المنبر الحر | ما علاقة الفلسفة بالذكاء الاصطناعي ؟
بقلم: عبده حقي
تتعلق الفلسفة بالذكاء الاصطناعي بشكل كبير من حيث تناولها للأسئلة الأساسية حول طبيعة الذكاء والوعي والحوسبة…إلخ، حيث تعتبر أساسا لتطوير الذكاء الاصطناعي لأنها تساعد في تحديد الأسئلة والإشكاليات التي يجب حلها، وتساعد على تحليل وتفسير النتائج التي يتوصل إليها الذكاء الاصطناعي.
على سبيل المثال، تتعلق الفلسفة بالأسئلة المرتبطة بالوعي والذات والأخلاق، وتلعب هذه الأسئلة دورا هاما للغاية في تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث يتم الاعتماد على مفاهيم الوعي والذات في تصميم وتطوير الأنظمة الذكية التي يمكنها اتخاذ القرارات والتفاعل مع العالم بطريقة تشبه الإنسان.
بالإضافة إلى ذلك، تساعد الفلسفة في تحديد الأثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للذكاء الاصطناعي، وتحديد النقاط القوية والضعيفة للتطبيقات الذكية في المجتمع، وبهذه الطريقة، تساعد الفلسفة في توجيه التطور التقني نحو الفوائد الأكبر للإنسانية بشكل عام، لأنها تشكل إطارا نظريا يمكن من خلاله تحليل الأثار الاجتماعية والأخلاقية والسياسية للتطور التقني، فعلى سبيل المثال، عندما يتم تطوير نظام ذكاء اصطناعي جديد، يمكن للفلسفة أن تساعد في تحديد الأثار الاجتماعية لهذا النظام، مثل تأثيره على سوق الشغل والاقتصاد، وتحديد مدى تأثيره على الحياة اليومية للأفراد في المجتمع، كما يمكن للفلسفة أن تساعد في تحديد الأثار الأخلاقية للنظام، مثل مسألة الخصوصية والتحكم في البيانات الشخصية، ومسألة تأثير النظام على حرية الأفراد، كما يمكن للفلسفة أن تساعد في تحديد النقاط القوية والضعيفة للتطبيقات الذكية، وتحديد المجالات التي يمكن للتكنولوجيا أن تقدم فيها أكبر قدر من الفائدة للإنسانية.
لذلك، فإن الفلسفة تلعب دورا هاما في توجيه التطور التقني نحو الفوائد الأكبر للإنسانية بشكل عام، وتساعد في تحديد السبل الأفضل لاستخدام التكنولوجيا لتلبية احتياجات الإنسان وتحسين جودة الحياة في المجتمع، لأنها توفر الإطار الفكري اللازم لتحليل وفهم الأثار الاجتماعية والأخلاقية والسياسية للتكنولوجيا والابتكارات التقنية المختلفة.
فالتكنولوجيا ليست مجرد مجموعة من الأدوات والأجهزة التي يمكن استخدامها لتحقيق أهداف محددة، بل هي أيضا نظام من القيم والمعتقدات والمفاهيم الفلسفية التي تحكم استخدام هذه التكنولوجيا وأثرها على الإنسان والمجتمع.
وعلاوة على ذلك، فإن الفلسفة تساعد في رسم خريطة للمخاطر والتحديات التي تواجه التكنولوجيا والابتكارات التقنية، وتساعد في تحديد السياسات والإجراءات التي يجب اتخاذها للحد من هذه المخاطر والتحديات وتعزيز فوائدها للإنسانية.
أخيرا: إن الفلسفة تساعد على تشجيع النقد والتفكير النقدي حول التكنولوجيا والابتكارات التقنية، وتساعد في تحديد الاحتياجات والاهتمامات والأولويات التي يجب أن تتوجه إليها الأبحاث والتطور التقني.
وبهذه الطريقة، يمكن أن تلعب الفلسفة دورا هاما في توجيه هذا التطور التقني في مجال الذكاء الاصطناعي نحو الفوائد الأكبر للإنسانية، وفي تحقيق التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على القيم الأخلاقية والاجتماعية الهامة للإنسانية.