تحقيقات أسبوعية

مع الحدث | العدوي تكشف أسباب فشل مشاريع الجهوية والماء والرقمنة

الرباط – الأسبوع

    كشفت زينت العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، خلال عرضها بمجلس النواب، عن مجموعة من الاختلالات والإشكاليات والمعيقات التي تعتري الاقتصاد الوطني والكثير من القطاعات، وخاصة مجال الاستثمار والماء، والجهوية، وأراضي الدولة، والتحول الرقمي، والضرائب والجبايات، وغيرها.

قالت زينب العدوي، أن الاقتصاد الوطني تعثر بسبب تداعيات الظرفية العالمية المتقلبة والانعكاسات المترتبة عن توالي سنوات الجفاف خلال سنة 2022، إذ لم تتجاوز نسبة النمو 1.3 %، تحت تأثير انخفاض حاد في القيمة المضافة الفلاحية التي تقلصت إلى 12.9% ، في المقابل، سجل القطاع السياحي دينامية متزايدة يؤكدها تنامي عدد السياح بالمؤسسات المصنفة والذي ارتفع بنسبة 12 % مقارنة بما قبل، مضيفة أن نسبة التضخم ببلادنا سنة 2022، بلغت 6.6 % وبدأت في التراجع منذ منتصف 2023 لتستقر في 6.1 % حسب آخر التقديرات، مع الاحتفاظ في السياسة النقدية على سعر الفائدة الرئيسي في نسبة 3 % منذ مارس 2023.

تتمة المقال تحت الإعلان

وعلى صعيد المالية العمومية، قالت العدوي أن سنة 2022 سجلت ارتفاعا في الموارد العادية بنسبة 20.8 % مقارنة بسنة 2021، إذ بلغت 336.5 مليار درهم، بزيادة قدرها 17.3 % عن توقعات قانون المالية، ويؤشر هذا التفاوت على صعوبات التحكم في آلية التوقع في سياق متسارع ومضطهد، حيث فاقت نسبة الإنجازات مستوى التوقعات بـ 12.8 % فيما يخص الموارد الضريبية، و57.3 % فيما يتعلق بالموارد غير الضريبية، والتي تتضمن أساسا مبلغ 25.1 مليار درهم في إطار آلية التمويل المبتكرة، و6.5 ملايير كحصيلة من المكتب الشريف للفوسفاط، و4 ملايير من الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية.

وأضافت رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، أن النفقات الإجمالية برسم 2022 ارتفعت بزيادة قدرها 15.8 % بالمقارنة مع 2021، حيث بلغت 414 مليار درهم، متجاوزة بنسبة 12.4 % توقيعات قانون المالية، وتضم ارتفاعات للنفقات العادية بنسبة 14.5 %، حيث وصلت إلى 320.8 مليار درهم وزيادة في نفقات الاستثمار بنسبة 20.6 %، إذ بلغت 93.8 مليار درهم، حيث تم فتح اعتمادات إضافية بمرسومين: الأول بقيمة 16 مليار درهم برسم نفقات المقاصة، والثاني  بـ 12 مليار درهم لفائدة بعض المؤسسات والمقاولات العمومية، مثل المكتب الوطني للكهرباء وشركة الخطوط الملكية والصندوق المغربي للتقاعد، مشيرة إلى اأن عجز الميزانية واصل منحاه التنازلي، حيث انخفض من 5.9 % من الناتج الداخلي الخام سنة 2021، إلى 5.2 % سنة 2022، ومن المتوقع حسب البرمجة متعددة السنوات كما تم تحيينها من طرف وزارة الاقتصاد والمالية، أن يتراجع في متم 2023 إلى 4.5 %.

ولمواجهة التحديات القائمة على مستوى المالية العمومية، تؤكد العدوي على أنه يجب إيجاد التوافق الأمثل بين إلزامية المحافظة على توازن المالية العمومية واستدامتها، وضرورة تعبئة التمويلات اللازمة من أجل مواصلة تنفيذ مختلف الإصلاحات والبرامج والمشاريع المهيكلة، فضلا عن المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين، ودعت إلى مواصلة العمل على تحسين المردودية العادية تماشيا مع غاية القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، وكذا التحكم في مستوى النفقات، وأوصت بضبط نسبة الدين حتى تتوافق تدريجيا مع الأهداف التي تم وضعها وبرمجة الميزانية متعددة السنوات 2024-2026، والتي تروم احتواء هذه النسبة في حدود 69.5 % من الناتج الداخلي الخام، مشددة على ضرورة تسريع الإصلاحات الكبرى التي من شأنها توفير هامش مهم لمواجهة هاته المتطلبات، من بينها تلك المتعلقة بالنظام الضريبي، والتي يمكن أن تساهم في تعبئة موارد إضافية عبر الاستغلال الأمثل للإمكانات الضريبية وإصلاح منظومة الاستثمار، لدورها في تحسين نسب النمو، إلى جانب ورش إصلاح المقاولات والمؤسسات العمومية الذي من شأنه أن يخفف من اعتمادها على الميزانية العامة وأن يرفع من مردوديها ومساهمتها في الموارد العمومية.

تتمة المقال تحت الإعلان

ودعت زينب العدوي إلى تنفيذ التوصيات السابقة المرتبطة بمواصلة الجهود لإصلاح الضريبة على الدخل، مع تعديل جدولها الزمني على غرار ضريبة الشركات والضريبة على القيمة المضافة، والتواصل بشأن أثر التغييرات المحدثة أو المبرمجة على الميزانية وعلى مختلف فئات الملزمين، وبإجراء تقييم أيضا للأثر الاجتماعي والاقتصادي للامتيازات الضريبية الممنوحة، من أجل توجيه القرارات بشأن الاحتفاظ بها أو حذفها أو مراجعتها.

وبخصوص تقييم المجلس للبعد الجهوي، كشفت العدوي أن هناك تعثرا على مستوى اللاتمركز وإنجاز المشاريع وممارسة الجهات لاختصاصاتها، حيث لم تستطع الجهات إنجاز سوى 36 % من المشاريع المبرمجة بكلفة ناهزت 47 مليار درهم، وهو ما يعادل 11 % من الكلفة الإجمالية التوقعية لبرامج الجهوية الإحدى عشر (الكلفة التوقعية ناهزت 420.54 مليار درهم)، معتبرة أن تقليص الفوارق بين الجهات وإرساء عدالة مجالية يظل من أهم التحديات، وهو ما يؤكده اتساع الفوارق بين الجهات في جذب الاستثمار وخلق الثروة، حيث أن ثلاث جهات فقط ساهمت بنسبة 58 % من الناتج الداخلي الإجمالي خلال سنة 2021، مسجلة وجود تقصير في تنزيل الميثاق الوطني للاتمركز الإداري على أرض الواقع، وترسيخ نقل الاختصاصات من المركز إلى المستوى الترابي، وخاصة الاختصاصات التقريرية، والتي لم تتجاوز إلى غاية شتنبر 2023 سوى 32 %، مما يدل على أن نسبة نقل الاختصاصات ذات الأولوية المتعلقة بالاستثمار لم تتعد 30 %.

وأوصت العدوي بضرورة تعزيز القدرات التدبيرية للجهات، باعتماد مقاربة شمولية تقوم على الاستثمار الأمثل لمختلف الكفاءات والخبرات المتاحة التي يتوفر عليها باقي الفاعلون المؤسساتيون على المستوى الترابي، لأن المبادرات التنموية على مستوى الجهات لا يمكن أن تحقق أهدافها ما لم تراع هذه الجوانب وما لم تستند إلى تشخيص قائم على منظومة مندمجة للمعلومات تتيح توفير المعطيات المناسبة والمضبوطة والمحينة في الوقت المناسب، ويتقاسمها جميع المتدخلين، مضيفة أن من أهم المعيقات التي تعيق تفعيل هذا الورش الملكي الاستراتيجي، عدم قدرة الجماعات الترابية وهيئاتها بصفة عامة والجهات، والوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع بصفة خاصة، على استقطاب الموارد البشرية ذات المؤهلات الضرورية لكسب رهان التنمية الترابية.

تتمة المقال تحت الإعلان

وبالنسبة لقطاع الاستثمار، تحدثت العدوي عن إشكالية أراضي الدولة، التي تفوق مساحتها الإجمالية 2.5 هكتار منها 55 % غير محفظة، مما يثير الانتباه إلى استمرار النقائص البنيوية التي تعتري تدبيره، والتي تتمثل أساسا في عدم اكتمال تصفية العقارات التابعة له، حيث أن أزيد من 173 ألف هكتار غير مصفاة بالكامل، ويرجع ذلك إلى التحملات التي تثقل بعضها، والملكية على الشياع للبعض الآخر، والاحتلال بغير سند لبعض أراضي الدولة، والذي يستلزم التصدي له بحزم، مبرزة أن من الصعوبات والاختلالات التي تتعلق بالملك الخاص للدولة، عدم تحديد هذه العقارات وضعف توفير المعلومات ذات الصلة وصعوبة الولوج إليها من طرف المستثمرين، حيث يدعو المجلس إلى العمل على إعادة تكوين الاحتياط العقاري بما يستجيب لحاجيات سياسة الدولة المتعلقة بالاستثمار، وتسريع عملية تحفيظ وتصفية أراضي الملك الخاص للدولة من أجل تسهيل حمايتها وتعبئتها لفائدة الاستثمار، والعمل على تثمين هذا الصنف من العقارات والإسراع في وضع نظام معلومات جغرافي من أجل توفير المعطيات الكافية المتعلقة بها وإتاحتها للمستثمرين.

وفي إطار مواكبة المجلس الأعلى للحسابات للبرامج والمشاريع العمومية المتعلقة بالماء، قالت العدوي أن المجلس سبق أن أنجز مجموعة من المهام الرقابية بخصوص المياه المخصصة للري وتوزيع الماء الشروب، وتطهير السائل وتزويد العالم القروي بماء الشرب، ومواصلة لهذه الأعمال، عمد المجلس إلى تقييم الإجراءات وتثمين السدود التي اعتمدها وثائق التخطيط المتعلقة بالماء، ولا سيما الاستراتيجية الوطنية للماء 2009 -2030، والمخطط الوطني للماء 2010-2030، وأيضا المخططات التوجيهية المندمجة لموارد المياه 2011-2030.

ورصدت العدوي عدم إنجاز بعض البرامج المضمنة في وثائق التخطيط، خاصة تلك المتعلقة بإعادة تأهيل قنوات نقل المياه انطلاقا من السدود وتثمين السدود الصغيرة، فضلا عن التأخر في بناء عدد من السدود مقارنة بالتوقعات، حيث تم تشييد 16 سدا كبيرا من أصل 30 كانت مبرمجة خلال الفترة 2010-2020، معتبرة أن تأخر هذه المشاريع مرتبط بمسطرة نزع الملكية لتعبئة العقارات، وكذا اللجوء لصفقات تكميلية لتغطية الأشغال الإضافية، وفيما يخص مشاريع التزويد بالماء الشروب انطلاقا من السدود، ألغيت 6 مشاريع من أصل 19 مشروعا مبرمجا مع تسجيل تأخير فاق سنتين بالنسبة لـ 13 مشروعا، بالإضافة إلى عدم بلوغ أهداف التثمين الفلاحي والسياحي للسدود، داعية إلى تعزيز التنسيق بين الأطراف الرئيسية المعنية بتثمين السدود، لاسيما القطاعات المكلفة بالماء، والفلاحة، والمكتب الوطني الكهرباء والماء الصالح الشرب، بهدف إنجاز المشاريع ذات الصلة داخل آجال محددة، وتحقيق الجدوى الاقتصادية المتوخاة.

تتمة المقال تحت الإعلان

وفي المجال الرقمي، لاحظت العدوي أنه رغم توفر صندوق الخدمة الأساسية للمواصلات على موارد إجمالية بلغت في سنة 2021 أكثر 4.4 ملايير درهم، وهو نفس المبلغ بسنة 2022، لكن إجمالي النفقات بلغ سنة 2021، 424.85 مليون درهم، و676 مليون درهم خلال سنة 2022، أي ما يمثل 9.6 %، و15.3 % من الموارد الإجمالية، إلا أن مساهماته قليلة في تمويل مشاريع التنمية الرقمية مع بقية القطاعات، حيث تعتمد جل القطاعات والمؤسسات والجماعات الترابية على الاعتمادات المبرمجة في ميزانيتها، في غياب آلية تمويل ترتكز على التعاضد والتكامل بين المتدخلين.

واشتكت العدوي عدم تنفيذ التوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، إذ أن عدد التوصيات المنجزة لم يتجاوز ما مجموعه 62 توصية من أصل 389، أي حوالي 16 %، بينما بلغت نسبة التوصيات المنجزة جزئيا 49 %، فيما لم يتم الشروع بعد في 35 % من التوصيات الصادرة عن الغرف القطاعية للمجلس، مشيرة إلى أن التوصيات الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات بلغت 6135 توصية، وصلت نسبة إنجازها 52 %.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى