المنبر الحر | من جرائم الحقد يوم أعياد المسلمين

بقلم: ذ. عبد الواحد بنمسعود
من هيئة المحامين بالرباط
أقصد بالحاقدين من سولت لهم أنفسهم الاعتداء على الدول والأمم واستعمروها ونهبوا خيراتها، وعاثوا فسادا في أراضيها وهتكوا حرمة سكانها، وقتلوا أبطالها وسجنوا مناضليها، وكانوا يخادعون العالم بشعارات براقة مثل الحرية والمساواة والعدالة واحترام المشاعر الدينية ومعتقداتها، وفي مقدمة هؤلاء الاستعمار الفرنسي الذي لم يترك لا شرقا ولا غربا إلا وحاول أن يستعمره ويضمه لنفوذه، وهكذا حاول الاستعمار بحملته على مصر أيام نابليون، أن يسيطر على بلاد الكنانة، وفرض الوصاية والانتداب على سوريا ولبنان، ثم وجه خططه الاستعمارية لتنفذ وتطبق في القارة الإفريقية بالاستيلاء على الجزائر وتونس والمغرب وعدد من دول القارة التي اتخذ من أبنائها خدما وعبيدا وجنودا لتحرير فرنسا من السيطرة النازية وتحرير عاصمتهم من نير الاستعمار الألماني النازي، وبسبب المقاومة العنيفة ضد الاستعمار الفرنسي، عمل المستعمر الحاقد أن ينكل بالمجاهدين المؤمنين في أيام أعيادهم وينغص عليهم فرحة تلك الأيام، فاختار لتنفيذ جرائمه الإعدام، والنفي، والاعتقال يوم عيد الأضحى المبارك، نظرا لما لهذا العيد من مكانة كبيرة عند المسلمين، ولأن أيامه المباركة تصادف موسم الحج وأداء شعائره المقدسة، وأقصد بالحاقدين أيضا خدام الاستعمار الفرنسي الذين لا يحترمون حق الجوار، ولا المعاملة المطبوعة بالحكمة والتبصر واحترام المقيمين في ديارها ويخدمون مصالحها، وبما قاله رسول الله (ص) أن تحب لغيرك ما تحب لنفسك، وبالنسبة للمغرب، سنذكر بعض الجرائم البشعة التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي ضد المغاربة الفدائيين والمجاهدين وقادة الحركة الوطنية، وضد الشرعية وممثلها الأول وسمو مكانته ومنزلته عند رعيته، ومن تلك الأحداث ولا زال على قيد الحياة من عاصرها واكتوى بنارها، نذكر للجيل الجديد عملية إعدام يوم عيد المولد النبوي على إثر تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال يوم 11 يناير 1944، واعتقال زعماء الحركة الوطنية وخروج جماهير من سكان الرباط تندد بالتعسف الاستعماري، وكان من ضمن المحتجين شاب من أبناء مدينة الرباط البررة وهو الشهيد المختار جزوليت، الذي اعتقل وقدم لمحاكمة صورية وصدر الحكم بإعدامه ونفذ فيه الحكم يوم عيد المولد النبوي، وقد جاء ذكر هذه الحادثة المفجعة وتفاصيلها في مقال نشرته جريدة “الأخبار” الصادرة يوم 5 دجنبر 2022 (العدد 3037) من إعداد يونس جنوحي، ولقد ترك هذا الحكم الظالم وتنفيذه في حق مناضل في يوم عيد ديني، أثرا مؤلما قاسيا، والقصد كان هو إهانة والاستخفاف بمشاعر المسلمين، والحدث الثاني الذي تعمدت فرنسا ارتكابه، كان حينما أقدمت سلطات الاستعمار ليلة عيد الأضحى المبارك على خلع ونفي الملك محمد الخامس طيب الله ثراه وأسرته الشريفة، وتنصيب “دمية” تسير في ركاب وخطط الاستعمار الفرنسي، ولم يتدبر حكام الاستعمار عواقب الاعتداء على رمز السيادة المغربية وممثلها الشرعي، وكانت هذه الخطوة المتهورة ومقاومتها ملكا وشعبا، سببا في انهزام فرنسا وطردها من شمال إفريقيا، وتمادى الاستعمار في طعن المؤمنين وهم يحتفلون بعيدهم، لما أقدم على تنفيذ حكم الإعدام شنقا في حق رئيس دولة يوم عيد الأضحى بغض النظر عن مناقشة الأسباب والعلل، أما الفاجعة الكبرى والتي ارتكبها يوم عيد الأضحى، هو من تنكر للمعروف وخان العهود وارتكبت من طرف من كان يتستر وراء الروابط المتعدد ويخفي الغدر والحقد والحسد والطغيان، ومحاولة اختراق بلدان الجوار، حيث أقدم ناكر الجميل على طرد 350000 مغربي منهم الشيوخ والأطفال والنساء والعجزة، واستولى على ممتلكاتهم وأموالهم، ولم يسبق في تاريخ الإنسانية تسجيل مثل هذا الحدث الشنيع وكان ضحيته الأبرياء ولا علاقة لهم بالخلافات والنزاعات السياسية، ووصفت سيدة كانت من جملة المطرودين هذا الاعتداء الوحشي وما لحق بهم من أذى وإذلال، أنها طردت مع عائلتها من منزلها بلباس النوم، وأن المطرودين تعرضوا لمعاملات سيئة حين طردوا ليلا، ووصل الاعتداء إلى حد الاغتصاب والتجريد من الممتلكات والأموال، وإذا أرادوا البقاء في الجزائر فعليهم أن يعترفوا بجبهة البوليساريو أو تقديم دعم مالي لها، ومسيرة الطرد هذه أطلق عليها اسم “المسيرة الكحلة” في مقابل المسيرة الخضراء المظفرة، وقال شخص آخر، أن من طردوا تعود أصولهم ممن شارك أجدادهم في حرب التحرير الجزائرية مثل عبد الحميد العاطي الله، الذي قال بأن أسرته قدمت خمسة شهداء قضوا نحبهم على أرض الجزائر.
ويتمادى الفكر الاستعماري ودولة السويد الملحدة أن تحذو حذو الاستعمار الفرنسي وتحارب الإسلام والمسلمين يوم عيدهم الأكبر، لما سخرت الدمية الفاجر الملحد سلوان موميكا لحرق المصحف الكريم أمام مسجد وبحضور جمهور وحماية الشرطة، أي في أكبر حجم للتحدي، وهذه الجريمة لا يقبل فيها أي عذر من الدولة التي رخصت لذلك المجرم للقيام بما فعل للاستهزاء بالمسلمين وبكتاب الله تعالي الذي وصفه ذلك المنحرف بكتاب يدعو للإرهاب، ونحن على يقين بأنه لم يقرأ ولو آية واحدة من المصحف، ولا يعرف معجزاته وسبب نزوله وبلاغة تعبيره، فذلك الملحد وقع على صك إهدار دمه وإلى ذلك الحين سيظل مسجونا يسيطر عليه الخوف والرعب والفزع، وعقاب الله سيحل به إن عاجلا أو آجلا، ولن يجد في دولة الإلحاد من يحميه لأنها اتخذت منه أداة لارتكاب تلك الجريمة وتركته للمصير المظلم الذي سيلقاه وما ربك بغافل عما يفعل الظالمون.