تحقيقات أسبوعية

للنقاش | 25 سنة من حكم الملك محمد السادس تضع البوليساريو في النفق المسدود..

دعا البشير مصطفى، القيادي بجبهة البوليساريو، مؤخرا، إلى الإسراع بعقد ما سماه “ندوة لإنقاذ سفينة المشروع الوطني من الغرق، واستعجال ندوة وطنية لتقويم الوضع المرعب والكارثي في مخيمات المحتجزين بتندوف على الأراضي الجزائرية”، وحسب البشير مصطفى، أخ مؤسس البوليساريو الراحل الولي مصطفى السيد، فإن “هذه الندوة لها أهمية بالغة لما وصل إليه الوضع من تردي وما ينذر به من ضياع أعظم التضحيات وأثمن المكاسب وفي وجه التسارع إلى نهاية سيئة”.. وهكذا فقد شهد شاهد من أهل الدار بأن الأوضاع خرجت عن السيطرة بفعل الدكتاتورية التي يحكم بها ابن بطوش المحتجزين وميليشياته التي يستخدمها ضد المغرب وهو الذي لا يكل ولا يمل من التسول في مختلف المنتديات الدولية من أجل أطروحته الوهمية، وصار يتأكد يوما بعد يوم لدى من كان يساورهم الشك بأنه ومرتزقته ليس إلا ورقة سياسية تستخدمها الجزائر ضدا في المغرب، وطبعا من ورائها مجموعة من الداعمين لسياسة الانفصال.

بقلم: جميلة حلبي

    إن الأوضاع التي أقل ما يقال عنها أنها جد مزرية ومأساوية التي يعيشها المحتجزون في مخيمات تندوف، والتفكك الذي تعرفه هياكل الكيان الوهمي، لأنه لم يستطع الصمود أكثر من هذه السنوات التي لم تنجح فيها سياسة غالي ومن سبقه في كسب التأييد الدولي لتأسيس “جمهورية” كما يدعون، ذلك أن ما بني على باطل يبقى باطلا.. هذه الأوضاع جعلت الأصوات تتعالى من داخل المخيمات منددة بسياسة التجويع بفعل سطو قيادات البوليساريو على المساعدات الإنسانية التي ترسل لساكنة المخيمات، إضافة إلى القمع وواقعة الاعتداءات على النساء وتجنيد الأطفال، وغيرها من الأمور التي تؤكد التفكك التنظيمي داخل الجبهة وهشاشة السياسة المتبعة من طرف إبراهيم غالي وزمرته، رغم الدعم المادي واللوجستي من قبل الجزائر وإيران و”حزب الله” اللبناني، وهو ما أوصل الكيان الوهمي إلى الحضيض بعدما أخذت صنابير الدعم تقفل في وجهه تباعا، بعد توالي سحب اعترافات الدول بالجبهة، وخاصة من القارة الإفريقية وأمريكا الجنوبية.

فقد ظلت البوليساريو على مدى عقود تراكم الفشل في تدبيرها لمشروعها الانفصالي في الوقت الذي ظل فيه المغرب يواصل تحقيق الانتصارات الدبلوماسية في القضية، عن طريق الأمم المتحدة، ومن خلال الموائد المستديرة، حيث فشلت الجبهة في إقناع المنتظم الأممي والمجتمع الدولي بأطروحة استغلال الثروات الطبيعية، مقابل قوة وموضوعية الردود المغربية، ودفاعه عن تصوراته حول ملف القضية وتمريرها بطريقة مباشرة، أتاح بقوة القانون تجاوز المواقف المغلوطة التي ظلت تتردد داخل أروقة الاتحاد الإفريقي بخصوص القضية، كما كان لعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي دور كبير في تخلي مجموعة من الدول الإفريقية عن مساندة البوليساريو مما زاد من عزلتها السياسية على المستوى الدولي بالموازاة مع توالي دعوات مجلس الأمن في السنوات الأخيرة دول الجوار إلى “توفير المناخ الإيجابي والبناء لتسوية هذا الملف في إطار من حسن النية، والعمل على ضرورة بلورة حل سلمي، واقعي، وتوافقي للقضية”، كما لم يتوقف مجلس الأمن عن التأكيد في قراراته الدورية على جدية ومصداقية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي كان المغرب قد أطلقها سنة 2007 كحل واقعي وذي مصداقية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

