المنبر الحر

المنبر الحر | من الأخطر.. أن تكون خصما لأمريكا أم صديقا لها ؟

بقلم: زهير أهل الحسين

    من أجل تفكيك بنيات هذا التساؤل، ننطلق من مقولة هنري كسينجر: “أن تكون خصما لأمريكا فأنت في خطر، لكن أن تكون صديقا لأمريكا فأنت تلقي بنفسك إلى التهلكة”.

وحين نتحدث عن هنري كيسنجر، فإننا نحيل على أحد أبرز منظري السياسة الخارجية الأمريكية التي تعتمد على القوة وخلق الصراع وتغيير الأنظمة السياسية بالعنف، وعدم الاكتراث للشرعية والمشروعية السياسية الدولية، لا سيما المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تعمل على الرقي بالعلاقات بين الدول.

تتمة المقال تحت الإعلان

والغاية من استحضار هذه المقولة، هو ربطها أفقيا بالعلاقات المغربية الأمريكية، خصوصا بعد الاعتراف بمغربية الصحراء وانعكاساتها المباشرة على تطور العلاقات المغربية الإسرائيلية، ومن تم التساؤل: هل يجب أن يكون المغرب خصما لأمريكا أم صديقا لها حسب المنطق الكيسنجري؟ وما هي التكلفة السياسية لكل موقف في عالم يتأرجح بين سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى الانفراد بصنع القرار الدولي والرغبة في إنشاء عالم متعدد الأقطاب تقوده أمريكا، لكن بتنسيق مع الصين وروسيا؟

تاريخيا، منذ أن غادرت الولايات المتحدة “مبدأ مونرو”، وأصبحت فاعلا مهما في العلاقات الدولية، عملت على بث القلاقل والحروب والصراعات في جميع أرجاء العالم، وإن لم يكن هناك صراع، فقد عملت على خلقه، وبالتالي أصبحت هويتها الدولية مرتبطة ارتباطا وراثيا بخلق الصراع أو تمديده أو التحكم في إدارته.

الصداقة/التهلكة هو الفخ الذي وقع فيه صدام حسين، الذي كانت تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية حليفا لها ضد الثورة الخمينية، وحين وقع في المحظور، بغزوه الكويت، فرضت عليه حصارا لعدة سنوات، قبل أن تقوم بالتخلص منه نهائيا، عن طريق شنقه في أول أيام عيد الأضحى لسنة 2003.

تتمة المقال تحت الإعلان

صداقة أمريكا هي أن تغازل سنويا لوبي الأسلحة من خلال شراء الأسلحة الخفيفة والثقيلة بملايين الدولارات، ونحن نعلم أن المغرب زبون منتظم للوبي الأسلحة الأمريكي حسب معهد استوكهولم للسلام، ومن يدري، فأمريكا قد تعمل في السنوات المقبلة على دفع الدول العربية إلى جعل الحق في التوفر على السلاح حقا دستوريا، قياسا على ما ينص عليه الدستور الأمريكي.

صداقة أمريكا هي أن تضع الاحتفال بالاعتداءات التي تعرضت لها يوم 11 شتنبر 2001 ضمن أجندتك الوطنية، وحذاري أن تشير إلى 11 شتنبر 1975 التي ترمز إلى اغتيال الرئيس الشيلي سلفادور إيندى من طرف الاستخبارات الأمريكية في عز الحرب الباردة.

صداقة أمريكا هي أن تعتبر التقارير الصادرة عن الخارجية الأمريكية في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية وفصل السلط، أسمى من التقارير الدولية التي تصدرها المنظمات الدولية.

تتمة المقال تحت الإعلان

صداقة أمريكا هي أن تقيم علاقات اقتصادية وتجارية مع إسرائيل، من أجل تمهيد الطريق لعلاقات دبلوماسية، مع قمع المجتمع المدني الذي يناهض التطبيع مع دولة تعتبر سياسة الاستيطان والاعتقالات التعسفية والاغتيالات أسمى من سياسة السلام، وتعتبر فلسطين أرض الميعاد، وتتيح لليهود المتطرفين استباحة المسجد الأقصى، وحرق المصحف الكريم، واعتقال الأطفال بدون سند شرعي.

الصداقة/التهلكة هي أن تعمل ما أمكن على منع بيع كتب “بروتوكولات حكماء صهيون” و”الأساطير المؤسسة للدولة الإسرائيلية”، وتمنع محاضرات نعوم تشومسكي ومحاضرات يعقوب كوهين، وتتفادى الإشارة إلى 2 نونبر، الذي يحيل إلى وعد بلفور.

كنه القول: لا توجد علاقات صداقة في العلاقات الدولية، سواء تعلق الأمر بأمريكا أو بغيرها، بل هناك مصالح متبادلة بين الدول، وحين يتغير مضمون المصالح، يتغير مضمون الخطاب، فإذا كانت أمريكا تضرب بعرض الحائط الإطار القانوني الدولي، فما بالك بعلاقتها بباقي الدول، ناهيك عن المصالح التي تؤطر السلوك الخارجي للحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى