الرأي | بناء المجتمع العربي الصيني.. صفحة جديدة في صناعة التاريخ
بقلم: شين بينغ
في الأيام المنصرمة، عاشت الدبلوماسية الصينية في “توقيت عربي” سادته الروعة والتميز. حيث استقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ زعماء أربع دول عربية وهي البحرين ومصر وتونس والإمارات في زيارات دولة إلى الصين، وحضر معهم مراسم افتتاح الاجتماع الوزاري الـ10 لمنتدى التعاون الصيني-العربي، وألقى خطابا رئيسيا فيها، ما حدد الاتجاه لبناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك نحو العصر الجديد. وساد الاجتماع الوزاري وزيارات الدولة المعنية جو يملؤه الدفء والمودة، وحققت هذه الفعاليات نتائج مثمرة، وأعطت دفعة جديدة لتطوير العلاقات الصينية العربية بعد القمة الصينية العربية الأولى التي عُقدت في عام 2022، ما يعكس بجلاء رغبة مشتركة لدى الصين والدول العربية في فتح عهد جديد للعلاقات الصينية العربية وخلق مستقبل جديد للعالم الجميل.
تسريع وتيرة بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك. يعد بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك خيارا عصريا اتخذته الصين والدول العربية. وقد أكد الرئيس شي جين بينغ في الخطاب الرئيسي الذي ألقاه في مراسم افتتاح الاجتماع الوزاري على ضرورة بناء العلاقات الصينية-العربية كنموذج يحتذى به لصون السلام والاستقرار في العالم ولبناء “الحزام والطريق” بجودة عالية وللتعايش المتناغم بين مختلف الحضارات ولاستكشاف الطريق الصحيح للحوكمة العالمية، الأمر الذي أوضح أهداف تطوير العلاقات الصينية العربية في العصر الجديد من منظور الصين.
إطلاق صوت عصري قوي يدعو إلى الالتزام بالاستقلالية الإستراتيجية والدفاع عن الإنصاف والعدالة. تعتبر الاستقلالية الإستراتيجية والتقوية الذاتية عبر التضامن ميزة سياسية أساسية تجمع بين الصين والدول العربية. فقد أصدر الاجتماع الوزاري الـ10 لمنتدى التعاون الصيني-العربي “إعلان بكين”، الأمر الذي رسّخ بقوة المواقف الثابتة التي يتبناها الجانبان الصيني والعربي من الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وتبادل الدعم لصون المصالح الجوهرية للطرف الآخر وتضافر الجهود لتنفيذ المبادرات العالمية الثلاث، وبلور مزيدا من التوافقات الإستراتيجية بين دول الجنوب العالمي حول الدفع بدمقرطة العلاقات الدولية والحفاظ على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ورفض الهيمنة وسياسات القوة، وضخَّ طاقة إيجابية في دفع الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر عدالة وإنصافا.
رسم معادلة جديدة أكثر تكاملا وأوسع أبعادا للتعاون العملي الصيني العربي. منذ انعقاد القمة الصينية العربية الأولى، حققت “الأعمال الثمانية المشتركة” للتعاون العملي الصيني العربي حصادا مبكرا مهما. وعلى هذا الأساس، طرح الرئيس شي جين بينغ بناء “الأطر الخمس” للتعاون العملي الصيني العربي، والتي تشمل إطارا أكثر حيوية للتعاون المدفوع بالابتكار، وإطارا أكبر حجما للتعاون الاستثماري والمالي، وإطارا أكثر تكاملا للتعاون الطاقوي، وإطارا أكثر توازنا للتعاون الاقتصادي والتجاري المتبادل المنفعة، وإطارا أوسع أبعادا للتواصل الثقافي والشعبي، الأمر الذي يشكل خطوات جديدة لإثراء مقومات التعاون الصين العربي. وقد اعتمد الاجتماع الوزاري الـ10 لمنتدى التعاون الصيني-العربي خطة تنفيذ المنتدى 2024-2026.
إثراء الممارسات الجديدة لإيجاد حلول ذات خصائص صينية بشأن القضايا الساخنة. تتوق الدول العربية بشغف إلى السلام والتنمية، وتتطلع إلى دور أكبر للصين في إيجاد حل سياسي للقضايا الساخنة وتعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وفيما يخص الأوضاع المتوترة الناجمة عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أكد الرئيس شي جين بينغ أنه لا يجوز استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى، ولا يجوز غياب العدالة إلى الأبد، ولا يجوز تأرجح “حل الدولتين” حسب الأهواء، كما أعلن عن دفعة جديدة من المساعدات إلى فلسطين لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. وأصدرت الصين والدول العربية بيانا مشتركا بشأن القضية الفلسطينية، ما حشد الجهود المشتركة لدفع وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية ورفض النقل القسري وتنفيذ “حل الدولتين”.
شهدت علاقات الصين مع كل من البحرين ومصر وتونس والإمارات تطورا مستمرا على مدار التاريخ. ويصادف العام الجاري الذكرى الـ35 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والبحرين، والذكرى الـ10 لإقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر، والذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وتونس، والذكرى الـ40 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والإمارات. ومن المنطلق التاريخي الجديد، تقف العلاقات بين الصين والدول العربية الأربع المذكورة أعلاه أمام فرص جديدة.
صدق المثل القائل: “رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة”. من القمة الصينية العربية الأولى إلى الاجتماع الوزاري الـ10 لمنتدى التعاون الصيني-العربي، تخطو العلاقات الصينية العربية خطوات ثابتة لتتطور إلى الأمام باستمرار. وأعلن الرئيس شي جين بينغ في مراسم افتتاح الاجتماع الوزاري عن عقد القمة الصينية العربية الثانية في الصين عام 2026، الأمر الذي سينصب معلما آخر في تاريخ العلاقات الصينية العربية. وفي هذا السياق، ستواصل الصين بذل جهود مشتركة مع الدول العربية الغفيرة لتكريس روح الصداقة الصينية العربية وبناء أطر التعاون الخمس، والعمل معا لخلق مستقبل أفضل للعلاقات الصينية العربية.