بين السطور | “شهر العسل” مع إسرائيل له ثمن


عجيب أمر المجاملات التي أصبحت تطغى على العلاقات المغربية الإسرائيلية، وسرعة تحولاتها، إذ لم نعد نفقه شيئا إزاءها..
مساء يوم السبت 24 يونيو، حطّ بتل أبيب عبر رحلة منتظمة لشركة الخطوط المغربية(…)، حوالي 20 صحفيا مغربيا لمرافقة “اتفاقات أبراهام” وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتضمن برنامج هذه الرحلة، التي دامت أسبوعا كاملا، وكانت من تحضير إيال ديفيد، الرجل الثاني والمسؤول الحقيقي(…) لمكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، والتي تكلفت وزارة الشؤون الخارجية الإسرائيلية بكامل مصاريفها(…) من تنقل وإقامة، (تضمن) لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين رسميين، ومدراء شركات كبرى تبدي اهتمامها بالاستثمار في المغرب(…)، لتكون هذه الرحلة هي الأولى من نوعها منذ التوقيع على “اتفاقات أبراهام”.
وبعد أقل من يومين على عودة الصحافيين المغاربة إلى أرض الوطن، خرج السيد ناصر بوريطة، الذي اعتدنا على استراتيجياته الباردة في قضاء الحوائج(…)، والتي من بين ثمراتها “زمن السمن على العسل” الذي نعيشه مع إسرائيل(…)، بتصريح يطالب فيه المجتمع الدولي والقوى العظمى، بالتدخل لإيقاف العدوان على فلسطين وأراضيها، ليشدد، خلال ندوته الصحفية المشتركة مع وزير خارجية سلطنة عمان(…)، على أن المغرب يرفض الاعتداءات المتكررة على جنين، مضيفا أن الوضع الحالي خطير جدا، ويهدد ما تبقى من أمل لإقامة السلام..
تعبير واضح لمن سمعه دون دراية بالباقي(…)، يجعله يصنف المغرب بسهولة لأي طرف ينحاز(…)، لكن لما سمعنا في نفس اليوم ما أدلى به وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، في معرض تصريحاته بشأن العملية العسكرية في جنين بالضفة الغربية المحتلة (نفس العملية التي ندد بها بوريطة)، بأن إسرائيل بصدد اتخاذ قرارها بشأن الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، أثناء استضافة الرباط لمنتدى تأجل أكثر من مرّة لوزراء خارجية الدول الموقعة على اتفاقيات التطبيع(…)، نفهم، والفاهم يفهم، أن المغرب في دبلوماسيته يتفاعل فقط مع الأحداث لا مع الأطراف(…)، إلا أن الحيطة والحذر من الأطراف يظل واجبا، خصوصا مع تلك التي كانت وراء أول غدر في تاريخ الإسلام، يهود يثرب، الذين إن كان بعضنا قد تناسا هذا الغدر.. فإنه ما زال يعود إلى الذاكرة الجماعية لغالبية المسلمين(…) كواحدة من أخطر المحن التي مرّت عليهم، فاليهود الذين وجدهم الرسول محمد (ص) مقيمين في المدينة المنورة بعد هجرته إليها، أقر لهم حقوقهم التي وجدها قائمة(…)، واحترم تحالفاتهم القبلية المحلية وأدمجهم في منظومته السياسية الجديدة، (وهو نوع من التطبيع كذلك)، لكنهم تحوّلوا إلى مصدر للغدر وكادوا أن يصبحوا خنجرا يطعن في ظهر الدعوة الإسلامية الفتيّة حينها ويصيبها في مقتل.. أفليس بالتاريخ خير منذر ؟