ربورتاج | تحول غلاء الأسعار في الصيف إلى عقاب مسلط على رقاب المغاربة
تعرف مختلف المنتجات الغذائية في الأسواق المغربية من خضر وفواكه ولحوم حمراء وبيضاء، في فصل الصيف، ارتفاعا مهولا في الأسعار، بعد حرمان العديد من الأسر من أضحية العيد بسبب الاحتكار وتواطؤ الفاعلين في القطاع أمام صمت وزارة الفلاحة والحكومة العاجزة عن حماية القدرة الشرائية للمواطنين أمام هذا التسيب الذي تعرفه أسعار مختلف المجالات والخدمات، مطلقة شعارات وإجراءات فارغة لا أثر لها على الواقع المعيشي للمواطنين من الطبقتين المتوسطة والفقيرة.
الرباط. الأسبوع
يسود قلق كبير وسط نشطاء حماية المستهلك، بسبب ارتفاع الطلب على السلع والخدمات خلال فصل الصيف مع دخول أفراد الجالية من الخارج وتنظيم الأعراس، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وإنهاك القدرة الشرائية للأسر، مما دفع بحماة المستهلك لدعوة الحكومة إلى ضبط الأسعار وحماية المواطنين من الغلاء التي تعرفه الخضر والفواكه والعديد من الخدمات.
وتعرف أسعار الفواكه الصيفية ارتفاعا قياسيا، خاصة البطيخ الأصفر والأحمر (الدلاح)، التفاح والموز، التين الشوكي والخوخ، الإجاص والتين، إلى جانب غلاء اللحوم الحمراء (البقري) و(الغنمي) والدواجن، الشيء الذي اعتبره العديد من المتتبعين مخططا حكوميا لتدمير الطبقة المتوسطة بالأسعار وضرب القدرة الشرائية للأسر الفقيرة، كما تشكل أسعار المحروقات عاملا مؤثرا في ارتفاع أسعار جميع الخضر والفواكه، بسبب تكلفة النقل الطرقي للبضائع والسلع.
في هذا السياق، يرى محمد بنقدور، الرئيس المؤسس للجامعة الوطنية لجمعيات المستهلكين بالمغرب، أنه خلال فترة الصيف مع حلول أفراد الجالية المغربية بأرض الوطن، نلاحظ ارتفاعا مهولا في أسعار الخدمات والمواد الاستهلاكية، مبرزا أن قانون حرية الأسعار والمنافسة أعطى للمزودين للمطاعم والمقاهي والفنادق وغيرها، حرية وضع الأثمنة، شريطة إشهارها قانونيا قبل الاستهلاك، بمعنى تمكين الزبون من الاطلاع على لائحة أثمنة المنتجات قبل استهلاكها، ولا يمكن متابعة أي شخص في هذال المجال، رغم أن العديد من المواطنين يشتكون في مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن لا يمكن معاقبتهم إلا في حالة مخالفة لائحة الأثمنة التي تتضمنها البطاقة التعريفية المقدمة للزبائن.
وقال بنقدور: “حرية الأسعار لها انعكاسات أخرى، والملاحظ أن مجموعة من الناس ذوي إمكانيات متوسطة لا يستطيعون قضاء العطلة الصيفية في المغرب، ويلجؤون إلى إسبانيا، وبالتالي، هناك عملة صعبة تخرج، واقتصاد يضيع ويد عاملة عاطلة، كل هذه العوامل لها انعكاسات سلبية”، معتبرا أن الحل الوحيد في ظل هذه الظرفية التي تعرف دخول أكثر من مليون من مغاربة العالم لأرض الوطن، يمكن للدولة باستشارة مع مجلس المنافسة أن تقوم بتحديد مجموعة من الخدمات وتقننها خلال ثلاثة أشهر أو شهرين، وبعد ذلك تعود لسعرها الطبيعي، لأن قانون حرية الأسعار يعطي الحق لهم لإعلان الأثمنة بينما للمواطن حرية الاختيار في طلب الخدمة أو رفضها.
وأضاف نفس المتحدث، أن ارتفاع أثمنة اللحوم الحمراء أصبح مشكلا كبيرا منذ سنتين، ومع الأسف الإجراءات التي قامت بها وزارة الفلاحة لم ينعكس أثارها على الأسعار نهائيا، والآن يقوم الأشخاص الذين استوردوا الأغنام المدعمة من الخارج ببيعها بأثمنة خيالية، وهذا إشكال سبق طرحه، لكن من المفروض عندما تقدم الدولة الدعم، تضع شروطا من بينها تسقيف سعر المنتوج المدعم، مشيرا إلى أن الإشكالية في المواد الأخرى مثل الخضر والفواكه تكمن في كثرة الوسطاء والسماسرة، الذين يجب القضاء عليهم نهائيا وفتح الباب أمام الفلاح لإدخال منتوجه لسوق الجملة لربح على الأقل درهمين أو 3 دراهم في الكيلوغرام كيفما كان المنتوج.
وقد دعت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك إلى إحداث مؤسسة خاصة بالاستهلاك بالمغرب، بما يفضي إلى تجاوز تعدد المؤسسات التي تتدخل لمراقبة السوق، منبهة إلى المعاناة التي أصبح المواطن المغربي يعيشها بشكل يومي، بسبب الزيادات المتتالية وغير المفهومة في أسعار جميع المواد والخدمات المعروضة في السوق المغربي، والزيادات غير المشروعة في المواد الاستهلاكية، والتي غالبا لا تتناسب مع جودة وسلامة المنتوج والسياق العالمي والمناخي، حيث أن الفاعل الاقتصادي غير مبال باحترام قانون حرية الأسعار والمنافسة وقانون حماية المستهلك، متسائلة عن اللامبالاة المسجلة من الحكومة والمؤسسات المعنية بالمراقبة الضرورية لحماية المستهلك، وضمان استقرار السوق، وتفعيل كافة المساطر لضمان حماية فعالة وذات نجاعة للمستهلك والمورد والسوق المغربي.
وفي هذا الصدد، سبق أن تقدم فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، مقترحا إلى الحكومة يهدف إلى تعديل قانون حرية الأسعار والمنافسة، يسعى لفرض تسقيف سعر أي مادة تحصل على دعم من أموال الدولة، مقترحا تعديل المادتين 2 و3 من القانون المذكور، حتى يكون للدعم المالي الذي تقدمه الدولة من المال العام إما بشكل مباشر أو عن طريق إعفاءات وتخفيضات ضريبية أو جمركية، أثر مباشر ومضمون وفعلي على القدرة الشرائية لعموم المواطنين، معتبرا أن الدعم تستفيد منه أحيانا فئة محدودة من مهنيي القطاع المعني، ما يعتبر مجرد هدر للمال العام، أو سببا في الحد من المنافسة أو تحريف سيرها أو عرقلة تكوين الأسعار، خاصة في ظل وجود ثغرات في القانون تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة من الدعم.
وأوضح نفس المصدر، أن قانون حرية الأسعار والمنافسة يطبق على جميع الأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين الذين يقومون بعمليات تنطوي على المنافسة في السوق المغربية، وإذا كان قد نص على أن أسعار السلع والمنتوجات والخدمات تحدد عن طريق المنافسة الحرة، إلا أن نفس القانون أتاح للحكومة إعمال الاستثناء على هذه القاعدة بأن تتدخل بنص تنظيمي، بعد استشارة مجلس المنافسة من أجل تحديد قائمة سلعٍ ومنتوجات وخدمات لضبط وتنظيم أسعارها.
وأكد الفريق أن الغاية من المقترح أن يتم الإقرار القانوني الصريح والملزم لربط أي دعم من الدولة لإنتاج أو توزيع أو تسويق أو استيراد أي منتوج أو سلعة أو خدمة بوجوب إدراج المادة المدعمة، عبر نص تنظيمي، ضمن قائمة السلع والمنتوجات والخدمات المشمولة بتسقيف الأسعار وتنظيمها وضبطها وفق كيفيات تحدد أيضا بنص تنظيمي، كما هو الشأن على سبيل المثال بالنسبة لما يجري به العمل بالنسبة لتنظيم أسعار السكر والقمح اللين بفعل دعمهما.
ويهدف هذا المقترح قانون أيضا إلى “إعطاء إمكانيات أوسع زمنيا للحكومة من أجل التعامل مع الحالات والوضعيات الاستثنائية والطارئة التي تسبب في انخفاض أو ارتفاعٍ فاحش للأسعار، حسب الفترة التي يستغرقها استمرار هذه الوضعية”.