تحقيقات أسبوعية

رأي | دلالات انتخاب المغرب عضوا في المجلس الاستشاري الإفريقي لمكافحة الفساد

مما لا شك فيه أن المغرب أحرز تقدما كبيرا في مكافحة الفساد وتعزيز بنيات الحوكمة في السنوات الأخيرة، ويشكل انتخاب نادية عنوز لعضوية المجلس الاستشاري لمكافحة الفساد التابع للاتحاد الإفريقي، شهادة دامغة على هذه الجهود المبذولة، فهذا التعيين لا يشير إلى الاعتراف بمعركة المغرب المستمرة ضد الفساد فحسب، بل يسلط الضوء أيضا على التزام البلاد بدعم مبادئ النزاهة والجدارة كعناصر أساسية للحكم الديمقراطي.

بقلم: عبده حقي

    لطالما كان الفساد يشكل تحديا لتطور المغرب والدول الإفريقية قاطبة لا فرق بين شمالها وجنوبها، حيث أثر على قطاعات مختلفة وقوض ثقة المجتمعات في المسؤولين والممثلين في البرلمانات. تاريخيا، عانت البلاد من الفساد المستشري الذي أعاق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، حيث أصبحت الحاجة إلى تدابير قوية لمكافحته واضحة بشكل متزايد مع سعي المغرب إلى تعزيز مؤسساته الديمقراطية واستقراره الاقتصادي.

تتمة المقال تحت الإعلان

ولقد نفذ المغرب إصلاحات قانونية شاملة لمعالجة الفساد، وكان اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في سنة 2015، بمثابة إنجاز مهم للغاية وغير مسبوق في إفريقيا، حيث حدد أهدافا واضحة وخطط عمل للحد من استشراء داء الفساد، وتشمل أهم الإصلاحات القانونية الرئيسية حماية المبلغين عن المخالفات، وفرض عقوبات أكثر صرامة على الممارسات الفاسدة، وتعزيز الشفافية في عمليات الصفقات العامة… إلخ، وتهدف هذه التدابير إلى إنشاء إطار حوكمة أكثر مساءلة وشفافية.

من جانبها، لعبت منظمات المجتمع المدني دورا حاسما في جهود مكافحة الفساد في المغرب، من خلال رفع مستوى الوعي، والدعوة إلى تغيير السياسات البائدة، ومراقبة تصرفات أعضاء الحكومة، على سبيل المثال، كانت منظمة “ماروك ترانسبرانسي” في طليعة المناضلين لتعزيز الشفافية والمساءلة، حيث قدمت اقتراحات وتوصيات قيمة للجهات السياسية المعنية.

إن المشاركة العامة أمر حيوي في مكافحة الفساد، وقد شهد المغرب مشاركة متزايدة من جانب المواطنين في الإبلاغ عن حالات الفساد والمطالبة بمحاسبة المسؤولين العموميين، وقد سهلت عدة مبادرات مثل اللجنة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها مشاركة عامة أكبر، مما ضمن أن تكون التدابير أكثر شمولا وفعالية.

تتمة المقال تحت الإعلان

إن انتخاب نادية عنوز لعضوية اللجنة التنفيذية للاتحاد الإفريقي لمكافحة الفساد، له أهمية كبيرة لعدة أسباب. أولا، يؤكد هذا على التقدم الذي أحرزه المغرب في مكافحة الفساد وفعالية تدابيره في هذا الصدد. ثانيا، يسلط الضوء على التزام البلاد بالتعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال، وهو اعتراف بقيادة المغرب في تعزيز النزاهة والجدارة كمكونات أساسية للحكم الديمقراطي.

لقد أثمرت جهود المغرب في مكافحة الفساد عن إنجازات ملحوظة بوضوح من قبل المراقبين الدوليين.. فقد أدى تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد إلى زيادة الشفافية في السياسات الحكومية، وتحسين أجواء الثقة في المجتمع، والتحسيس بوجوب خضوع القطاع العمومي للمساءلة القانونية، كما تمت محاكمة قضايا فساد بارزة، الأمر الذي يبعث برسالة قوية من أعلى سلطة في البلاد مفادها أن مكافحة الفساد قرار لا رجعة فيه.

إن الاعتراف الدولي بجهود المغرب واضح من خلال العديد من الجوائز والشراكات، وقد اعترفت منظمات مثل الأمم المتحدة ومنظمة الشفافية الدولية، بالتزام البلاد بدعم المعايير الدولية لمكافحة الفساد، وتعمل هذه الاعترافات كشهادة على تقدم المغرب وتعزز مكانته كقائد في مكافحة الفساد على المستويين العربي والإفريقي.

تتمة المقال تحت الإعلان

ومما لا شك فيه، أن النزاهة تشكل حجر الزاوية للحكم الديمقراطي، فهي تضمن أن يعمل المسؤولون العموميون بما يخدم مصالح المواطنين ويحافظون على المعايير الأخلاقية، وفي المغرب، كان الرقي بالنزاهة من العناصر الأساسية في أجندة مكافحة الفساد، وكانت الجهود المبذولة لغرس ثقافة النزاهة داخل المؤسسات العامة حاسمة في بناء حكومة جديرة بالثقة وخاضعة للمساءلة.

فنجاح المغرب في مكافحة الفساد له أثار أوسع نطاقا على القارة الإفريقية، وبصفته عضوا في اللجنة الإفريقية لمكافحة الفساد، تستطيع نادية عنوز بفضل خبرتها التأثير على سياسات مكافحة الفساد في مختلف أنحاء القارة، ويمكن أن تشكل تجارب المغرب نموذجا للدول الإفريقية الأخرى التي تسعى إلى تعزيز أطر الحكم الرشيد لديها.

إن انتخاب المغرب لعضوية المجلس الاستشاري لمكافحة الفساد التابع للاتحاد الإفريقي، يشكل إنجازا كبيرا في العصر الحديث واعترافا بنجاحه في مكافحة الفساد، ويؤكد هذا الإنجاز التزامه بالنزاهة والاستحقاق باعتبارهما عنصرين أساسيين للحكم الديمقراطي، ومع استمرار المغرب في الريادة على المستوى الحقوقي، فإن تجاربه يمكن أن تلهم وترشد الدول الإفريقية في جهودها لمكافحة الفساد، إذ يسلط التقدم الذي أحرزه المغرب في هذا المجال، الضوء على أهمية الالتزام المستدام وتكريس الأطر القانونية القوية والمشاركة العامة النشطة في مكافحة الفساد، مما يساهم في نهاية المطاف في تعزيز المؤسسات الديمقراطية في جميع أنحاء القارة.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى