المنبر الحر | من المستفيد في المغرب من تنظيم كأس العالم 2030 ؟
بقلم: عبد العزيز الحوات
تعتبر محطة كأس العالم لكرة القدم 2030 هي النسخة الرابعة والعشرين من كأس العالم والتي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، والتي ستقام بكل من المغرب وإسبانيا والبرتغال بشكل مشترك، فيما ستقام أول ثلاث مقابلات في كل من الأوروغواي والأرجنتين والباراغواي للاحتفال بالذكرى المائوية للبطولة، ومن تم ستكون هذه النسخة أول نسخة ينظم فيها كأس العالم في ثلاث قارات وفي ستة دول، وهذا في حد ذاته يجعل المغرب يكتب اسمه مع الكبار ويكون قد شارك في تظاهرة عالمية كبرى يكون له نصيب وافر في كل ما تم تداوله في مجال الرياضة إلى حدود الاقتصاد والاجتماع والسياسة والفن، وغير ذلك كثير..
المغرب سيستضيف هذا الحدث الرياضي الكروي العالمي للمرة الأولى في تاريخه، وهذا الإنجاز جاء ثمرة لمجموعة من العوامل والأسباب التي من ضمنها احتلال منتخبنا الوطني المركز الرابع عالميا في مونديال قطر 2022، وكذلك بفضل السياسة المتبعة من قبل الجامعة الملكية لكرة القدم وعلى رأسها فوزي لقجع، رئيس اللجنة المكلفة بترشيح المغرب، والذي قال بهذا الخصوص: “هذا التنظيم سيرفع وتيرة الاستثمارات في البلاد، ويخلق فرصا كبيرة للعمل”، والهدف من جميع التحديات الرياضية – حسب نفس المتحدث – والتي رفعها المغرب، هو استثمارها وجعلها وسيلة من وسائل رفع التنمية في البلاد.
وقال الخبير الاقتصادي محمد جدري: “إن هذه التظاهرة العالمية لا يمكن إلا أن تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، حيث ستساهم في خلق الثروة ومجموعة من مناصب الشغل، خاصة للشباب، وسيتم تسريع وتيرة تجهيز مجموعة من البنيات التحتية، بما فيها الطرق والنقل بين المدن وداخلها، والفنادق والمطاعم والمقاهي، إلى جانب مشروع القطار فائق السرعة، الذي من المرتقب أن يصل إلى مدينة أكادير.
وحسب نفس المحلل، فإن المغرب كوجهة سياحية، سيحظى بإشعاع عالمي، حيث أن أنظار ملايير المتابعين ستتجه إليه، وبالتالي، ستكون لهم الرغبة لاستكشافه خلال المنافسات وبعدها، وبطبيعة الحال، سنستفيد بعد انتهاء هذا الموعد الرياضي الكبير، من بنيات تحتية قوية ومتطورة تسهل المهام والحاجيات للمغاربة، ونكون أمام تحقيق رقم كبير كوجهة سياحية عالمية تفوق 26 مليون سائح في أفق سنة 2030، والعوائد التي يمكن تحقيقها ستتجاوز البعد الرياضي إلى ما هو اقتصادي اجتماعي وسياسي، ومن تم توسيع دائرة الشركاء وزيادة إشعاع المغرب والتعريف بمقوماته وقدراته الحضارية والتاريخية والثقافية والفنية والمجتمعية، زد على كل ما ذكرنا، أن هذا التنظيم سينعكس لا محالة على نمو وتمتين وجودة العلاقات بين الجيران من الأوروبيين الإسبان والبرتغال، وهذا بدأ منذ الآن، والمغرب بعد كأس العالم لن يعود كما كان قبله، إذ سيتطور ويزدهر كما تطورت دول سبق لها أن نظمت هذه التظاهرة، وسيتنوع الاقتصاد المغربي ويزداد اهتمام العديد من المستثمرين والشركاء الدوليين بالاستثمار في بلدنا الحبيب، هذا فضلا عن تشييد العديد من الملاعب وتوفير وسائل نقل جديدة وطرق ومطارات وبنايات للسكن وفنادق بجودة عالية عالمية وأنظمة للرقمنة والاتصال.
وبالفعل، فقد شرعت المملكة في تسريع إنجاز عدة مشاريع على مستوى صناعة السيارات والطاقات المتجددة والصناعات التحويلية والهيدروجين الأخضر وغيرها من المشاريع التنموية..
فالمطلوب منا جميعا، اقتناص هذه الفرصة حتى نساهم في تقوية الاقتصاد والمنظومة الرياضية رغم أن مساهمة الرياضة في الاقتصاد تبقى هزيلة وضعيفة حسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الصادر عام 2022، ولا تتجاوز مساهمة الرياضة في الناتج المحلي الإجمالي 0.5 % حسب نفس التقرير.
لذا، كان علينا تقوية المنظومة الرياضية كلها من منظور مقاولاتي ليرتفع حجم مساهمتها في الناتج الداخلي الإجمالي، وهذا ما عبر عنه المحلل الاقتصادي، رشيد ساري، ولا ننسى كذلك العمل على تطوير وتحديث البنية الإعلامية والتي تبقى من الركائز الأساسية لانطلاق أي مشروع كيفما كان نوعه وحجمه، حتى نواكب هذا الحدث الرياضي الضخم، وسوف تتوزع مباريات المغرب على ستة مدن: الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش وأكادير وفاس، وستشهد تدفق عدد كبير من السياح، مما يزيد الطلب على مجموعة كبيرة من الخدمات، منها القطاع البنكي والفندقي والاتصالات والتحويلات..
وحتى نكون قد أحطنا بالموضوع شيئا ما، نعطي مثالا حيا من تنظيم قطر لمونديال 2022 لكرة القدم بطبيعة الحال، وما جنته من ذلك، فحسب تقرير حكومة دولة قطر بعد التنظيم، بلغت العوائد المالية المحققة نحو 17 مليار دولار، وهي عوائد مختلفة آنية ومستقبلية، وهذا الرقم لم تصل إليه أي دولة استضافت البطولة من قبل، ويمثل أعلى عوائد في تاريخ كأس العالم، حسب الأرقام الرسمية القطرية.
وقال ناصر الخاطر، الرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم قطر 2022 في تصريح له: “المتابعة لن تقتصر على المباريات فقط، لكن تم التركيز على الدولة والأماكن السياحية والترفيهية”، مؤكدا أن “كافة الدول التي استضافت البطولة استفادت من زيادة السياحة مثل البرازيل وروسيا”، وبشأن التذاكر لدخول الملاعب، قال أن عددها بلغ 3.1 ملايين تذكرة بيعت جميعها وبأثمنة مهمة جدا، وهو ما أكده الاتحاد الدولي لكرة القدم رسميا.
لهذا، وجب القيام بعدة تعديلات تشريعية تتلاءم مع تشجيع الاستثمار الرياضي وتواكب الانطلاق الفعلي لتحقيق نهضة في كل مناحي الحياة والمجالات، منها القطاع الرياضي، ومن تم التأسيس لانطلاقة اقتصادية واجتماعية وسياسية ورياضية فريدة تعزز دور المملكة كلاعب رئيسي وفعال في المنطقة وعلى المستوى العالمي لم لا ؟
وتنظيم مثل هذا الحدث الكروي الكوني يبقى فرصة كبيرة ومهمة ينبغي استغلالها من أجل تنمية مستدامة وحقيقية، واقتصاد عالي الجودة يعود بالنفع على كل المغاربة حكومة وشعبا، ونكون قد وفرنا حياة كريمة وهنيئة يسودها الحب والود والإخاء، وستصبح ملاعبنا ومسارحنا كملعب الكامب نو والبيرنابيو في إسبانيا وويمبلي وأولدترافورد في إنجلترا، وندخلها مع أطفالنا وأهلنا وأصدقائنا ولا نحس بأي أذى أو خوف ولا فزع.