المنبر الحر | ربط المسؤولية بالمحاسبة منذ فجر الاستقلال
بقلم: ذ. الحسن العبد
يرى بعض المحللين السياسيين المغاربة، ومعهم كل المهتمين بشؤون الأمة جمعاء، بأن بلادنا تشهد اليوم خطوة بالأهمية بما كان في مسار تحقيق العدالة والتصدي للفساد ونهب المال العام، وبذلك يطرح متتبعون أسئلة حول مدى جدية السلطات وقدرتها على فتح ملفات الفساد، والقطع مع الإفلات من العقاب وإخضاع المسؤولين مهما كانت صفتهم وموقعهم للمساءلة، ونحن نريد مساءلة كل من تقلد المسؤولية في هذه المملكة السعيدة: من أين لك هذا؟
فأصحاب كبريات الشركات بالمغرب، منهم كانوا ساسة وساسوا أمورنا، فعتوا فسادا ونهبوا واعتزلوا السياسة ليصبحوا أرباب المال والأعمال بينما نحن نتصارع على الفتات، ذلك أنه منذ نهاية سنة 1962، حين أعلنت الدولة عن أول دستور بعد الاستقلال، في سياق عرف مواجهة محتدمة بين القصر وبعض القوى الوطنية، منها الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي قاطع التصويت على الدستور بدعوى أنه دستور ممنوح ويُشرعن الحكم المطلق للمؤسسة الملكية، بينما صوت عليه حزب الاستقلال، وفي العام الموالي، سيشهد المغرب أول انتخابات تشريعية وبعدها الانتخابات الجماعية، فقطعت القطائع للأهل واستغنى من استغنى بنهب مال الشعب.
ليس عام 1963 هو أول عام للانتخابات بالمغرب بعد الاستقلال، لكنه يبقى أول عام انتخابي في أول دستور تشهده المملكة والعام الذي سيحدد لأول مرة نواب البرلمان، وأكثرهم ناهبون، بينما في شهر مارس 1960، شهد المغرب انتخابات الغرف المهنية التي فاز فيها حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أشهرا قليلة بعد تأسيسه، وبعدها في الانتخابات البلدية والقروية ليوم 29 ماي 1960، تمكن حزب الاستقلال من تصدر المشهد بـ 40 في المائة من المقاعد، ثم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بنسبة 23 في المائة، أما حزب الحركة الشعبية الذي تأسس عام 1959، فقد نال سبعة في المائة، واليوم لا نقبل البتة بضياع رزقنا ونريده “حب وتبن” كما يقال، ولن نسمح في درهم واحد تم نهبه أو شبر من الأرض تم الاستيلاء عليه بالباطل.
لا نريد “طاحت الصمعة علقوا الحجام”، بل نريد محاسبة كل مسؤول تقلد منصبا بالمملكة فيه مسؤولية، منذ فجر الاستقلال.. فهذا زمن رد الحق لأهله، فمن الاستضعاف إلى الاستخلاف وإن كنا لا نشك في نزاهة القضاء اليوم.