المنبر الحر

المنبر الحر | كيف يمكن الاعتماد على الدستور لبناء مشهد سياسي مختلف

بقلم: مراد علوي

    إن الحياة السياسية بالمغرب تمتاز بالتنوع، وبالرغم ما تمثله من امتياز إلا أنها تشكل عائقا أحيانا، حيث يتم تداخل في مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية، وكذا الاقتصادية، وقد عرفت تطورا ملحوظا على مدى السنوات بحكم التحول المجتمعي..

يتميز النظام السياسي المغربي اليوم بملكية دستورية، حيث يعتبر الملك الضامن لاستقرار الدولة وموحدا للشعب.. هذا النظام يرتكز أيضا على الوثيقة الدستورية، أُقرت في عام 2011 بعد حراك شعبي ضمن “الربيع العربي”، ويعتبر خطوة مهمة نحو توسيع هامش الحريات وتقوية دور المؤسسات الديمقراطية.

من أبرز معالم الحياة السياسية المغربية هو التعددية الحزبية، حيث توجد أحزاب ذات خلفيات وتوجهات متنوعة تشمل الليبرالية، والاشتراكية، والإسلامية، والقومية.. هذه التعددية توفر فضاء للمنافسة السياسية والتنوع في الآراء، لكن هناك تحديات تعيق تطور المشهد الحزبي، أبرزها ضعف الثقة الشعبية في الأحزاب، وضعف أدائها في بعض الأحيان، مما يؤدي إلى العزوف السياسي وانخفاض نسب المشاركة في الانتخابات.

تتمة المقال تحت الإعلان

ويسعى المغرب بدوره إلى بذل جهود كبيرة لتعزيز الديمقراطية بجميع أشكالها، عبر تنظيم انتخابات دورية ونزيهة، وفتح المجال أمام الأحزاب لتشكيل الحكومة في حال فوزها بالأغلبية، لكن رغم ذلك، لا تزال هناك عقبات تواجه تحقيق ديمقراطية كاملة، حيث يرى البعض أن هناك نقصا في التأثير الحقيقي للأحزاب السياسية على بعض القرارات المهمة، وأن النظام السياسي لا يزال في حاجة إلى تعزيز استقلالية القضاء وتوسيع حرية التعبير.

وينظر أيضا إلى مؤسسات المجتمع المدني كعامل أساسي في تقوية الحياة السياسية، إذ تلعب دورا مهما في التوعية والدفاع عن حقوق المواطنين، وتقديم مطالب مجتمعية للحكومة.

على مستوى حرية التعبير، شهد المغرب تطورا مهما خلال العقدين الماضيين، حيث أصبح الإعلام أكثر انفتاحا، وظهرت صحف ومواقع إلكترونية تقدم آراء نقدية، غير أن هذا المجال لا زال يواجه بعض التحديات، كالتضييق على الصحافيين في بعض القضايا الحساسة، مما يؤثر على مستوى الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.

تتمة المقال تحت الإعلان

بصفة عامة، تتسم الحياة السياسية في المغرب بوجود أساسيات الديمقراطية، وتطور مستمر في الحقوق والحريات، مع استمرار تحديات تتعلق بتحسين فعالية الأحزاب، وزيادة إشراك المواطنين، وتقوية دور المجتمع المدني، وتحقيق تقدم ملموس في هذه المجالات يحتاج إلى جهود مشتركة بين الدولة، والأحزاب، والمجتمع المدني، لضمان تحقيق استقرار سياسي شامل وبيئة سياسية أكثر انفتاحا ونزاهة.

لتخليق حياة سياسية أفضل، يجب أن يمثل الفاعل السياسي اليوم ركنا أساسيا، إذ ينتظر منه التفاعل مع مختلف القضايا بشكل فعال وأكثر وضوحا وشفافية، كما يجب عليه أن يتميز بالنزاهة في عمله، حيث تكون القرارات التي يتخذها موجهة إلى المصلحة العامة بدلا من المصالح الشخصية، لأن النزاهة لا تعتبر فقط التزاما قانونيا، بل قيمة أخلاقية تزيد من ثقة الناس في الشخصيات السياسية وتعزز شفافية المؤسسات.

ومن جهة أخرى، تعكس استجابة الفاعل السياسي لقضايا المجتمع مدى التزامه بتلبية احتياجات الناس، لذلك يتعين عليه أن يكون قريبا من المواطنين، يستمع إلى آرائهم، ويترجم تطلعاتهم إلى سياسات ملموسة، وبالتالي، يبقى الحوار والانفتاح على الآراء المختلفة من أهم سمات العمل السياسي الناجح، حيث يساعدان على بناء قرارات متوازنة تتماشى مع متطلبات المجتمع وتطلعاته، تضاف إلى ذلك ضرورة الالتزام بالأخلاق السياسية، التي تعني الابتعاد عن التلاعب والمواقف المتذبذبة، إذ يجب أن تكون القرارات السياسية نابعة من مبادئ واضحة وثابتة، مما يساهم في بناء صورة إيجابية للفاعل السياسي ويزيد من مصداقيته أمام المواطنين.

تتمة المقال تحت الإعلان

وبما أن التواصل الفعال مع الجمهور يعتبر من الركائز الأساسية التي تسهم في تخليق حياة سياسية سليمة، على الفاعل السياسي أن يحرص على توضيح أهداف القرارات وخلفياتها، مما يسهم في توعية الناس ويمنحهم فهما أفضل لسياساتهم.. هذا النوع من التواصل يخفف من التوترات ويوفر فرصا للحوار المجتمعي.

علاوة على ذلك، يظل التركيز على التنمية المستدامة عنصرا أساسيا في السياسات الناجحة، وينبغي أن يضع الفاعل السياسي استراتيجيات تخدم الأجيال القادمة، من خلال الاستثمار في قطاعات كالتعليم، الصحة، والبيئة، بما يحقق تقدما مستداما ويحسن من جودة حياة المواطنين.

أخيرا، فإن مكافحة الفساد والتمييز تأتي ضمن أولويات الفاعل السياسي الذي يسعى إلى تحقيق العدالة، فتعزيز الشفافية ومحاربة الفساد يخلقان بيئة سياسية نظيفة ويزيدان من فعالية السياسات العامة، لذلك من المهم أيضا للفاعل السياسي أن يكون مرنا في التفاعل مع التغيرات المحلية والعالمية بما يضمن القدرة على تقديم حلول تتماشى مع التحديات الجديدة دون المساس بالهوية الوطنية، وبالتالي، فتخليق الحياة السياسية يعتمد على نزاهة الفاعل السياسي، واستجابته لمطالب المجتمع، ثم التزامه بالأخلاق، وتواصله الفعال مع المواطنين. 

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى