الملك محمد السادس يشيد بعمل الدكتور عبد الله بوصوف
الرباط – الاسبوع
سبق لجريدة الاسبوع أن انفردت بنشر مقاطع من كتاب الدكتور الباحث والمؤرخ عبد الله بوصوف الذي صدر تحت عنوان: “إمارة المؤمنين/ المرجعية الروحية لوسطية الإسلام”، ضمن ركن التحليل الاخباري، الذي يعده الاعلامي سعيد الريحاني.
الاسبوع احتفت بهذا الكتاب، غير أن التشريف الكبير لهذا المؤلف ولصاحبه، هو الذي صدر مؤخرا عن أمير المؤمنين الملك محمد السادس، الذي شمل بعطفه ورضاه السامي الكريم هذا العمل، حسب ما أكدته رسالة مولوية إلى المؤلف جاء فيها:”اننا نشكرك جزيل الشكر على هذه المبادرة المحمودة، التي تعبر عن صدق مشاعر ولائك وإخلاصك لجلالتنا، مشيدين بما تبدله من مجهودات دؤوبة في سبيل خدمة قضايا أفراد جاليتنا المقيمة بالخارج المعتزين بهويتهم المغربية الإسلامية.. مع متمنياتنا لك بالمزيد من العطاء الفكري، مشمولا ببالغ عطفنا وسامي رضانا”.. حسب ما ذكره مصدر مطلع.
يقول بوصوف الذي يجمع بين مسؤوليته في الدولة والبحث في العلوم السياسية والدينية والاستراتيجية.. ، صمن كتابه الأخير: ((إن ملك المغرب ليس مستوى عاديا من مستويات جهاز تنفيذي قائم، شأنه في ذلك شأن المستويات الأخرى، حقوقا وواجبات وصلاحيات، وصحيح أنه بالإمكان اعتباره مستوى من هذه المستويات، بحكم الوظيفة المنوطة به كرئيس فعلي للدولة، لكنه في الآن ذاته أمير المؤمنين، وبهذه الصفة الحصرية، فإنه يمتلك كامل الشرعية التي تمكنه من تحريك وتفعيل سلطة التفسير والتأويل التي تعود له دون سواه، كي يحدد انطلاقا من المصادر الثابتة والمجمع حولها (القرآن والسنة) ماهية وطبيعة الإسلام الوسطي الذي ينشد.. أي هذا الإسلام الذي يرفض اللاتسامح، ويلفظ العنف الذي يلجأ له دعاة ما يسمى بالإسلام الصارم النقي والأصلي)) (المصدر: إمارة المؤمنين/ المرجعية الروحية لوسطية الإسلام ).
وكان بوصوف قد أحاط بموضوع إمارة المؤمنين من جوانب عديدة، بل إن مستوى كتابه الأخير يرقى إلى المستوى الأكاديمي الضخم، غير أن ذلك لم يمنعه من الانتقال بين ما هو نظري وبين إعطاء أمثلة من الواقع حول حالة الإسلاميين المغاربة .. ففي حديثه عن الحقل الديني كفضاء مفتوح، يكتب بوصوف: ((الحقل الديني حسب بيير بورديو ليس حقلا مغلقا.. الحدود التي تطبعه أو تميزه قد تبدو في ظاهرها صارمة ومسيجة، لكنها ليست كذلك بالمرة على مستوى واقع الحال…في الإسلام، كل شيء يحتكم إلى البعد الديني، أما عبارة ما لله لله، وما لقيصر لقيصر فإنها غير واردة بالمرة، فما بالك أن تكون مبررة ومقبولة..
هذه الازدواجية التي تنتظم في إطارها العلمانية في صورتها الفرنسية على الأقل، تنحو منحى إقصاء الدين من الفضاء السياسي، تماما ونهائيا، بيد أنها ازدواجية لا تجد لها رافدا أو متكئا بالمغرب، لا في فلسفتها ولا في المعطى الإجرائي العام الذي تنشده، بيد أن الذين يدافعون عنها إما يتخذون هذا الموقف جهلا بمرجعيتها، أو يتحركون للدفع بها تحت يافطة الدفاع عن المعايير الدولية لحقوق الإنسان.. ليس من شك أن الإسلاميين المغاربة، بكل روافدهم وتوجهاتهم (الناعم منها كما الخشن سواء بسواء)، يتطلعون لاستنبات أسس إسلام سياسي من نمط معين، بيد أني بهم وكأنهم لا يدركون، أو يتجاهلون عن قصد، أن الإسلام الذي يرفعون لواءه، يحتوي على عناصر تجعل من طرحهم لمتاهات فكرية وعقدية، لا سبيل للخروج منها أو الإفلات من عقالها.. صحيح أن الإصلاح الذي يتغيى التغيير في الزمان والمكان، هو من صميم الدين الإسلامي، لا بل هو من روح هذا الدين، الذي شاع وانتشر منذ أكثر من أربعة عشر قرنا.. إلا أن الوسائل والسبل المعتمدة لإدراك ذلك من لدنهم، ليست مشروعة، ولا هي بالأمر المقبول، ما دامت تنهل من المعين السياسي.. والسياسي الصرف فقط..”.(تفاصيل أخرى ضمن العدد المقبل لجريدة الاسبوع).