المنبر الحر

المنبر الحر | حتمية اعتماد شعبة “البناء” في مراكز التكوين المهني

بقلم: عثمان محمود

    التقدير كل التقدير للجهود التي تبذلها مراكز التكوين المهني بمختلف مستوياتها وتخصصاتها، وقد استطاعت مع تعاقب السنين أن تخرج آلاف الحرفيين والمهنيين الذين يعدون بحق عصب الحركة الدؤوبة داخل المصانع الكبرى والصغرى والورشات الذاتية، كما أنها تعتبر الملاذ الآمن للذين انتهى بهم المسير الدراسي عند مرحلة تعليمية بعينها، فساهمت بذلك في الحد من التأثيرات السلبية للهدر المدرسي المبكر، أضف إلى هذا أنها كانت في الكثير من الأحيان مفرا آمنا من شبح الفراغ والبطالة مباشرة بعد التخرج والحصول على الشواهد المهنية المتخصصة، والأمل معقود على تلك المراكز في مواصلة المسيرة الموفقة من أجل مواكبة التطور الصناعي وما يتطلبه من الجديد في التخصصات التي تحتاج إليها النهضة العمرانية، وما تبتغيه من طاقات عاملة بإتقان وإخلاص وتفان.. وهنا بالذات ينبغي عليها أن تولي اهتماما أكثر وأكبر لقطاع البناء.. هذا القطاع الذي يشغل يدا عاملة كبيرة في المدن والقرى على مدار العام، لكن يبقى اكتساب الحرفة وممارستها معتمدا في الغالب الأعم على الاحتكاك، حيث تنتقل التجربة والخبرة من جيل إلى جيل، علما أن طرق البناء في تطور متواصل، ومواد التشييد في تنوع وابتكار مترادف، والآلات الموظفة والمستعان بها تفرض نفسها داخل الورشات، وتثبت بذلك وجودها الفعلي الذي لا محيد عنه.. كل هذا يتطلب بلا ريب التكوين المستمر لتحسين الخدمة والأداء، وبالطبع المهمة بيد مراكز التكوين المهني لإعداد يد عاملة مدربة بشكل جيد وعلى دراية تامة بخصائص مواد البناء، ومتطلبات الآلات والمعدات، ومطلعة على سبل الوقاية والحماية، أثناء أداء الأشغال والخدمات للتقليل ما أمكن من آفات الحوادث الطارئة.. فمزيدا من التخصصات في هذا المجال الحيوي، ومزيدا من التشجيع للشباب على الإقبال عليها، وعلى الطرف الآخر، فالمقاولات الصغرى والكبرى ملزمة بالإقبال على توظيف الحاصلين على الشواهد من تلك المراكز التكوينية، ولا داعي إلى التذكير هنا بأهمية الدورات التدريبية على مدار العام للراغبين في تعميق الخبرات في إطار تكوين موسمي أو ليلي أو عن بعد، حتى يبقى العامل على تواصل مع كل جديد يعرفه الميدان، وحتى يصقل الحرفة ذاك الذي اكتسبها بالملاحظة والمعاينة ومن تم المزاولة، ولتحضر “الفيديوهات” التحسيسية، سواء تعلق الأمر بالاحتياطات أثناء العمل، ومتطلبات التعامل مع مواد البناء للحصول على أحسن النتائج والمبتغيات، أو تعلقت المسألة بالانفتاح على عالم البناء والتشييد في دول أخرى، قصد نيل تجارب وخبرات جديدة تغذي ما لدى العامل من معارف ومهارات..

متطلبات الحياة المعاصرة في اتساع مطرد، ولتحقيقها وتوفيرها للمستهلك والراغب في نيلها، وجب الإعداد المستمر لليد العاملة المتدربة والمواكبة لروح العصر، وما قطاع البناء إلا نموذج يلح على مراكز التكوين في بلدنا الغالي حتى ينال الاهتمام الأوفى بشكل مكثف، لأنه قطاع حيوي على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والحضاري.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى