حديث العاصمة | الإحصاء المرتقب.. صفحة جديدة لساكنة الرباط
بعد فصل الصيف المقبل بحول الله، سنكون على موعد لا يتكرر إلا مرة واحدة كل عقد من الزمن، مع تشخيص فيزيولوجي للمجتمعات الرباطية وبآليات متطورة وأساليب متمكنة من رصد أدق للمرغوب في استكشافه لانطلاق ثورة النهضة الشاملة لكل مناحي الحياة بالنسبة للرباطيين، ويتعلق الأمر بالإحصاء العام للسكان المنتظر بعد شهور، وبالتالي، لن نودع سنة 2024 إلا ونحن أمام مرآة تعكس كم نحن، ومن نحن على المستوى الوطني في الثقافة والمثابرة على الخدمة الوطنية، وتقييم الروح السياسية لسكان في عاصمتها؟
إحصاء لن يعتمد على ما قبل الذكاء الاصطناعي للوصول إلى المعلومة لاستغلالها في التشخيص، ولكنه سيوظف أحدث العلوم في التحاور بين الإحصائيين والمحصيين، لا بالأسلوب العتيق بصيغة سؤال جواب، ولكن ببحث حواري عادي لن يكون مجديا وتلقائيا وصادقا إلا إذا سادت الثقة والطمأنينة بينهم، فكل ما يدور بين الإحصائي والمحصي مؤمن بالسرية التامة.
فكم نحن في العاصمة وقد كنا في عملية إحصاء العقد الماضي زائد سنتين، حوالي 600 ألف نسمة، وكنا أيضا بعشرات الدواوير القصديرية و”الجوطيات” المبثوثة حتى في المراكز الاستراتيجية.. فهذه الآفة أصبحت من الماضي، وحلت محلها مركبات سكنية بعمارات من 5 طوابق وأسواق بأجنحة منظمة، وقد كان في دوار واحد مثل “دوار الكرة” حوالي 10 آلاف نسمة معذبين في براريك تحولت اليوم إلى بنايات منظمة وفضاءات للتسوق وأمامها ملاعب للقرب، فكم عدد سكانها؟ وكيف أصبح مستوى معيشتهم وثقافتهم؟
وكان حي أكدال كله فيلات فانتقل إلى عمارات سكنية، بينما حي المحيط وجاره حي العكاري اختفت منهما المنازل المهددة بالانهيار وانتصبت محلها عمارات سكنية راقية، ونفس المآل عمّر المدينة العتيقة وباقي الأحياء في المقاطعات، فهذا التطور البنياني السريع وفي كل المجالات، خصوصا منها البيئية، جعل من الرباط عاصمة عظيمة وآمنة ومفضلة للإقامة والدراسة والشغل والاستشفاء والاستثمار من العديد من المواطنين والأجانب، سيكشف لنا الإحصاء عددهم، ويحدد الحالة الديموغرافية الواقعية في العاصمة، وهذه الحالة هي المؤشر الحقيقي لإعداد تصور حول التقسيم الانتخابي المقبل، وحول عدد المقاطعات والتقطيع الاستحقاقي لمجلس النواب، وكل ذلك يتحكم فيه: كم نحن؟ ومن نحن الذين أهديت لهم عاصمة عظيمة ؟
وهل المجالس المنتخبة الحالية منسجمة مع الساكنة ومتطورة مع تطورهم وقادرة على تلبية حاجياتهم؟
كل ذلك مرتبط بنتائج الإحصاء المقبل، ولا ريب في أنه سيفتح صفحة جديدة لهذه الرباط المتجددة والمتألقة والباحثة عن ممثلي سكانها ليتأقلموا معها ويرتووا من نبل عظمتها.