تحت الأضواء | الدواعي القانونية لبطلان قرار المحكمة الأوروبية ضد السيادة المغربية
المحامي طبيح يكشف التحيز المكشوف لصالح البوليساريو
الرباط – الأسبوع
لا زال قرار محكمة العدل الأوروبية الذي “يبطل” الاتفاقية التجارية التي أبرمها المغرب مع الاتحاد الأوروبي، يثير النقاش داخل المفوضية والبرلمان الأوروبيين، وبين بلدان الاتحاد، خصوصا وأن قرار المحكمة الصادر يوم رابع أكتوبر المنصرم لم يحترم النظام الأساسي للاتحاد الأوروبي، وتجاوز الأمم المتحدة ودستور الاتحاد الأوروبي الذي لا يعترف بوجود البوليساريو في العالم، ومنحها “الشرعية القانونية” للتقاضي أمام المحكمة بدعوى أنها تمثل ما تسميه “الشعب الصحراوي” دون الإدلاء بوثيقة أممية تؤكد هذه المزاعم.
والملاحظ في قضية محكمة العدل الأوروبية، أن القضاة الذين أصدروا القرار ببطلان اتفاقيتين بين المغرب والاتحاد الأوروبي يوم 4 أكتوبر، ضد المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، غادروا مناصبهم يوم 6 أكتوبر، مما يدل على تخطيط مسبق والطابع السياسي للقرار..
في هذا الإطار، يكشف المحامي عبد الكبير طبيح، عضو مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، والرئيس السابق للجنة العدل والتشريع بالبرلمان، عن تفاصيل مثيرة في قرار محكمة العدل الأوروبية، التي اعتبرت أنه لا يمكن إدراج الصحراء المغربية في الاتفاق بدعوى أنها “إقليما متنازعا عليه”، بينما مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية طالبا المحكمة بإلغاء القرار السابق الصادر في شتنبر 2021، للسماح بإبرام اتفاق جديد مع المغرب.
وانتقد طبيح الحكم الذي صدر من طرف المحكمة الأوروبية، لكونه وصف جبهة البوليساريو بـ”الممثل الشرعي للشعب الصحراوي”، مضيفا أن قرار المحكمة الأوروبية لسنة 2024 استند على حكم آخر سابق كان قد صدر سنة 2015، والذي لا يتضمن أي عبارة أو جملة تعتبر البوليساريو ممثلا شرعيا، قائلا: “إن القاضي الذي أصدر قرار 2015 وضع أسئلة وجودية على محامي البوليساريو آنذاك، حول الأهلية القانونية للوقوف أمام المحكمة الأوروبية للإنصات وقبول الدعوى القضائية”، مضيفا أن محامي الجبهة نفى ذلك قائلا: “لا ننتمي لأي دولة وليست لنا علاقة مع أي دولة ولا يوجد لنا وجود جغرافي..”، حيث تم تدوين الجواب في الفقرة 38 من الحكم الصادر في سنة 2015، مجيبا بأنه يقف أمام المحكمة وفقا للقانون الأساسي لجبهة البوليساريو والتوكيل الذي حصل عليه منها للترافع عنها.
واعتبر طبيح أن “المحكمة الأوروبية تأكدت بأن الجبهة ليست لها وضعية قانونية، ولا تنتمي لأي دولة، لكن “سنعطيها الصفة لكي تتقاضى أمام المحكمة الأوروبية، حسب ما تضمنته الصفحتان 45 و46″، مبرزا أن المحكمة الأوروبية لم تدخل في هذا النقاش حول أهلية البوليساريو في الترافع أمامها إطلاقا، خوفا من أن تتورط فيه، لكنها انزلقت بعدما اعتبرت أن البوليساريو لديها الصفة ووصفتها بـ”الممثل الشرعي للشعب الصحراوي” ضدا على قرارات الهيئة الأممية وضدا على قرارات الاتحاد الأوروبي، وهذا ما يسمى نوعا من الاحتقار الذي تريد المحكمة الأوروبية أن تتعامل به.
وأشار نفس المصدر إلى أن جميع القضايا المعروضة على المحكمة تتعلق بنزاعات تجارية بين شركات، داخل الاتحاد الأوروبي وليس خارجه، بينما المحكمة أقحمت البوليساريو في عملية تجارية رغم أن هذه الجبهة الانفصالية ليس لها وجود جغرافي ولا يسري عليها القانون الذي يسري على دول الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن هذا القرار هو آخر ورقة يلعبها خصوم الوحدة الترابية مع المملكة على الصعيد الأوروبي، في ظل التحولات الكبيرة التي عرفتها القضية الوطنية والتقارب المغربي الفرنسي، وأيضا التقارب المغربي الإسباني، لاسيما وأن مسؤولي معظم دول الاتحاد اعتبروا أن القرار لا يلزمهم.
وحسب عبد الكبير طبيح، فإن القانون التأسيسي للمحكمة الأوروبية يمنع عليها التدخل في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، من خلال المادة 275، حيث أن نوعية الأحكام التي تصدرها المحكمة يمنع عليها الاتحاد التدخل في السياسة الخارجية التي تشرف عليها المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، والاتفاقيات التي يبرمها الاتحاد تدخل في سياسة خارجية، وبالتالي، فالمحكمة تجاوزت القواعد العادية وخرقت حتى القوانين الداخلية، لهذا جاء الجواب من قبل جوزيف بوريل، ممثل السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، وعدة دول أخرى، مثل إسبانيا وألمانيا وفرنسا.. والتي عبرت عن تجاهلها لهذا القرار.
ودعا طبيح إلى فتح نقاش وطني بين المؤرخين والأساتذة حول دوافع وجود قضيتنا الوطنية في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، قائلا: “جاء الوقت لتغيير الاستراتيجية كلها، فلم يبق هناك مجال لمن سيكتب الورقة أو أن الجزائر هي التي تحرر الورقة.. فرنسا ستقدم أرشيفها للمغرب، وإذا كان المستعمر الإسباني والفرنسي يعترف بأن الأرض مغربية، فما علاقة اللجنة الرابعة بالأمر علما أن المغرب هو الذي أحال القضية عليها، حينها لم تكن البوليساريو والجزائر موجودة ؟”.