تتمة المقال تحت الإعلان

وفي هذا الإطار، جاء القرار الأممي رقم 2654 في أكتوبر 2022، والذي تم بموجبه تمديد ولاية بعثة “المينورسو” لمدة سنة، ليقضي على آمال الجبهة في “جمهورية”، وهو القرار الذي يندرج في سياق اتسم بالمكتسبات الهامة التي تحققت تحت قيادة الملك محمد السادس في هذا الملف منذ توليه الحكم، وأيضا في إطار الدعم الدولي المتزايد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي من قبل بلدان لها وزنها، وعدم اعتراف أكثر من 84 في المائة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالكيان الوهمي، ويتعلق الأمر في المقام الأول، بتأكيد الإطار القانوني للمسلسل السياسي، حيث اعتبر مجلس الأمن – في إحدى فقرات القرار 2654 – أن الموائد المستديرة هي الإطار الوحيد للنقاش بهدف التوصل إلى حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، كما أن هذا القرار كلف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بـ”تيسير المسلسل السياسي من خلال البناء على الإطار الذي أرساه المبعوث الشخصي السابق” (المقصود هورست كوهلر)، أي المائدتان المستديرتان اللتان عقدتا بجنيف في دجنبر 2018 ومارس 2019 تواليا، حيث يتعلق الأمر بالفاعلين الحقيقيين في المسلسل السياسي، الذين يتحملون مسؤولية قانونية وسياسية وأخلاقية في البحث عن الحل، وهكذا، دعا القرار المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو، إلى مواصلة الالتزام بهذا المسلسل طيلة مدته، بروح من الواقعية والتوافق، وذلك بهدف تسويته بصفة نهائية، وفي كل مرة يشير القرار بشكل ممنهج إلى الجزائر في كل مرة تتم فيها الإشارة إلى المغرب، من أجل أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في القضية التي عمرت في شمال القارة وشغلت إفريقيا والعالم بإنجاب ابن غير شرعي وإلصاقه في المغرب..

ومؤخرا، تلقت البوليساريو ضربة موجعة، بعد فقدانها لواحد من أكبر المدافعين عن أطروحة الانفصال، وأهم الداعمين لها على المستوى الدولي، وذلك بوفاة السيناتور الجمهوري الأمريكي السابق، جيم إينهوف، مما كان له بالغ الأثر على اللوبي المساند للكيان الوهمي، لينضاف ذلك إلى الضربات المتوالية التي تتلقاها الجزائر وصنيعتها مؤخرا، بعد تصريح إليزابيث مور أوبين، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في الجزائر، لوسائل إعلام جزائرية، بأن الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن لم يتراجع عن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، والذي سبق أن أعلن عنه الرئيس السابق دونالد ترامب، مؤكدة أن هذا القرار أصبح حقيقة تاريخية، وأن الاعتراف بمغربية الصحراء هو قرار مستمر ولن يتم التراجع عنه.

تتمة المقال تحت الإعلان

وفي خطوة لم تكن في حسبان إبراهيم غالي ولا حكام الجزائر، تمكن المغرب، من جعل الاتحاد الإفريقي يتخذ قرارا تاريخيا، يتعلق بمنع البوليساريو من المشاركة في كل القمم الدولية مهما كانت طبيعتها (القمة الصينية الإفريقية، القمة اليابانية الإفريقية، القمة الأمريكية الإفريقية، والقمة الروسية الإفريقية)، وهو القرار الذي يعكس نجاح الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القضايا الوطنية، وأيضا يعزز مكانة المملكة في الاتحاد الإفريقي منذ قرار المغرب العودة إلى مكانه الأصلي سنة 2017 داخل المنتظم الإفريقي منذ أن غادر منظمة الوحدة الإفريقية (التسمية السابقة للاتحاد الإفريقي) سنة 1984 بعدما تم إقحام البوليساريو في المنظمة.

وطبعا هذا القرار الأخير بمنع الكيان الوهمي من التسلط على المؤتمرات الدولية، لم يرق للحاضنة الجزائر، والرد جاء على لسان وزير خارجيتها أحمد عطاف،

الذي عبر عن “حزنه وتأثره الشديد” إزاء هذا القرار معتبرا إياه “إجحافا في حق القارة الإفريقية وفي حق كيان عضو في الاتحاد”، وفق تعبيره.

تتمة المقال تحت الإعلان

وقد أخذت البوليساريو منذ سنين، أمام هذه المكتسبات التي ظل المغرب يراكمها في الإطار القانوني لحل هذا الملف، في توظيف أسلوب “الإدارة بالأزمة” للعودة إلى الواجهة، من خلال خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه سنة 1991، وقرارات مجلس الأمن الصادر في هذا الشأن، إضافة إلى نهج سياسة قطاع الطرق في وجه التجارة عبر معبر “الكركرات” قبل أن يتم تحريره وتأمينه سنة 2020 في عملية نوعية وبشكل مكن من انسيابية التجارة نحو باقي دول إفريقيا..

إضافة إلى هذا التخبط في سياسة قيادة البوليساريو، نهج رئيس الجبهة بعد سنة 2020 سياسة جلب التعاطف من خلال بعض التحركات اليائسة في كبريات الاجتماعات والمحافل الدولية، بغية كسب بعض الأصوات، في محاولة منه لإعادة كيانه إلى واجهة الأحداث، وطبعا بكل الدعم من طرف النظام الجزائري في ظل الحديث عن ملايير الدولارات التي يتم ضخها في ميزانية البوليساريو رغم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعيش على وقعها الشعب الجزائري حتى بات ينتظم في طوابير من أجل المواد الغذائية.

وفي محاولة للالتفاف على القضية الفلسطينية وعلى ما يقع في غزة، كانت البوليساريو قد عملت من خلال ما تسمى “ممثلية جبهة البوليساريو في المشرق العربي”، على تنظيم ندوة بلبنان تحت عنوان: “من الصحراء الغربية إلى فلسطين.. إبادة مستمرة”، تدعي فيها تشابه الأحداث في فلسطين وتندوف، في محاولة بئيسة لاستقطاب دعم الأحزاب والفصائل المشرقية المحسوبة على “حزب الله”، خاصة في سوريا ولبنان والأردن، حيث كثفت في الآونة الأخيرة أنشطتها في المنطقة، وتسعى إلى المساواة بين القضية الفلسطينية وما تدعي أنها “قضية تحررها”، إلا أن هذه المناورة لم تنطل على العديد من الدبلوماسيين اللبنانيين والعرب، وكذا وسائل إعلام، الذين حضروا الندوة لينسحبوا بعد أن تبين لهم أن الندوة عقدت لتمرير مواقف مسيئة للمغرب، معلنين عن فشل جديد لجبهة ابن بطوش ومن هم وراءه، وقد صرحت وسائل إعلام وقتها بأن “المقارنة التي تعمدت البوليساريو إقحامها بين القضية الفلسطينية وملف الصحراء استنفرت العديد من الصحافيين الحاضرين والشخصيات التي فضلت الانسحاب في هدوء رغم إصرار المنظمين”، كما تبرأت الحكومة اللبنانية من المواقف المعادية لمصالح المغرب التي تضمنتها الندوة، وأكدت أن موقف لبنان ثابت ودائم وداعم لسيادة المملكة ووحدة ترابها، وبذلك تكون جبهة البوليساريو قد تلقت صفعة جديدة وهي تجوب العالم وتتسول العطف لتأييد الوهم الذي يتقاضى عليه إبراهيم غالي الملايير من أجل إطالة أمد النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وها هي تندوف تعيش على صفيح ساخن في غفلة من قيادة البوليساريو، مما جعل الأصوات تتعالى مستنجدة بالعالم الخارجي، وهو ما يؤكد أن ما البوليساريو سائرة في طريق الزوال، بعد تضييق المملكة المغربية الخناق على الكيان الوهمي ووضعه في النفق المسدود.

تتمة المقال تحت الإعلان

‫2 تعليقات

  1. مجرد تساؤل.
    من يردع أصحاب الأرض تساؤل!!!؟؟؟
    على افتراض أن العالم غرد “الصحراء مغربية”، والبوليزاريو قبلت بالحكم الذاتي كما يتصوره الملك، فلن يهنأ الملك بالصحراء الغربية.
    ستتشكل فصائل أخرى كما حصل في فلسطين لما طبعت منظمة التحرير، جاءت حماس والفصائل الأخرى، وها هي تذيق الويل للكيان وعباس.
    نعم، يمكن ضم الصحراء بـ “قانون” القوة، لكن “قوة القانون” ستحررها مهما طال الزمن، فقط المستَعمَر لا يعتبر بالتاريخ، لذلك قال عنه الجنرال الفيتنامي جياب:”بأنه تلميذ غبي”
    فلا يمكن اغتصاب بلد وشعب بالتزوير أو بالقوة أو بالشعارات.
    المحاكم أصدرت حكمها، ورفعت الأقلام وجفت الصحف، والشعوب لن تتخلى عن حقها.
    محكمة العدل الدولية، جددت منذ أيام، رفض سياسة ضم الأراضي وبناء المستوطنات، وفرض الأمر الواقع، وأكدت حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، كما أكدته للصحراوين سنة 1975. حق لا يسقط بالتقادم.
    التاريخ لم يسجل أبدا أن شعبا خنع لأي استعمار للأبد مهما كان جبروته وطغيانه وعدته وعتاده.
    ولنا عبرة في أمريكا حاربت طالبان 20 سنة، ايقنت بعدها أنها لا يمكن أن تهزم أصحاب الأرض، ولتفادي هزيمة جيشها فرت بجلدها.
    قال محامي جبهة البوليزاريو “جيل ديفيرز (Gilles Devers)” ما نصه:
    “القانون وحده لا يستطيع أن يفعل شيئاً، ولن يتم شيء بدون القانون” انتهى الاقتباس
    قال أبو القاسم الشابي
    إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ *** فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
    وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي *** وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
    وقال محمد الشبوكي:
    نعاهدكم يا ضحايا الكفاح***بأنا على العهد حتى الفلاح
    ثقوا يا رفاقي بأن النجاح***سنقطف ثماره باسمين

  2. إلى صحيفة “الأسبوع”
    مجرد تساؤل.
    المقال منشور “للنقاش”، فلماذا تحجبون تعاليق قارئ يناقش ما نشرتموه وطرحتموه للنقاش !!!؟؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى