تحقيقات أسبوعية

متابعات | “الأسرة الداعشية”.. إرهاب جديد يهدد المملكة انطلاقا من منطقة الساحل

بين سابك والشرقاوي.. المؤسسة الأمنية تدق ناقوس الخطر

إعداد: سعيد الريحاني

 

    كانت أمسية يوم الخميس المنصرم تعد بالشيء الكثير بالنسبة للمهتمين والمتتبعين داخل مقر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، حيث حج العشرات من الصحفيين “مدججين” بأقلامهم وكاميراتهم وهواتفهم النقالة، لحضور الندوة الصحفية التي خصصت لتسليط الضوء على واقعة ضبط الخلية الإرهابية المعروفة إعلاميا بـ”خلية الأشقاء الثلاثة” التي تم تفكيكها بحد السوالم، وقد سميت بهذا الاسم لوجود ثلاثة أشقاء ينتمون لأسرة واحدة ضمن صفوفها..

تتمة المقال تحت الإعلان

بين صرامة حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي كان يجيب عن أسئلة الصحافيين بشكل حازم أحيانا، في مواجهة سؤال “ادعاء وجود مشككين”، حيث كان يقول: “ماذا كان سيقول المشككون لو نجح تنفيذ عمل إرهابي في حد السوالم”؟، وبين القدرات التواصلية الكبيرة لرجل الأمن، هو الناطق باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، بوبكر سابك، الذي كان يقول إن “الإشاعات” ووجود المشككين من أصحاب الأجندات، يهدف إلى “دفع الأجهزة الأمنية إلى الانكفاء على نفسها”، تراوح اللقاء الإعلامي، الذي كشف خيوط وملابسات غير معروفة لدى الرأي العام، ومنها أن “اندحار تنظيم الدولة الإسلامية داعش” في معاقله داخل بؤر التوتر، لا يعني انتهاء الخطر، حيث مازال الفكر منتشرا في مختلف أنحاء العالم، مع تطور وسائل التواصل، بل إن الإرهابيين طوروا وسائلهم، من الاستقطاب بأسلوب تقليدي إلى أسلوب سريع، حتى أن إحدى العمليات تميزت بمشاركة متهم كان بصدد تعاطي الخمور وذهب إلى التنفيذ وهو يحمل قنينة الخمر بيده، بعد أن قدم له مستقطبه إغراءات حول الحور العين وأشياء أخرى(..)، ثم إن الخطورة وصلت إلى حد تجنيد الأطفال.. صدق أو لا تصدق أن واحدا من المتهمين، ذو قدرات إرهابية خطيرة، ليس سوى طفلا يبلغ من العمر 14 سنة (نموذج خلية سابقة)، صدق أو لا تصدق، أن خلية إرهابية كاملة كانت مكونة من النساء فقط.. وهذه كلها معطيات تم كشفها خلال اللقاء المذكور.

الخطورة لا تقف عند هذا الحد، بل إن مركز “داعش” الجديد، والذي يهدد المغرب، وصل إلى منطقة الساحل الإفريقي، وقد كشف الشرقاوي حبوب أن  “الأشقاء الثلاثة” كانوا يخططون للالتحاق بمعسكرات تنظيم “داعش” في منطقة الساحل فور الانتهاء من تنفيذ مشروعهم الإرهابي في المملكة.. “هناك اندحار داعش في المناطق الحاضنة، لكن فكر داعش ما زال حيا”، يقول الشرقاوي، الذي أكد أيضا أن هذه الخلية التي كانت على وشك تنفيذ عمليات إرهابية بالمغرب، مرتبطة بقياديين في “داعش” بمنطقة الساحل، وكانوا يشرفون على مهام التوجيه والتأطير لصالح الخلية التي خططت لتنفيذ عمليات تفجيرية في مقرات أمنية حساسة، وأسواق ممتازة، ومرافق عمومية تستقبل الزبائن والأجانب.. وقد تساءل الصحفيون عن أسماء الشخصيات العمومية المستهدفة، فأجاب بوبكر سابك أن الأمر غير ممكن، لأن إعطاء أسماء سيخدم واحدا من أهداف الإرهابيين وهو “الترويع”.

أخطر ما كشفت عنه المؤسسة، سواء على لسان سابك أو الشرقاوي، هو ظهور نوع جديد من التطرف الذي يستهدف “الأسرة المغربية”، فـ”خطورة هذه الخلية (خلية حد السوالم) لا تكمن فقط في المشاريع التي كانت تعتزم تنفيذها، ولا في المستوى المتقدم.. وإنما في تنامي الاستقطاب الأسري كرافد جارف للتجديد في صفوف المستعدين للقيام بهجمات إرهابية، فهذا يعبر عن تصاعد ناشئ ينذر بتحديات اجتماعية خطيرة، وتشكل جيوب مقاومة للأعراف والتقاليد المغربية”، على حد تعبير الشرقاوي.

تتمة المقال تحت الإعلان
لقاء الحموشي مع المدير العام للشرطة الإسبانية، فرانسيسكو باردو بيكيراس، ورئيس الشرطة الفيدرالية الألمانية، ديتر رومان

كانت الأسئلة قد انصبت أيضا حول دواعي وجود طائرة هليكوبتر، وفرقة خاصة من القناصة المدربين على إصابة الأهداف بدقة عالية، لكن الناطق باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الحاج سابك، أوضح أن تحركات “الفرق الخاصة” تخضع لبروتوكول صارم، يهدف إلى حماية المواطنين وممتلكاتهم، وكذا حماية الفرق المتدخلة، و”إن اقتضى الحال رفع مستوى التأهب لتنفيذ البروتوكول فسيتم رفعه..”، حسب المصدر المشار إليه، والذي أكد أيضا أن “تفكيك خلية حد السوالم ارتبط بتحديات كبيرة، منها توفر معلومات خطيرة، وإمكانية استعمال متفجرات.. وهو ما فرض استخدام الكلاب الخاصة المدربة لكشف المتفجرات، والقناصة والمروحية..” في مواجهة متهمين “مندورين للموت”، حسب قوله.

“التواصل جزء من سياسة المؤسسة الأمنية”، واللقاء مع الإعلاميين يهدف إلى دحض الإشاعات، وخلال سنة 2022 تم رصد مغادرة 130 شخصا من المتطرفين المغاربة، إلى ساحات الجهاد الإفريقية في الصومال والساحل، منهم معتقلون سابقون في قضايا الإرهاب، ومقاتلون سابقون في المنطقة السورية”، كما أن “المصالح الأمنية فككت أزيد من 40 خلية إرهابية على علاقة وطيدة بفروع القاعدة، أو داعش بالساحل الإفريقي(..)”.. كلها معطيات تم الكشف عنها خلال اللقاء التواصلي المذكور.

كل من سابك والشرقاوي، ومن معهم من الأطر الأمنية، بمن فيهم المكلفين بالجانب التقني، وولاة أمن آخرين، كانوا يحاولون التفاعل بشكل تلقائي مع أسئلة الصحافيين، وبالتزامن مع ذلك، ومثل خلية النحل.. كانت الأوامر قد صدرت لتتحرك الفرق الأمنية الخاصة، خارج القاعة، لتوفير الأجواء للإعلاميين من أجل التصوير وكل الحركات، رغم أن الأمر يتعلق بتحرك ما يزيد عن 400 رجل أمن (بين أصحاب الزي، وأصحاب الزي المدني، وداخل وخارج المقر)، كانت تتم بشكل سلس، ودون ضجة تذكر، ما يعكس مستوى التدريب والانسجام بين أعضاء هذه الفرق ذات القوة البدنية والنشاط الذهني الملحوظ(..)، بل إن القاعة نفسها التي احتضنت اللقاء مع الصحافيين، تميزت بتدخلات ناعمة، وبتمشيط من الأمنيين بشكل لم يلاحظه إلا عدد قليل من الصحفيين، وقد كانت الإشارات تنتقل بين المنصة والمعنيين بشكل سلس(..).

تتمة المقال تحت الإعلان

أسئلة الصحفيين امتدت إلى درجة التساؤل حول إمكانية تأثير التطرف على تنظيم استحقاقات رياضية كبرى بالمغرب، مثل كأس إفريقيا، ومونديال 2030، لكن بوبكر سابك، أكد أن اليقظة الأمنية متواصلة على عدة مستويات، وأشار في هذا السياق إلى اللقاء الذي عقده المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف الحموشي، قبل ذلك اللقاء، بمدريد، مع المدير العام للشرطة الإسبانية، فرانسيسكو باردو بيكيراس، ورئيس الشرطة الفيدرالية الألمانية، ديتر رومان، حيث كان هدف اللقاء هو دراسة مختلف جوانب الأمن الوطني والدولي، بما فيها تلك المرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030.. كما أشار أيضا إلى التنسيق الجاري مع دولة قطر وما يتم تحضيره من تطبيقات ذكية بهذا الخصوص(..).

يذكر أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية كان قد أعلن مؤخرا، عن إحباط مخطط إرهابي وشيك كان في مرحلة الإعداد لتنفيذ عمليات تفجيرية، وقد جاءت العملية الأمنية الدقيقة استنادا إلى معلومات استخباراتية وفرتها المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، وأسفرت عن توقيف أربعة عناصر متطرفة، من بينهم ثلاثة أشقاء، ينشطون في منطقة حد السوالم بإقليم برشيد.. وأفاد بلاغ إعلامي أن عملية التدخل تمت في منزلين بكل من تجزئة العمران وتجزئة الأمل، بمشاركة عناصر القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، إضافة إلى فرق متخصصة، منها الفرقة السينوتقنية للكلاب المدربة وتقنيو الكشف عن المتفجرات، فضلا عن مروحية للدرك الملكي..

وأسفرت المداهمات عن حجز مواد خطيرة يشتبه في استخدامها لتحضير المتفجرات، من بينها أسلحة بيضاء، سوائل ومساحيق كيميائية، وأسمدة، بالإضافة إلى أسلاك كهربائية ومعدات للتلحيم، وتم وضع هذه المواد تحت تصرف خبراء الشرطة العلمية لإجراء التحليلات اللازمة، كما أن التحقيقات كشفت أن المشتبه فيهم أعلنوا ولاءهم لتنظيم “داعش” في شريط فيديو، مع تعهد بارتكاب أعمال إرهابية، كما أكدت الأبحاث أنهم كانوا يخططون لتنفيذ عمليات تخريبية باستخدام مواد متفجرة، قبل محاولة الالتحاق بمعسكرات التنظيم الإرهابي في منطقة الساحل، وأُخضع الموقوفون لتدبير الحراسة النظرية في إطار تحقيق قضائي تشرف عليه النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب، بهدف الكشف عن تفاصيل المخطط وامتداداته، واعتقال كل من له صلة بهذه الخلية الإرهابية.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى