المنبر الحر | تساؤلات على هامش الساعة القانونية والساعة غير القانونية
بقلم: عثمان محمود
يبدو أن المواطن لم يعد يجد أي صعوبة في نقص ساعة وزيادتها كلما حل وانتهى شهر رمضان الفضيل، إذ أخذ الأمر صبغة العادة السنوية، لاسيما وأن ضبط التوقيت بات آليا تسهر عليه بدقة برمجيات الهواتف وما يمت إليها بصلة، فيخضع المرء له الخضوع التام، فيكيف استيقاظه، وتنقله وعمله، وقضاء مآربه المختلفة، معه طواعية، لكن على الرغم من السلاسة التي تتم بها المسألة برمتها، فإن ذاك النقصان وهاتيك الزيادة المتقاربين زمانيا، يحملان بعض التساؤلات التي تؤكد أن التوقيت الجديد الذي أعلن عنه في تلك الليلة الخريفية بدون سابق إنذار، وما أعقب ذلك من لغط بلغ درجة الاحتجاج، غير أنه لم يمنع من تبنيه والعمل على ضوئه في كل مناحي الحياة اليومية، ولحد الآن لم يحسم أمره بالشكل المطلوب وإلا لماذا ترد عبارة “الساعة القانونية”.. نعم الساعة القانونية! في البلاغ الذي يصدر على مشارف حلول شهر رمضان المبارك، يدعو مضمونه المواطنين إلى أنه سيتم الرجوع إلى الساعة القانونية بتاريخ كذا على الساعة كذا، وبما أنه “بضدها تتميز الأشياء”، فإن الساعة في باقي أشهر السنة على هذا الأساس غير قانونية! كما يلاحظ على البلاغ المذكور تحاشيه لأدنى إشارة تذكر إلى أسباب هذا الرجوع إلى الساعة القانونية، فإذا كان مرد ذلك إلى قدسية شهر رمضان الكريم، الذي تتطلب أجواؤه العامة الخضوع لتوقيت غرينتش، فإن الصلوات الخمس بما فيها صلاة الجمعة، لها نفس القدسية، ومع ذلك، فإن توقيتها يتغير على مدار أحد عشر شهرا بزيادة ساعة على كل مواقيت الصلاة التي يتم العمل وفقها منذ سنوات خلت، وفي ارتباط مع ما سبق، هل سيتغير شيء بعينه عندما يبدأ الصائم صومه وينهيه وفق الساعة غير القانونية!؟ وهل هناك أثر ما على العمل في المرافق العمومية والخاصة حينما يباشر العامل والموظف عملهما خلال شهر الصوم في الساعة التاسعة حسب توقيت الساعة المضافة؟ أليس هذا هو موعد بداية العمل على مدار أحد عشر شهرا كاملة؟ وهل مغادرته لمقر عمله حسب توقيت تلك الساعة الزائدة يؤثر على رفع أذان صلاة المغرب في موعده الذي يحدده غروب الشمس؟
أعتقد شخصيا أنه آن الأوان في إطار الخيار الاقتصادي الذي أملى زيادة تلك الساعة على مدار أيام وأشهر السنة، باستثناء شهر الصوم، لكي يوضع حد لإصدار البلاغ الذي يعلن عنه مع مطلع ذلك الشهر، والآخر الذي يصدر في أوائل شوال، لأن العودة إلى ما تسمى بالساعة القانونية ليس لها أدنى تأثير على مدة صيام الصائمين والصائمات، اللهم إلا إذا كان الهدف من تلك العودة هو التشجيع على السهر بعد صلاة التراويح، والزيادة في مدة النوم بعد وجبة السحور، وصلاة الصبح، في الوقت الذي تكون فيه الشمس في طريقها إلى كبد السماء كما تقول العرب، ومع هذا تجد الأزقة ومعها الشوارع، وكذا الإدارات والمؤسسات فارغة، والحركة في مفاصل المدن شبه منعدمة، وتحدث ولا تمل عن الخمول الذي ينجم عن نوم من ذلك القبيل وأثاره على الصحة والمزاج والقيام بالعمل بهمة ونشاط.. فهل من جرأة مسؤولة غايتها المحددة تكييف فعال ومدروس لمواقيت العمل في رمضان، وغيره من الأشهر وفق الساعة المضافة التي أملاها الارتباط بالشركاء الاقتصاديين وراء البحار، بما في ذلك الذي يخص التلاميذ والتلميذات داخل المؤسسات التعليمية، مع ضرورة الانتباه إلى قصر النهار في فصل الشتاء، وطوله في فصل الربيع حتى تتم مراعاة هذا القصر وذاك الطول في الزمان المدرسي؟ فمن العار أن يكون الكثير من المتمدرسين والمتمدرسات، في أيام الشتاء الباردة، داخل سيارات النقل المدرسي، ولم لا داخل المؤسسات التعليمية وشمس الصباح لا زالت بعد وراء الأفق.