المنبر الحر

المنبر الحر | أما آن الأوان لاستعادة الجماهير لدورها الفعلي داخل ملاعبنا ؟

بقلم: عثمان محمود

 

    أليس من الروعة أن ترى جموع المتفرجين قبل بداية المباراة متجهين إلى الملعب في نظام وانتظام، كل يقصد البوابة التي حددتها له بطاقة الدخول التي حصل عليها سلفا من أماكن معلومة بعيدة عن الملعب، وعند هاتيك البوابات يتلقون كل ما لزم الأمر من إرشادات وتوجيهات من قبل حراس في زي موحد، ليست في أيديهم هراوات ولا على رؤوسهم خودات واقية، وقبل الولوج إلى المدرجات حيث تتابع الأعين في مسؤولية تامة أسماء الأشياء التي يمنع إدخالها منعا تاما مع التذكير الملزم بالمنع الكلي لدخول أي قاصر، قبل انطلاق المقابلة بدقائق معدودات، يكون كل منهم قد أخذ المكان المخصص له، بما في ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة، أما خلال الفترة التي تسبق ظهور لاعبي الفريقين على أرضية الملعب، فتصدح حناجر جماهير الفريق المحلي بنشيد الترحيب الحار بجمهور الفريق الضيف، وعند وقوف اللاعبين يتلقون بدورهم التحية المثلى على قدم المساواة، حتى إذا انطلقت المقابلة رددت جنبات الملعب أناشيد حماسية يتناوب على أدائها جماهير الفريق المحلي وجماهير الفريق الزائر، فلا عبارة خشنة، ولا لفظة نابية، ولا مفردة عنيفة، أما التصفيق الحار فيحظى به من يستحقه داخل هذا الفريق أو ذاك، أو عند استقبال المرمى للأهداف هنا أو هناك، وعلى مدار المقابلة، فلا تشنج، ولا غضب، ولا سباب، وإنما هو استمتاع وتشجيع وتطلع إلى الأداء الأحسن والأجود، وخلال فترة الراحة بين الشوطين، يقبل الذي أحضر معه ما يؤكل أو يشرب، على تناوله واستعذابه في أجواء هادئة شبيهة إلى حد ما بالأجواء التي تسود المسرح، وفصول المسرحية تتعاقب على الخشبة، ومع بداية أطوار الشوط الثاني، تكون كل النفايات المتبقية عن الأكل والشرب قد وجدت لها مكانا في صناديق القمامة المنتشرة بشكل منظم في أماكن بعينها، ومع صافرة النهاية، تعلو التصفيقات وتتردد الأناشيد الجميلة إعجابا بأداء الفريق الفائز، وتشجيعا للفريق المنهزم على أداء أحسن في القادم من المباريات في الوقت الذي يتبادل فيه اللاعبون التحايا في ود ومحبة، وإن هي إلا نصف ساعة على الأكثر وتخلو المدرجات.. فلا كرسي زحزح من مكانه، ولا رقما انتزع، ولا عبارة قبيحة لوثت حائطا أو واجهة.. أمام البوابة الرئيسية يصطف أعضاء جمعية مشجعي الفريق الضيف وأعضاء جمعية مشجعي الفريق المضيف لالتقاط صورة تذكارية على أمل اللقاء مجددا في مباراة العودة، ثم في الندوة الصحفية، يدلي المدربان برأيهما في المباراة بصراحة مطلقة، فتغيب الحجج التبريرية، والاتهامات المجانية، لسوء أرضية الملعب، أو لضعف التحكيم، وهناك على الشاشة الصغيرة تابع المشاهد تلك المباراة هادئا مستمتعا، وقد قربه المعلق من الأجواء على أرضية الملعب بدون تحيز ولا انفعال مصطنع، وتعليق حارق، وصراخ مبالغ فيه.

تتمة المقال تحت الإعلان

فهل سيأتي يوم نعايش فيه على أرض الواقع هذه الصورة المثالية، بعدما ساءت الأمور داخل ملاعبنا، فأرغمت فرقا عدة على اللعب بدون جمهور، وجعلت السلطات أيام إجراء أغلب المباريات في حالة استنفار قصوى، في ظل شغب يسيء إلى اللعب النظيف، ويحرم الراغبين في متابعة هذه المقابلة أو تلك من الاستمتاع في أعلى المستويات ؟

أعتقد أن ذلك قابل للتحقيق إذا ما تهيأت له الوسائل اللازمة، بداية من التربية الرياضية التي تعد الجمهور المتذوق للعبة بدون حماس زائد يضر بالأعصاب فيتحول إلى عنف مقيت، مرورا بتكوين فرق خاصة ضمن جمعيات المشجعين للأندية الرياضية، مهمتها تنظيم الجماهير قبل وأثناء وبعد إجراء المباريات وفق قوانين صارمة ووسائل رقمية لمراقبة كل حركة وسكنة، وانتهاء بإعلام رياضي أبعد ما يكون عن تهييج الجماهير، والدفع بها إلى هاوية التعصب الأعمى لفرقها، مما يهيئ التربة الخصبة للشغب الأحمق فرحا بالانتصار، والغضب الجنوني في حال الانهزام.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى