جريدة الجرائد

عندما قرر الحسن الثاني عرض الأسرى المصريين على وسائل الإعلام العالمية وهم مقيدو الأيدي والأرجل

             في صباح 14 أكتوبر 1963 نشبت مواجهة عسكرية بين دولتي الجزائر والمغرب العربيتين، بدأت في شكل مناوشات عسكرية حدودية سرعان ما تطورت لمعارك حربية شاملة عرفت باسم “حرب الرمال”.

وهي تلك الحرب التي استمرت حتى نجحت منظمة الوحدة الإفريقية المؤسسة حديثا وقتها (تأسست بتاريخ 25 ماي 1963)، في إجبار المغرب والجزائر على التوقيع على وقف فوري لإطلاق النيران دخل حيز التنفيذ بتاريخ 20 فبراير 1964.

ساندت الولايات المتحدة الأمريكية سياسيا وعسكريا دولة المغرب، بينما اختارت الجمهورية العربية المتحدة برئاسة الزعيم جمال عبد الناصر مساندة دولة الجزائر سياسيا وعسكريا بمعدات وقوات مصرية على الأرض.

الدعم العسكري الأمريكي الخاص الذي حصلت عليه المملكة المغربية شكل خطرا على الدولة الجزائرية، مما دفع القيادة المصرية إلى مساندة الجزائر بألف مقاتل من فرق النخبة المصرية مع كتيبة مدفعية مصرية بكامل تسليحها، وتشكيل غطاء خاص من أحدث الطائرات السوفياتية الصنع التي حصلت عليها مصر للتو من الاتحاد السوفياتي.

بسبب التميز والكفاءة المهنية والتدريب الروسي الرفيع، وجد الطيار المقاتل محمد حسنيالسيد مبارك، قائد سرب الطائرة القاذفة السوفيتية الصنع «إليوشن 2 – 28»، نفسه بين القوة الجوية التي كلفها الرئيس جمال عبد الناصر بالتحرك الفوري إلى دولة الجزائر.

طبقا لما تكشفه وثائق أرشيف الاستخبارات السوفيتية”KGB””عظيمة السرية” عن مجريات الأحداث في سادس يوم للمعارك بين الجزائر والمغربالموافق الأحد 20 أكتوبر 1963، يتضح أن القوة الجوية المصرية لم تكن مجرد طائرات مصرية مقاتلة.

وأن تلك القوة تشكلت من حوالي 10 طائرات نفاثة مقاتلة من طراز ميج – 19 – ميكويان جوريفيتش السوفياتية الصنع، المعروف أن أول إقلاع لها سجل بتاريخ 18 شتنبر 1953 وقد بدأ إنتاجها عام 1955 وأنتج منها 2172 طائرة.

كما تشكلت القوة المصرية الجوية من عدد آخر من الطائرات العمودية وطائرات النقل الروسية الثقيلة التي حملت قوات النخبة المصرية مع كامل عتادها.

ضمت القوة الجوية المصرية الرئيسية خمسة طيارين كانوا من أفضل الطيارين المقاتلين الجويين المصريين على الطرازات السوفياتية المختلفة، أبرزهم الطيار محمد حسني السيد مبارك.

طبقا للاتفاق المصري -الجزائري يومها تقرر نقل الطيارين الخمسة عقب وصولهم الجزائر مباشرة إلى القاعدة الجوية الحربية الغربية القريبة من مناطق المعارك تمهيدا لتسلمهم طائرات جزائرية سوفياتية الصنع من ذات الطرازات التي اعتادوا الطيران عليها.

اكتشف الطيارون الخمسة لدى وصولهم القاعدة الجوية العسكرية الجزائرية الغربية أن الطائرات السوفياتية الرابضة في انتظارهم قديمة وتعاني محركاتها من مشاكل، حيث لم تجرى لها أية عمليات صيانة منذ أن تسلمتها الجزائر من مصانعها في موسكو.

نظرا لضيق الوقت وعدم توافر قطع الغيار الروسية، أجبرت أحداث المعارك الطيارين من القوة الجوية المصرية الموفدة للجزائر الموافقة على الطيران بطائرتين جزائريتين روسيتين الصنع كانتا الأفضل حالة.

وتقرر نقل الثلاثة طيارين المصريين الباقين، وكانوا برتبة العقيد طيار وبينهم مبارك على متن طائرة عمودية جزائرية يوم الأحد 20 أكتوبر 1963 إلى قاعدة عسكرية جزائرية أخرى، تمهيدا لتسلمهم طائرات قاذفة روسية من الطرازات التي تدربوا على قيادتها.

تسبب الحظ السيئ في تعطل المروحية الجزائرية فجأة لعيب تفني أصاب محركاتها جراء عاصفة رملية كثيفة باغتتها أثناء طيرانها على ارتفاعات منخفضة بهدف التمويه تحت الرادارات الأرضية.

فاضطر قائد المروحية إلى الهبوط اضطراريا داخل منطقة عمليات عسكرية مشتركة جغرافيا، فتم أسر طاقم الطائرة الجزائرية العمودية بواسطة القوات الأرضية المغربية.

عقب سقوط الطيار المصري محمد حسني السيد مبارك وزملائه في أسر القوات المغربية، ثارت وسائل الإعلام المغربية وركز الإعلام الدولي على حقيقة تواجد قوات نخبة مصرية حاربت ضمن صفوف القوات الجزائرية ضد المغرب.

طبقا لوثائق أرشيف الاستخبارات السوفياتية”KGB””عظيمة السرية” قرر الملك الحسن الثاني عاهل المملكة المغربية الذى جلس على عرش بلاده في الفترة من 26 فبراير 1961وحتى وفاته بتاريخ 23 يوليوز 1999، فضح قرار مساندة النظام المصري للرئيس جمال عبد الناصر لدولة الجزائر ضد المغرب، وطلب الملك عرض طاقم الطائرة العمودية الجزائرية وركابها من الأسرى المصريين على وسائل الإعلام العالمية، وهم مقيدو الأيدي والأرجل.

وتأكدت الاستخبارات السوفياتية”KGB”في وقت وجيز مما حدث للطائرة الجزائرية العمودية وحقيقة أسر القوات المغربية ركابها، وبينهم صديق موسكو الطيار المصري محمد حسني السيد مبارك.

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى