تحقيقات أسبوعية

متابعات | أسرار التحالف الأخير بين أمريكا وإسرائيل

من المعتقدات "المسيحية-الصهيونية" إلى الدعم العسكري والسياسي

تطرح العلاقة بين أمريكا وإسرائيل العديد من التساؤلات العريضة لدى الشعوب العربية والغربية، حول الأسرار الخفية وراء الدعم الأمريكي الكبير للصهاينة على حساب الشعب الأمريكي وعلاقة الولايات المتحدة مع الدول العربية وشعوبها، وأيضا مع المجتمع الغربي، الذي بدأ يستيقظ من سباته ويعرف خلفيات تأسيس الكيان الإسرائيلي في الشرق الأوسط على حساب شعوب المنطقة واحتلاله لأراضي الدول العربية وتوسيع أطماعه الاستعمارية نحو الأراضي السورية واللبنانية وسيناء المصرية..

إعداد: خالد الغازي

    كشفت حرب غزة العديد من الأجوبة والخبايا حول العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وسر الدعم المتواصل والمستمر رغم جرائم الإبادة المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين، ورغم الحصار والتجويع المضروب على شمال القطاع وجنوبه وقطع الإمدادات الإنسانية وإغلاق معبر رفح، في حرب اعتبرها العديد من المحللين “حربا دينية بعقيدة صهيونية تبيح قتل الأطفال والنساء والمدنيين وفق وصايا الحاخامات والنصوص التلمودية العبرانية”، التي تعتبر قتل أطفال العرب جرائم مقبولة وجائزة حسب المعتقدات الدينية للصهاينة.

تتمة المقال تحت الإعلان

وبالرغم من الرعاية الأمريكية المزيفة لاتفاقيات السلام وعقد العديد من اللقاءات والمفاوضات من أجل تحقيق السلام العربي الإسرائيلي والتعهد بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة بجانب إسرائيل، إلا أن الملاحظ أن هذه المحطات أو الاتفاقيات كانت مجرد وسيلة لكسب الوقت وتعطيل المسار التفاوضي حتى تتمكن إسرائيل من ربح فترة زمنية طويلة لكي تتوسع جغرافيا وتصادر المزيد من الأراضي وتبني الآلاف من المستوطنات وتغير الديمغرافية والجغرافية على أرض فلسطين ولبنان، واليوم سوريا.. أمام أعين إدارة واشنطن رغم اختلاف انتماءاتها السياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين، إلا أنها ترى في أمن إسرائيل واستقرارها تدخلا ضمن شؤون الأمن القومي الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.

لكن، هناك خلفيات أخرى وراء الدعم الأمريكي لإسرائيل غير المفهوم لدى العديد من الدول العربية والآسيوية، وحتى الأوروبية، خاصة فيما يتعلق بالغطاء السياسي والدبلوماسي والحماية التي تقدمها أمريكا على مستوى مجلس الأمن، والأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات الدولية، وحسب بعض المحللين والكتاب، فإن التحالف الأمريكي الإسرائيلي مبني على معتقدات إيديولوجية بين “الصهيوني والإنجيلي”، والتي تحث على توطين اليهود وجمعهم في دولة خاصة واحدة فوق أرض فلسطين “أرض الميعاد” كحل للمسألة اليهودية، بدعم من “التيار المسيحي الإنجيلي” المنتشر في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يرى في دعم الكيان الصهيوني فرضا دينيا على كل مسيحي، لأن عودة اليهود مسألة مقدسة تدخل ضمن النبوءة الإنجيلية.

فقد ظهر “تحالف المسيحية والصهيونية” في القرن الثامن عشر، من خلال اللقاءات التي كانت تجمع بين زعماء الحركة الصهيونية وقساوسة الكنائس البروتستانتية، وأخذ أبعادا دينية، والتي تهدف إلى تأييد قيام دولة يهودية في فلسطين بوصفها “حقا تاريخيا ودينيا لليهود”، ودعمها بشكل مباشر وغير مباشر باعتبار أن عودة اليهود إلى الأرض الموعودة، فلسطين، هي برهان على صدق التوراة، وعلى اكتمال الزمان وعودة المسيح ثانية، وحجر الزاوية في الدعم الشديد لهؤلاء المسيحيين لإسرائيل، هو “الصلة بين دولة إسرائيل المعاصرة وإسرائيل التوراة”، لذلك أُطلق على هذه الاتجاهات الصهيونية في الحركة الأصولية اسم “الصهيونية المسيحية”.

تتمة المقال تحت الإعلان

في كتاب “البعد الديني في السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربى-الإسرائيلي”، للكاتب اللبناني الدكتور يوسف الحسن، يكشف البعد الديني لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية، وعلاقة الحركة المسيحية الأصولية الأمريكية المعاصرة بقضية فلسطين، وإثارة الاهتمام بهذه العلاقة وتقديم معالجة مفصلة لهذا الجانب غير اليهودي من الصهيونية، وهو جانب لا يزال يلقى اهتماما في الدراسات والأبحاث المتعلقة بالحركات الصهيونية وتأثيرها في المجتمع السياسي الأمريكي.

وحسب الكاتب، فإن “الحركة المسيحية الأصولية” شكلت العديد من جماعات الضغط، وتعاونت مع جماعات أخرى في حركة اليمين المحافظ في عهد رونالد ريغن، وأهم تلك الجماعات: “السفارة المسيحية الدولية-القدس”، بهدف ربط العلاقة بين الكنائس المسيحية وإسرائيل؛ “المائدة المستديرة الدينية للتعاون الاستراتيجي طبقا لتعاليم التوراة”؛ “مؤسسة جبل المعبد”، التي تهدف لإنشاء المعبد في القدس، أي الهيكل مكان المسجد الأقصى باعتباره من الإشارات التي تسبق العودة الثانية للمسيح؛ “مؤتمر القيادة المسيحية الوطنية من أجل إسرائيل لدعمها داخل أمريكا”، و”هيئة المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل”، ثم “المصرف المسيحي الأمريكي من أجل إسرائيل” لدعم سياسة التهويد والتوسيع في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى “حركة شهود يهوه”، وهي جماعة دينية مسيحية بروتستانتية، يؤمن أتباعها بعدد من الأفكار الصهيونية، ويعود اسم الجماعة الشائع، إلى إيمانها بأن اسم الإله الحقيقي هو “يهوه”، وأن الاسم الحقيقي للمسيحيين هو “شهود”.

ويعتقد السياسيون الأمريكيون المتصهينون، أن المسيح يأخذ بأيدهم، وأنهم يقودون معركة “هرمجدون”، التي ستقع في منطقة الشرق الأوسط، ويتحدث الكثير منهم عن السبب الديني لدعم إسرائيل، الشيء الذي سبق أن صرح به الرئيس الأمريكي ليندون جونسون في الستينيات، حيث يرى الكثير من الباحثين أن عددا من رؤساء أمريكا ينتمون عقائديا ودينيا إلى “المسيحية-الصهيونية”، منهم هاري ترومان، دوايت إزنهاور، ريتشارد نيكسون، جيمي كارتر، رونالد ريغن، جورج بوش الأب وجورج بوش الابن، كما تعتبر منظمة “أيباك”، وهي اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة، أكبر لوبي اقتصادي للصهاينة في الولايات المتحدة الأمريكية يدافع عن مصالح إسرائيل، كما يضم ما يسمى “اتحاد المسيحيين لأجل إسرائيل”، والذي يستند إلى “المسيحية الصهيونية والإنجيلية”، باعتبارها تنشر رسالة المسيح بين الشعوب، والتي تضم بداخلها تيارا مسيحيا صهيونيا في الولايات المتحدة.

تتمة المقال تحت الإعلان

في هذا السياق، يرى محمد شقير، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، أن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، يدخل ضمن الأولويات الاستراتيجية لأمريكا كدولة عظمى في المنطقة، إذ أن أسرائيل تشكل أحد أسس الاستراتيجية في هذا الإطار منذ خلافة الولايات المتحدة لبريطانيا التي كانت تقدم الدعم قبلها لإسرائيل، لاسيما وأنها كانت وراء زرع إسرائيل في منطقة جيواستراتيجية، وبالتالي، فإن الولايات المتحدة تضع إسرائيل منذ الأربعينيات ضمن أحد أولوياتها الاستراتيجية، وتقدم لها الدعم العسكري، الذي يصل سنويا لثلاثة ملايير دولار، بالإضافة إلى تزويدها بكل أنواع الأسلحة وضمان الدعم السياسي في المحافل الدولية، بما فيها مجلس الأمن، وهي مسألة تدخل في إطار “أولوية استراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية”.

ويضيف شقير، أن هناك لوبيا إسرائيليا يتحرك بقوة داخل الولايات المتحدة، ويؤثر على كل صانعي القرار السياسي في أمريكا، لذلك فهو يعتبر أيضا أحد العوامل التي تجعل الولايات المتحدة تقدم بشكل ممنهج ومتواصل هذا الدعم، الذي يدخل ضمن الحفاظ على مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها دول الخليج، التي تعد ضمن الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة بحكم أنها تعد أهم المناطق التي تزخر بالبترول، وبالتالي، فإن تواجد إسرائيل في المنطقة يضمن للولايات المتحدة الحفاظ على التزود بهذه المادة الحيوية، ومن جهة أخرى، ترى أمريكا في وجود إسرائيل ضمانا للحفاظ على مصالحها، ويجب أن تبقى القوة الإقليمية المركزية في منطقة الشرق الأوسط والقوة العسكرية الأولى في المنطقة، لأنها تعتبر أمن إسرائيل ضمن الأمن القومي الأمريكي.

ويؤكد نفس المتحدث أن هذا التشابك في العلاقات بينهما هو الذي يجعل الدعم المقدم لإسرائيل، سواء كان دعما عسكريا أو سياسيا أو دينيا أو ماديا، يدخل ضمن هذا الإطار، ومنه إسرائيل لا يتم دعمها فقط من الناحية السياسية، وإنما حتى من الناحية العسكرية، نظرا لأنها تدخل ضمن الأولويات الجيوستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وعلى الصعيد العالمي، مشيرا إلى أن الأحداث الحالية التي تقع في سوريا تؤكد أن إسرائيل تعد أحد اللاعبين الأساسيين في كل ما يجري في سوريا، والدليل على أن هذا التحول، وما وقع مؤخرا، جعل إسرائيل تسارع الوقت إلى ضم مجموعة الأراضي السورية، والتوغل داخل الجغرافية السورية، سواء من خلال إلغاء اتفاق سنة 1974، أو من خلال احتلال جبل الشيخ، الذي يعد منطقة استراتيجية لأنه يهيمن على المنطقة ويجعل إسرائيل تطل على كل الأراضي السورية، زد على ذلك، أن توغلها في منطقة القنيطرة، إحدى المناطق الحدودية مع إسرائيل، لأنها ترى أنها معنية بالدرجة الأولى بما يجري في سوريا.

تتمة المقال تحت الإعلان

من جانبه، قال الباحث والكاتب الفلسطيني عزيز العصا، عضو معهد القدس للدراسات والأبحاث بالقدس، في تصريح سابق، أن هناك تركيزا لليهود على القدس، لمزاعم وادعاءات دينية وعقائدية، طورها السياسيون الصهاينة، والتي ترتكز على قاعدة أن المسيح المنتظر سيظهر في المدينة المقدسة، وبالتالي، تمكنوا من ترسيخ فكرة القدس كعاصمة لليهود، من خلال تحريض الأجيال الشابة على الاستيطان في المدينة”، مضيفا: “هناك مخطط خطير آخر يشتغل عليه نتنياهو بتنسيق مع حلفائه، وهو إعلان إسرائيل دولة يهودية، والتي تعني أن كل ما يقع في حدودها ملك لليهود، والآخر هو أجنبي وغريب عن البلد، ليس له الحق في المواطنة أو أي حقوق مدنية، رغم أن وعد بلفور يعطي للآخرين غير اليهود حقوقا مدنية”.

وأوضح الكاتب الفلسطيني، أن “فكرة الدولة اليهودية طرحها بن غوريون فحضر ثلاثة من زعماء المنظمات اليهودية-الأمريكية إلى فلسطين في شهر ماي 1948، والتقوا معه، وأبلغوه بأن إسرائيل ليست مخولة بالإعلان عن نفسها أنها دولة يهود العالم، ثم عاد شارون وطرح نفس الفكرة في العام 2003، لكن تم تجميد الأمور حتى العام 2009، حيث عاد نتنياهو ليطرح الموضوع مطالبا السلطة الوطنية الفلسطينية بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، الأمر الذي رفضته السلطة رفضا قاطعا”، مشيرا إلى أن الاحتلال قام بتحريف وتزوير الحقائق التاريخية وإبراز أن كل شيء في المدينة المقدسة يعود لليهود، بهدف تهويد القدس، عبر نهب الآثار التاريخية، سواء البيزنطية أو العثمانية أو الرومانية، وحتى الآثار الإسلامية الأموية، وسرقة الأحجار التاريخية على أنها مآثر يهودية ويتم وضعها في متحف “روك فيلر” الذي في الأصل هو متحف فلسطيني تم احتلاله”.

تتقاطع العلاقات الأمريكية والإسرائيلية على المصالح السياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، مرتكزة على سياسات استعمارية تستهدف سرقة الشعوب الضعيفة ومصادرة الأراضي، ونهب الثروات وبترول العراق وسوريا، والأراضي الزراعية بجنوب لبنان وغزة، حتى لو وصل الأمر إلى قتل المدنيين وارتكاب جرائم إبادة في حق سكان الأرض وتهجيرهم للاستيلاء عليها، وذلك وفق أطماع عسكرية واقتصادية لكنها ذات أبعاد سياسية ودينية وفق معتقدات “المسيحية-الصهيونية”، وذلك من أجل إثبات شرعية الانتهاكات التي يقوم بها الكيان الصهيوني في الأراضي العربية على أساس أنه شرط لتحقيق النبوءات التوراتية والتلمودية، من خلال تهويد القدس، وبناء هيكل سليمان، للتعجيل بظهور “المسيح المخلص” ومنقذ المسيحية المتصهينة.

تتمة المقال تحت الإعلان

تعليق واحد

  1. Ces ovnis comme les tornades et les ouragans des soldats de Dieu ces ovnis pour venger les morts de Gaza par les avions américains pour éviter la mort des américains par ces ovnis et d’autres catastrophes apocalyptique la fin de la guerre à Gaza 19 décembre 2024.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى