المنبر الحر | هل أتاكم حديث معركة وادي المخازن ؟
بقلم: ذ. عبد الواحد بن مسعود
من هيئة المحامين بالرباط
يا قائد نظام حكم العسكر في الجزائر، إنك برعونة وطيش وعدم تبصر تصرح علنا بأقوال لا تدرك عواقبها وسلبياتها، تصرح بأنك ستشن حربا شعواء على المملكة المغربية بما تتوفر عليه من قوة خيالية ضاربة معتقدا أنك ستدخل الرعب والفزع في قلوب المغاربة الأشاوس، وسيصابون بالأرق من إطلاق تلك التصريحات العنترية، وأنهم سيفتحون لك الأبواب لتدنس أقدامك النجسة تربة أرضهم الطاهرة، تطلق تلك الفقاعات لأنك لم تقرأ تاريخ كفاح الشعب المغربي ونضاله وتضحياته لحماية وطنه لما تكالبت عليه قوات استعمارية مختلفة متحالفة، وأن صموده أمام الغزاة من مختلف الجنسيات وهزائمهم جعل الدول تطلب وده وحمايته وتبرم معه اتفاقات التعاون وحسن الجوار وربط علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء، وأن المغرب استطاع في ظرف وجيز أن يتخلص من الحماية الاستعمارية وأن يواجه الدولتين المستعمرتين رغم ما تتوفر عليه من قوات عسكرية وما تتوفر عليه من مختلف الأسلحة، وخلال ثورة الملك والشعب، استطاع أن يرغم المستعمر على الاعتراف باستقلال البلاد والخضوع لمطالبه والجلاء عن أراضيه..
إنك لم تراجع تاريخ المعارك الضارية التي خاضها المغاربة ضد الغزاة وخرج منها المغرب منتصرا بعدما انهزمت جيوش عرمرمة حاولت هتك حرمة وطنه، واستعانت ببعض الخونة مارقين عليك يا جاهل التاريخ البطولي للمغاربة أن تطلع فقط على معركة “وادي المخازن” لتدرك ولتقف على هزيمة ساحقة، ومصير قاتم لثلاثة قادة والهزيمة الساحقة التي أصابت جيوشهم، فمنهم من قتل في المعارك الضارية ومنهم من حاول الفرار وغرق في مياه نهر ولم يجد وليا ولا نصيرا، وانتصر الأبطال المغاربة رغم عدم التكافؤ في الأسلحة، ولكن المقاتلين المغاربة كانوا يتوفرون على سلاح فتاك هو سلاح الإيمان بعدالة قضية وطنهم، وسلاح الإيمان بالدفاع عن شرفهم وكرامتهم، وسلاح النصر أو الشهادة، بينما جنود الجيش الغازي كانت ضعيفة العزيمة لأنها تحارب من أجل هدف لا تؤمن به، وتخاف من الموت، ولأنها فاقدة للثقة في الانتصار وخوض معركة لا تجني من ورائها أي طائل سوى الاعتداء على أمة مسلمة لم تتطاول على بلدهم ولا مستهم بسوء..
عليك أيها القائد المغرور أن تأخذ الدرس من معركة “وادي المخازن”، ومن الدور الذي لعبه النهر في اندحار المعتدين، وهو الدور الذي سيلعبه الجدار العازل وخلفه رجال وأبطال أشداء، ومن ورائهم شعب متلاحم لا ترهبه التهديدات.. عليك أيها القائد الفاشل أن تدرك أن دوام الحال من المحال، فالجهة التي اتجهت إليها وطلبت منها الحماية أصبحت تعاني من مشكل ليس من السهل التغلب عليه، وأن السحر انقلب على الساحر وأصبحت بلادك مهددة بتقسيمها إلى ثلاثة دول تطالب بتقرير المصير الذي اتخذتم منه ذريعة لتفتيت وحدة بلاد الجار، وكذا مطالبة تونس باسترجاع أراضيها التي اغتصبتها فرنسا وضمتها لولايتها التي تحمل اسم الجزائر، ولن تنفعكم أموالكم ولا خنوعكم ولا خضوعكم ولا المرتزقة حين البأس.. عليك أيها القائد الطائش أن ترحم الشعب الجزائري الشقيق ولا تلقي به في جحيم لا يطاق، ولا تتسبب في أرملة الزوجات وحرمان الأطفال من حنان الآباء، وأن تحط من قيمة ونضال الشعب الجزائري الذي أصبحت بلاده توصف ببلد ترعى وتدعم الإرهاب، فالشعب الجزائري غير مقتنع بموقف العداء الذي تكنه للمغرب وهو كشعب مسلم لن يحمل السلاح ويوجهه لمسلم بناء على افتراءات ومغامرات، وهو غير راض على احتضانك لجماعة مسلحة تغدق عليها خيرات وثروات وأموال بلاده، فهو لم ينس ما قدمه المغرب من مساعدات لاستقلال بلده واسترجاع حريته وهو قد سئم من الوقوف في صفوف طويلة وسحابة يومه للحصول على الماء والزيت والحليب، لكن الصبح يا شعب الجزائر ليس ببعيد.