حوار الأسبوع

بنعمرو: نحن لا نسعى لإسقاط النظام الملكي

      على امتداد سنوات تكلفت بعض أحزاب اليسار بأداء التكلفة الباهظة للانتقال الديمقراطي، من جلود مناضيلها(..)، ولكن هذه الأحزاب فقدت الكثير من وزنها مع مرور الوقت، رغم حفاظها على نفس الخطاب القديم.

هي إذن حقبة سوداء من تاريخ “سوء الفهم” بين المؤسسة الملكية وأحزاب اليسار، ولكن، ما الذي حدث حتى تفتقت عبقرية اليساريين الراديكاليين فجأة إلى الدفاع عن “الملكية البرلمانية”؟ هل يمكن القول إن صفحة الخلاف طويت؟

بعض هذه الأسئلة يجيب عنها المحامي عبد الرحمان بنعمرو، والكاتب الوطني لحزب الطليعة الاشتراكي، الذي يؤكد أن الخلاف مع النظام مازال قائما فيما يتعلق باختياراته الليبرالية(..)، معتبرا أن تجربة وصول بن كيران إلى الحكومة مجرد “مهزلة تاريخية” تتكرر دائما.

فيما يلي، يشرح بنعمرو أسباب إقصاء حزب النهج من التحالف الجديد الذي أسسته ثلاثة أحزاب يسارية، كما يوضح الفرق بين أحزاب اليسار وحركة “لكل الديمقراطيين” باعتبارها حركة تضم في طياتها يساريين قدماء، غير أنها تتوجه للهجوم على الحكومة وليس النظام بخلاف أحزاب اليسار، حسب ما يؤكده بنعمرو.

تتمة المقال بعد الإعلان

وفيما يتعلق بالتقاء حزب الطليعة مع “جماعة العدل والإحسان” في الشارع إبان خروج مظاهرات حركة 20 فبراير، نفى عبد الرحمان أي تنسيق مشترك، واعتبر أن الجماعة المذكورة كبيرة من حيث الكم فقط، ولا أفق ديمقراطي لها، حسب قوله.

—————–

حاوره سعيد الريحاني

  • أعلنتم مؤخرا عن تشكيل تحالف بين ثلاثة أحزاب “المؤتمر الاتحادي، اليسار الموحد، الطليعة”، لماذا استثنيتم حزب النهج الديمقراطي، رغم أنه الأقرب إليكم؟
  • ..أملنا ورغبتنا الأكيدة، هي أننا نسعى لوحدة اليسار في المبادئ والأهداف والوسائل والنضالات من أجل تغيير موازين القوى، ولا شك أنها رغبة جميع تنظيمات اليسار المناضل “أقول اليسار المناضل وليس اليسار الذي يحمل فقط الشعارات”، الذي تحمل الآلام والمعاناة والسجون بسبب مواقفه الصارمة إزاء اختيارات الحكم التي تتناقض تماما مع اختيارات اليسار، سواء في المسألة الديمقراطية أو في المسائل السياسية(..).

من هذا المنطلق، يمكن القول إن من كان متواجدا في الساحة النضالية الملموسة، هو حزب المؤتمر الوطني الاتحادي والحزب الاشتراكي الموحد، وحزب الطليعة، وحزب النهج الديمقراطي وكانت هناك مجموعة الوفاء للديمقراطية، تبعا لذلك أسسنا كخطوة أولى تجمع اليسار الديمقراطي سنة 2004 وأعلنا ذلك على مستوى ميثاق مشترك وورقة تنظيمية(..).

تتمة المقال بعد الإعلان

————-

“تقرير المصير” أحد أهم الخلافات مع حزب النهج الديمقراطي

وإلى حدود اليوم لم يتم حل “تجمع اليسار” لا رضائيا ولا قضائيا، ولكنه تعثر في مسيرته واجتماعاته، لأسباب معينة، منها أن هذا التحالف كان له هدف تنسيقي وليس الاندماج، ومعنى ذلك أن القرارات التي لا يقع فيها إجماع لا تنفذ(..) رغم أننا نظمنا عدة أنشطة مشتركة وبيانات وكانت لنا سكرتارية وطنية(..).

لكن، عندما بدأنا نشتغل على المسألة الدستورية، ظهرت خلافات مع حزب النهج، حول نوع النظام الذي سنناضل من أجله، لأن الأنظمة تختلف فيما بينها “نظام ملكي، نظام جمهوري، نظام برلماني..”(..) الإخوان في باقي مكونات التجمع كان عندهم موقف وهو أن نسكت عن هذه المسألة(..) الخلاف الثاني بيننا وبينهم ظهر في القضية الوطنية، فهم على كل حال يقولون إنهم متفقون مع مبدإ “تقرير المصير” (يقصد النهج) بينما باقي المكونات تقول إن الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب الوطني وهذه مسألة مفروغ منها(..) حيث اتفقنا في الأخير على صيغة “الحكم الذاتي” ولكن بشروط ليست هي شروط “الحكم”، الذي ننتقد الكيفية التي سلكها في ملف الصحراء(..).

الخلاف الثالث: يتعلق بالانتخابات، فهي بالنسبة لنا وسيلة لتحقيق الديمقراطية، يمكن أن نقاطعها أو نشارك فيها حسب المعطيات، لكن الإخوان كانوا متحفظين ويميلون إلى المقاطعة(..) كل هذه الأمور ترتب عنها تراجع الاجتماعات بين مكونات تجمع اليسار، ولم نعد نلتقي إلا في أنشطة كبيرة مثل المهرجانات(..).

—————–

 الوصول إلى “الملكية البرلمانية”.. “ماشي ساهل”

  • يمكن القول إن الأحزاب المشكلة للتحالف “المؤتمر الوطني الاتحادي، اليسار الموحد، الطليعة”، هي آخر ما تبقى مما يوصف باليسار الراديكالي، هل نفهم من هذه الخطوة الأخيرة أن اليسار طوى صفحة الخلاف مع النظام، طالما أنكم حددتم سقف النضال في “الملكية البرلمانية”
  • الملكية البرلمانية “ماشي ساهلة”، والنظام لن يقبلها بطبيعة الحال، لأننا يجب أن نعرف مفهوم الملكية البرلمانية كما هو متعارف عليه في البلدان الديمقراطية مثل إنجلترا، وإسبانيا(..) وهي تعني باختصار أن “الملك يسود ولا يحكم”، بمعنى أن مصدر السلطات هو الشعب، فضلا عن الفصل بين السلط(..).
  • (مقاطعا) قلتم إن اليسار عانى طويلا من الاعتقالات وأدى الثمن على عدة مواقف كان يبدو فيها متصارعا مع النظام، ولم يكن المطلب هو الملكية البرلمانية؟
  • مازلنا في صراع مع النظام(..) النظام له اختيارات ليبرالية، بينما نتبنى نحن الخيارات الاشتراكية و”التوزيع العادل للثروات”، مقابل ذلك، الملك يمسك بجميع السلطات، حسب هذا الدستور الذي قاطعناه، يمسك بالسلطة التشريعية والتنفيذية والدينية في نطاق الفصل (19)، الذي تم تعويضه بالفصل (42) و(43)، فضلا عن الهيمنة على جهاز القضاء، وهذا ما دفعنا لمقاطعة الدستور الأخير، لأنه ليس ديمقراطيا من حيث طريقة إعداده لأن اللجنة التي أشرفت عليه عينها الملك، فضلا عن محتوياته التي تجعل المقود بيد المؤسسة الملكية، هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية فإن الملك أخذ أيضا اختصاصات رئيس الحكومة، رغم التنصيص عليها في الدستور، مثل ما حصل بمناسبة تعيين رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وهو في نظري من اختصاص رئيس الحكومة.
  • ولكن هذا المجلس الدستوري زكى هذا الاختيار؟
  • هذا تحليلي الخاص، أما المحكمة الدستورية فأغلبية أعضائها معينين من طرف الملك، ثانيا نحن ليس لنا خلاف مع النظام في المسألة الدستورية فقط بل نختلف أيضا في قضية المؤسسات، حيث لا توجد ضمانات لإجراء انتخابات نزيهة، وسبق لنا أن اقترحنا التسجيل التلقائي للناخبين الحاملين للبطاقة الوطنية مباشرة من طرف السلطة المحلية(..) لأن اللعب في الانتخابات ينطلق من “العزوف”(..).

————————-

الفرق بيننا وبين “حركة لكل الديمقراطيين”

  • ألا يندرج في إطار الأحزاب اليسارية، حزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي، حسب وجهة نظرك؟
  • اليسار ليس فقط هو تبني الديمقراطية، ولا رفع شعار الاشتراكية، فحزب البام مثلا بدوره يتحدث عن الاشتراكية (..)، لكن، في نظري أن الأحزاب اليسارية تقوم على الديمقراطية الداخلية، والإيمان بالاشتراكية، حيث لا يعقل أن يعتبر يساريا من يمارس اختيارات ليبرالية(..)، أما الشرط الثالث فهو النضال الملموس في الساحة(..)
  • مجموعة من المبادئ التي تتحدث عنها وردت في الأوراق المذهبية لتنظيمات أخرى مثل “حركة لكل الديمقراطيين”، ما الفرق بينكما؟
  • الفرق في المواقف، نحن نتوجه للنظام وهم يتوجهون للحكومة، ونحن نقول إن الحكومة لا يمكن أن تحقق شيئا في إطار نظام رجعي أو ليبرالي ويمسك بجميع السلط(..) بن كيران ما هو إلا تكرار لمهزلة وسيناريو يتكرر عبر تاريخ المغرب، يعني أن خلق الحكومات يرافقه خلق عراقيل، لا تسمح بالحصول على الأغلبية في البرلمان وهذا ما حصل مع العدالة والتنمية حيث حصلوا على 107 مقاعد من أصل 325 مقعدا، هذا الأمر يدفعهم إلى التحالف مع توجهات أخرى موالية للنظام أو ليبرالية(..).
  • أعود بك لنموذج “حركة لكل الديمقراطيين”، التي يقول بعض أعضائها إنهم يساريين؟
  • على كل حال، فاليسار هو مبادئ وتضحيات وسلوك وممارسة، وهي ثلاثة شروط مجتمعة “الموقف من الحكم، والاشتراكية، الممارسة”.

———–

الانتخابات في عهد الحسن الثاني لم تكن توفر أدنى شروط المشاركة

  • اشتهر حزبكم بمقاطعة الانتخابات في عدة محطات لدرجة أن هناك من يقول عنكم إنكم “احترفتم المقاطعة”، لماذا؟
  • كما عبرنا عن ذلك مرارا، لا ديمقراطية بدون انتخابات، ولكن لا انتخابات بدون ديمقراطية حقيقية، لأن المؤسسات هي ممثلي الشعب هم الذين يمثلون في التشريع والبرلمان، حسب ما تفرزه صناديق الاقتراع، إذن من أسس الديمقراطية هو المؤسسات المنتخبة، ولكن بشرط أن تكون منتخبة بشكل حر ونزيه.

نحن قاطعنا الانتخابات لمدة طويلة ولكننا دخلنا إلى الانتخابات من جديد(..) الانتخابات في عهد الحسن الثاني لم يكن يتوفر فيها حتى الشرط الأدنى، وكان القلم هو الذي يتحرك(..) اللعبة الآن تغيرت، عبر استعمال أسلوب “التوجيه الناعم” والاعتماد على بعض الأعيان، ودفع الشباب إلى العزوف أو الحياد السلبي(..).

الآن وبغض النظر عن المقاعد التي قد نفوز بها، دخلنا في المحطة الانتخابية لسنة 2007 و2009، وموقف المقاطعة نتخذه حسب الظروف وإمكانية الاستفادة منها، قد نقاطعها في ظروف معينة وقد لا نقاطعها في ظروف أخرى(..).

  • هناك من يقول بأن تقليص اختصاصات الملكية في الوقت الراهن قد تكون له نتائج سلبية، مثال التجربة الأخيرة التي أفرزت برلمانا وحكومة تطغى عليهما الصراعات؟
  • الديمقراطية حسب المحللين تنطوي على سلبيات وإيجابيات، لكن المحللين الموضوعيين يؤكدون أن إيجابياتها أكبر من سلبياتها، ويؤكدون أنها تصلح نفسها بنفسها(..) أنا أقول إننا يجب أن نتبنى الديمقراطية حتى لو أفرزت وصول الأصوليين إلى السلطة(..).

—————

 ماذا لو تكررت التجربة التونسية في المغرب؟

  • تبدو حريصا في كلامك على الحديث عن الامتداد الجماهيري ولكنكم مع كامل الأسف لستم أحزابا جماهيرية؟
  • “يصمت طويلا” من حيث الحجم هذا شيء نشعر به ولكننا نعمل على تجاوزه، ولكن لا تنسوا أن الظروف الحالية، التي تتميز بإستراتيجية معينة يتبعها المخزن تقوم على محاربة اليسار، ليس بالقمع فقط، بل من خلال وسائل أخرى من بينها منع الاعتمادات المالية عليه، وكما هو معلوم اليسار ليست له قدرة على امتلاك جريدة، كما يتم حرماننا من وسائل الظهور في التلفزيون(..) كما أنهم يدفعون في اتجاه عزوف الشباب، الذي لم يعِ إلى حدود اليوم دوره(..).

ثانيا؛ هو انتشار كبير للأمية وتأثير الأصوليين الذين يستغلون الدين لجر شريحة اجتماعية كبيرة، نحن في معركة كبيرة مع الأصوليين الرجعيين من جهة، ومع النظام النظام المخزني في اختياراته(..) نحن لم نتمكن من المد الجماهيري ولكن لنا امتداد وسط الشباب، وإذا أردتم المقارنة فلتتذكروا تونس، حيث لم يكن الرئيس منصف المرزوقي يمثل ولو 1 في المائة، ولكن الظروف جعلت حزبه هو الثالث أو الرابع في الانتخابات(..) يعني يمكن أن تكون هناك ظروف معينة تعطينا حجمنا الحقيقي(..).

——————-

 العدل والإحسان جماعة كبيرة من حيث الكم ولكن لا “أفق ديمقراطي” لها

  • المحك الحقيقي لمطالبكم كان هو نزول شباب 20 فبراير للشارع، وقتها اجتمعتم مع جماعة العدل والإحسان(..) وأنت الآن تتحدث عن خلاف مع النظام، بينما “الجماعة” كانت تهدف حسب ما يفهم من بعض فصائلها هو “إسقاط النظام”، ما الذي يجمعكما؟
  • أغلبية فصائل 20 فبراير، كانت تهدف إلى ملكية برلمانية، لن يقبلها النظام لحد الآن، والمسألة ليست مرتبطة بنوع الحكم، فقد يكون “نظاما جمهوريا” ودكتاتوريا وقد  يكون النظام ملكيا وديمقراطيا أكثر من الأنظمة الجمهورية، المهم هو الأسس التي ينبني عليها هذا النظام، هل مصدر السلطة هو الشعب؟ أم أنها تجتمع في يد شخص قد يكون ملكا أو عسكريا(..) العبرة بالمعاني وليست بالألفاظ.
  • يبقى السؤال مطروحا، ما الذي يجمعكم مع جماعة العدل والإحسان؟
  • نحن لم ننسق مع العدل والإحسان في نطاق 20 فبراير، ولكن لم تكن هناك إمكانية لإقصاء أي طرف نزل إلى الشارع في إطار المد(..).
  • هناك من يقلل من قيمة حضوركم في حركة 20 فبراير، بدليل أنه بمجرد انسحاب جماعة العدل والإحسان، اتجهت الحركة نحو الأفول؟
  • العدل والإحسان لها حجم كبير من حيث الكم، ولكنه غير كافٍ، لأن حجما كبيرا بدون أفق ديمقراطي يصبح “كميا” فقط، نحن نختلف معهم في مسألة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية(..).

تراجع 20 فبراير له عدة أسباب من بينها، لعبة الحكم، و”تفرج” بعض القوى المحسوبة على الديمقراطية واليسار، كما تمت عرقلة الحركة من طرف الأحزاب الإدارية(..)، فضلا عن الموقف الذي اتخذه حزب العدالة والتنمية والمركزيات النقابية، ولكن مع ذلك يمكن القول إن عوامل ظهور حركة 20 فبراير مازالت قائمة(..).

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى