلك الوقت، فأخذت طريقا لوحدي، من خلال الكتابة والاشتغال في الصحافة والتعليم، إلى أن وصلنا إلى العهد الجديد…لما جاء الملك محمد السادس، ومن خلال عدد من العلاقات والاتصالات، تعرفت تدريجيا على العناصر البارزة، في الدائرة المقربة، وأغلبهم شباب باستثناء عبد العزيز مزيان بلفقيه، الذي ينتمي لجيلي، فكان أن ساهمت في “تقرير الخمسينية” بناء على دعوة منه.
  • (مقاطعا) ألم يتصل بكم حسن أوريد، الذي كان يشغل مهمة الناطق الرسمي باسم القصر؟
  • أوريد اتصل بي في مبادرات أخرى صغيرة، تتعلق بالتفكير في مستقبل الإعلام بالمغرب، ولكن المحاولة انتهت مع حذف الملف من بين يديه.. بعدها اتصل بي بعض الإخوان فاجتمعنا حول فؤاد عالي الهمة، كي نجيب عن بعض الأسئلة، لماذا لا يساهم الناس في السياسة؟ هل الأحزاب التقليدية استنفذت مهامها؟ هل يجب خلخلة المشهد السياسي؟.. من تم جاءت الفكرة لخلق “حركة لكل الديمقراطيين”، وقتها كان الهمة، قد دخل للبرلمان بعد أن ترشح للانتخابات عبر لائحة الكرامة، وتم تشكيل فريق من الأحزاب الصغرى سمي باسم “الأصالة والمعاصرة”.
  • هل فكرة حزب الأصالة والمعاصرة ناتجة عن التفافكم حول شخص الهمة في إطار “حركة لكل الديمقراطيين”، أم أنها ناتجة عن التفاف الأحزاب الصغرى حوله؟
  • من حيث الاسم، أنا لما بدأت أشتغل، وجدت أن الأحزاب الصغرى شكلت مع الهمة فريق الأصالة والمعاصرة، ولم يكن هناك لا حزب، ولا “حركة لكل الديمقراطيين”، لكن عندما طرح السؤال حول تسمية الحزب، قلت، نسميه باسم الفريق..
  • باعتباركم أعضاء “حركة لكل الديمقراطيين”، كيف دخلتم إدن إلى الحزب؟
  • الحزب لم يكن ليبقى مقتصرا على الأحزاب الأخرى، لأن المنتمين لهذه الأحزاب، كانوا أيضا يحضرون لأنشطة “حركة لكل الديمقراطيين”، ويساهمون فيها.

إلياس لعب دور “رسول” الهمة لكنه لم يتكلم بحضور فؤاد

  • هناك أمر غير مفهوم في كلامكم.. تقول أنكم كنتم مرتبطون بشخص الهمة، كيف تحولت الأمور فأصبحتم خاضعين لإلياس العماري؟
  • لم يسبق لي أن خضعت لإلياس العماري، أنا أعرفه منذ أن كانت عندي مجلة “l’essentiel”، أول من جلبه عندي كان هو حسن أوريد، وقد نسيت أنه كان ضمن المجموعة التي حضرت العشاء عندي، حيث كان مجموعة من الإخوان يقولون أنهم مناضلون من أجل الهوية والأمازيغية، جلبوا ملفا تم نشره في الجريدة حول ضحايا الغازات السامة في الريف.. إلياس هو من كان يحمل ذلك الملف، وهذا عمل عادي بالنسبة لي، لكن في أحد الأيام، اتصل بي، واقترح علي الغذاء معه، فاقترح علي قبل ظهور “حركة لكل الديمقراطيين”، الالتحاق بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، بطريقته حيث سألني: “هل تريد أن أضمنك”، فسألته كيف؟ فقال لي “إن المخزن يبحث عن مجموعة من العناصر لتأسيس الهاكا”، لكني قلت له: “اسمع آ السي إلياس، إذا كان كل ما فعلته في حياتي، ليأتي أحد كي يضمنني، فمعناه أني لا أساوي قرشا، وهكذا انتهت العلاقة معه إلى حين انعقاد مؤتمر حزب الاتحاد الاشتراكي، حيث كانت عندي مجلة نشرت فيها ملفا، أتحدث فيه عن “التفتت” كعنوان في الصفحة الأولى، فاتصل بي من جديد ليسأل عن رأيي، فقال لي “إن هذا الوقت يحتاج إلى رجال”، فقلت له: “الرجال موجودون دائما”.. وضربت معه موعدا على هامش لقاء صحفي في الرباط، وعندما أتى قال لي: “أريدك أن تأتي معي لنلتقي مع “السي فؤاد”.. فإلياس تقريبا، لعب دور “رسول”، لكنني عندما جئت عند الهمة، لم أتحدث أمام إلياس، بل تكلمت مع الهمة مباشرة، وهو الذي شرح لي “مشروع اتخاذ مبادرة لتحريك المشهد السياسي والدفاع عن المشروع الحداثي الديمقراطي الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس”، وقال لي حرفيا: “إن مشروع جلالة الملك، هو أن يبني مغربا متشبتا بأصالته وثوابته ومنفتحا على المستقبل والعالم”، وسألني: “هل أنت مستعد للمساهمة؟”، فقلت له: “طبعا”، وانخرطت بحماس كبير، وعندما بدأ الناس يلتحقون، كنت أقول لهم إنما الأعمال بالنيات، والرسول كان يقول: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى”.. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه”.. وقلت للإخوان: “يمكن لأي كان أن يلتحق بنا، لكن قمرة القيادة لا يمكن أن يدخلها إلا المؤهلون، وهذه المسألة بالنسبة لي كانت أساسية، وهي التي وقع فيها المشكل”.

الهمة كان يساند وحدة الصف النقابي وإلياس العماري لا يصلح لقيادة الحزب

  • (مقاطعا) بالنسبة لك، يفترض أن الأمور واضحة، أنت جئت للحزب في إطار مشروع يفترض أنه ملكي، وبناء على اتصال مع الهمة، لكن الهمة ذهب إلى حال سبيله، وقال “إن المشروع انحرف”، لماذا بقيت أنت في هذا الحزب؟
  • عندما ذهب الهمة، أنا أيضا ذهبت مع المؤتمر الذي جاء فيه مصطفى الباكوري، وقدمت استقالتي، وقلت بأنني لا أتحمل أي مسؤولية في الحزب.. قلت لهم، بالنسبة لي الأمور “انحرفت”، والمسألة بالنسبة لي بسيطة، ففي اليوم الذي قرر فيه إلياس العماري وبنعزوز، جلب نقابة للحزب، قلت لهم هذا خرق للمبادئ التي اتفقنا عليها في “حركة لكل الديمقراطيين”، وأهمها أن لا نمس الوحدة النقابية، وقد ذهبت أنا والهمة عند المحجوب بن الصديق إلى بيته وشرحنا له مشروع “حركة لكل الديمقراطيين”، وقلنا له بأنه لا علاقة لها بالصف النقابي، بل حاولت وقتها، بناء على توصية من فؤاد، أن أفتح حوارا مع جميع المكونات النقابية، “باش يديروا شي حاجة” تحت عنوان “أي حركة نقابية للمغرب الجديد؟”، واتصلت بالأموي وشباط والإخوان في الاتحاد المغربي للشغل، وكنا ندفع في اتجاه أن يأخذوا زمام المبادرة، لكي نتذاكر حول إعادة بناء حركة نقابية قوية، بعدها اكتشفت أن من “يهرس” هذه المبادرات، “هوما الناس اللي داخل حزب الأصالة والمعاصرة”، مثلا عندما يكون لي موعد مع النقابيين داخل المقر، كنت أجد المقر مغلقا، بالإضافة إلى أساليب أخرى سخيفة..في استجواب مع “الأيام”، كتبت أيضا، مقالا تحت عنوان “لهذه الأسباب غادرت حزب الأصالة والمعاصرة”، عندما كان الباكوري أمينا عاما، وإلياس نفسه، تمت مواجهته في التلفزيون، من طرف أحد الصحفيين الذي قال له: “إن بنعدي ذهب من الحزب”، لكن إلياس رد عليه بطريقة بهلوانية، ففضلت ألا أتكلم في الموضوع، وبقيت في ذلك الموقف بعيدا، إلى حين انعقاد الانتخابات الجماعية والجهوية لسنة 2015، حيث بدأ التهييء للانتخابات االتشريعية لسنة 2016، فتم الاتصال بي من طرف كل من بيد الله وعلي بلحاج، وطلبوا مني أن نفتح حوارا غير رسمي في إطار “حركة لكل الديمقراطيين”، وقالوا بأنهم بصدد تحضير مؤتمر للحزب قبل الانتخابات، فقلت لهم بـ “أن ذلك خطأ.. اتركوا مصطفى الباكوري، لأن الناس يحترمونه”، لكن المشكلة هي أنه عندما كنا نتحدث في هذه الأمور، كنت أقرأ في الصحافة، بأن هناك مخططا كي يتم انتخاب إلياس العماري أمينا عاما، فعبرت عن موقفي من خلال استجواب صحفي، وقلت لهم “إذا وصل إلياس لقيادة البام، فهذا استفزاز لعدة قوى(..)”، لأنني كنت أعرف أنهم لن يدخلوا في تناقض مع حزب العدالة والتنمية فقط، بل مع عدد من مكونات البلاد، فقالوا لي: “لماذا تتكلم؟”، فقلت لإلياس بصراحة: “أنت لست صالحا لهذا العمل..”، وقلت له بشكل مباشر: “من الخطإ أن توجد على رأس الحزب”، فقاطعت المؤتمر، والجلسة الافتتاحية…بعد المؤتمر، اتصل بي إلياس العماري، وعرفت بأنه لا يجيد سوى المناورات، ويمكن أن يصلح لبعض الأشياء(..)، فجاء عندي وقال لي: “لقد مر المؤتمر، وحضينا باستقبال”، وأضاف بأنه يقترح علي بأن أشرف على أكاديمية للتكوين، والواقع أنني عندما ابتعدت، فكرت في تأسيس “معهد للتنمية السياسية” بعدما رأيت مثل ذلك المعهد في الأردن، حيث كانت هناك، وقلت مع نفسي، لا يمكن أن نحاول بناء دولة حديثة، دون أن تكون لنا معاهد على غرار المعاهد التي تسلحت بها فرنسا أو ألمانيا من أجل بناء الدولة الحديثة.. المهم أنني حاولت أن أبيع الفكرة لبعض الإدارات، فوجدت الناس يستمعون إلي بإمعان، لكن الأبواب تبقى مغلقة، فقلت مع نفسي، ربما لم يحن الوقت لمثل هذه الفكرة، فأصبح عملي يقتصر على الجامعة، وعندما جاء عندي إلياس ليقترح علي نفس الفكرة، ضحكت، وقلت هذا مشروعي الذي تمت عرقلته من ناحية، عاد من ناحية أخرى، وطبعا لم يكن أمامي، سوى التصرف كإنسان مندفع، أو أن أقول كما يقول المغاربة: “آجي نتبعوا الكذاب حتى لباب الدار”، وقلت له أن الأمر يتطلب مني التفرغ، فقال لي، “سيكون عندك كارت بلانش للتفكير في المشروع وصياغته، وبلورته، وتدبيره، وسيكون عندك تعويض وامتيازات رئيس جهة”، وهنا أريد أن أفتح قوسا بأن عبد ربه، بخلاف كل الناس الذين خاضوا تجربة حزب الأصالة والمعاصرة، لم يطمع في أي مقعد، ورفضت أن يكون ابني في لائحة البرلمانيين الشباب.. هذا من حيث ظاهر الأمور، أما في الباطن، فكل المقترحات التي أتيت بها، كان يقوم بعرقلتها، لكي أدفع وأنصرف، وكي يقول للناس، بأنني لا أصلح لأي شيء، فحاولت وصبرت وكان يظهر لي أنه هو من سيصطدم بالحائط(..) إلى أن وقعت أحداث الحسيمة، فكانت هي سبب الهجوم علي، حيث عبرت عن رأيي مباشرة، وقلت في العنوان: “إن ما وقع يؤشر على فشل النخب بما فيها تلك التي تسير دواليب الدولة”، وقلت “إننا لم نفهم الشباب، وبالتالي، فهم يرفضوننا”..

بين مشروع الهمة والقراصنة.. هناك الخائفون والانتهازيون

  • ماذا تقصد بدواليب الدولة، هل كنت تقصد الهمة؟
  • لكي أكون واضحا، عندما قالوا لي بأن الهمة صديق الملك، قلت لهم بأن الهمة بالنسبة لي من المساعدين لجلالة الملك والاختيار للملك، وقد بينها لي بوضوح عندما قال لي: “لا يمكن أن أشتغل فشي حاجة اللي عوض ما تسهل الأمور، تزيد تعقدها”..
  • ولكن “البام” في البداية كان مشروعا ملكيا، أليس كذلك؟
  • .. ليس لكون الملك يريد تأسيس حزب، ولكن لأننا حاولنا أن نجيب عن مشروع ملكي كما قرأناه، حيث كان جلالته يريد “المغرب كدولة حديثة متشبتة بأصالتها” وهذا هو المشروع..
  • هل هذا هو ما قصدت قوله عندما قلت بأن الحزب أصبح في يد قراصنة؟
  • عندما كنت أقرأ الأخبار وهي تتكاثر، حول مجموعة صغيرة تشتغل داخل الحزب، لكن بشكل متضامن، قلت أنهم “قراصنة”، وقلت بأن الحزب سفينة بالفعل، لكن تمت قرصنتها..
  • إلى هنا يطرح سؤال، كيف أمكنك أن تميز بين “مشروع الهمة” و”مشروع إلياس”؟
  • أنا أقول بأن إرادة الملك وإرادة الهمة، هي التي أرادت أن تفتح المجال لعرض سياسي جديد، لأجيال أخرى، وقد قال لي بن كيران، ذات يوم، رغم أن المجالس أمانات: “لما أسستم الحزب، كنت أعتقد أنكم ستشتغلون على عمل سياسي لكي تتوجهوا إلى نوع من المغاربة، لا يشبهوننا ولا نشبههم، ولا يمكنهم أن يكونوا معنا في حزب العدالة والتنمية، كنت أعتقد أنكم ستشتغلون معهم في إطار مشروع سياسي نظيف، ولكنكم خليتو هادشي للسلاكيط”.. وأضاف بأنه لم يكن لديه مانع من تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة، وما قاله بن كيران مهم جدا، وقد سنحت لي الفرصة بأن أقول له عندما كنت أنا أمينا عاما لـ “البام”، وكان هو أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية: “كونوا مغاربة أولا ثم كونوا إسلاميين ثانيا”، وأعطيت مثال: “عندما كان هناك امتحان الوحدة الترابية، وكانت هناك حركة شيوعية في المغرب، كان علي يعتة هو من ذهب للكريملين ليقول بأنه مصطف وراء الملك، ولما كان الاتحاديون لاجؤون في الجزائر، وكان بعضهم محكومون بالإعدام، لم تجد الجزائر أي اتحادي لتوظيفه ضد المغاربة.. نحن كمغاربة، يمكن أن نختلف في الأفكار، لكن أن يكون هناك فاعل سياسي وحيد، فهذا هو الخطر، وقد وقع ذلك في بداية الستينات، وها هو هاذ السيد لما ظهر له قليل من الضوء، حاول أن يتغول على الجميع.. نعم أقصد إلياس يتغول على الدولة، وعلى الأطر والشباب، ولا أحد يستطيع أن يتكلم داخل البام”..
  • لماذا لا أحد يستطيع أن يتحكم في مواجهة إلياس العماري داخل “البام”؟
  • هناك من يخاف، وهناك من يندهش، وهناك الانتهازيون وهذا موجود في كل الأحزاب.. أنا دائما أردد الآية الكريمة: ((فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها”))، يعني أن أي حزب وأي حركة أيضا، ينطبق عليها هذا القول، فهناك من سيطور الأمور في اتجاه إيجابي، وهناك من سيشتغل في الظلام؟

الشباب في الريف يسمون حزب الأصالة والمعاصرة “الحزب الملعون”

  • مشروع الأصالة والمعاصرة كان واضحا، ولكنه الآن أصبح ضد الملك؟
  • .. عندما ذهبت إلى المؤتمر الأخير في وجدة، يوم 18 يوليوز، حيث كانت المسيرة المليونية مقررة هناك يوم 20 يوليوز، ولم أكن أعرف كيف ستكون نتيجة المظاهرات، فقمت بما قمت به في الربيع العربي، عندما هرب إلياس العماري إلى الخارج، بقيت أنا هنا أحاور الجميع وأعطي التصريحات.. وخطاب جلالة الملك كان واضحا، عندما قال إن بعض الناس يتزاحمون عندما تكون الأمور “مزيانة” ويهربون عندما تكون الأمور “صعيبة”، أنا ذهبت إلى مؤتمر وجدة، وقلت لهم: “أيها الإخوان، يجب أن تطرحوا على أنفسكم سؤال، لماذا هذا الحزب الذي جاء لكي يعقلن المشهد السياسي ويقدم عرضا جديدا ويمارس السياسة بشكل مغاير، أصبح لدى الرأي العام وشباب المنطقة، يسمى الحزب الملعون”؟ هذا السؤال طرحته قبل الخطاب الملكي، وقلت كيف يعقل أن نقوم بتسيير جهة ونحن لسنا قادرين على أن نعقد فيها اجتماعا؟ فجاء خطاب الملك، وكان هنالك اجتماع، قبل أن يعلن إلياس استقالته، قال للمجتمعين، ربما الوحيد الذي كان يعرف مضمون الخطاب، هو حسن بنعدي، فأجبته: “إنها فراسة المؤمن”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى