المنبر الحر

المنبر الحر | ضرورة عودة ترامب لإنهاء الحرب بأوكرانيا وعزل روسيا عن الصين..

بقلم: نزار القريشي

    إن تطور الوضع الدولي والحرب بأوكرانيا إلى أفق مسدود ورؤية الإدارة الأمريكية تجاه الصراع ضد روسيا، بات يتطلب ضرورة عودة دونالد ترامب لرئاسة أمريكا بحكم علاقته مع الرئيس فلاديمر بوتين، وأن شروط روسيا لإنهاء الحرب لن يتم التوافق عليها بالتنازلات المتبادلة من كلي طرفي النزاع إلا بعودة ترامب، وهو ما يؤكد استمرار الحرب إلى غاية إعلان اسم رئيس جديد لأمريكا في أفق ما بعد 20 يناير 2025، وأن علاقة أمريكا بروسيا من خلال علاقة ترامب ببوتين، يمكنها أيضا أن تؤدي إلى عزل الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين، خصوصا وأن إدارة ترامب السابقة كانت متشددة إزاء الصين.

إلى ذلك، إن التطورات الجارية على الساحة الأوكرانية، وأكل المربعات على الأرض بالشرق من طرف الجيش الروسي، وانحصار التقدم الأوكراني في استعادة الأراضي، واحتمال التصعيد في القرم بداية الصيف القادم، قد يؤدي إلى حرب ستكون تكلفتها مؤذية للاقتصاد العالمي، وقد تنذر بانهياره ومعه انهيار حكومات، بسبب علاقة غلاء المعيشة وعدم قدرة الاقتصادات النامية على الصمود إزاء الوضع الدولي والتطور المستمر للحرب بأوكرانيا، والتصعيد المحتمل في المستقبل، والذي قد نشهده في بحر الصين الجنوبي، كما أن الأزمة بأوكرانيا إن تكررت في تايوان، قد يحبس معها العالم أنفاسه في اتجاه المجهول، وذلك بسبب الانهيار المحتمل للأسواق وقبله انهيار محتمل أو أكيد للدولار.

تتمة المقال بعد الإعلان

لذلك، فإن فرض نظام عالمي جديد، سيكون مرفوضا من الدول الحليفة لأمريكا، مما سيكرس عودة الحرب الباردة، ومعها عودة العالم بقطبين، وهو ما سيؤدي إلى تقسيمات جيوسياسية واستراتيجيات وأحلاف جديدة، وهو ما اتضح مؤخرا بالشرق الأوسط بعد الوساطة الصينية بين الرياض وطهران، وهو كذلك الشيء الذي قد يتم التراجع عنه في حال عودة ترامب.

فبالعودة إلى استراتيجيات الحرب الباردة، يمكن القول أن الصراع المحتمل في المستقبل بين الولايات المتحدة والصين، قد يبلور صراعا على مناطق نفوذ اقتصادية وعسكرية، مما سيتطلب من أمريكا تغطية شاملة تتضمن ما هو حربي وإنفاق مالي أكثر على الدول الحليفة، فعلى مستوى شرق آسيا، بات الوضع يتطلب من البنتاغون تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع اليابان وكوريا الجنوبية والهند انطلاقا من أستراليا وانطلاقا من البحر الهادئ إلى الهندي، للتمكن من استغلال التوتر المحتمل بين بكين ونيودلهي، وهو ما قد يؤدي لمحاصرة الملاحة البحرية العسكرية لجنوب إفريقيا وشراكتها مع الجيش الروسي، كما هو شأن التهديد الذي يمارسه الجيش الجزائري وشراكته مع روسيا للملاحة البحرية الأمريكية وللبحرية الملكية المغربية ولجبل طارق في غرب حوض البحر الأبيض المتوسط، وذلك للحفاظ على مجرى الملاحة البحرية سالكا بالنسبة للجيش الأمريكي وحلفائه، في مواجهة التحدي الجزائري-الروسي، ورغبة بكين في إنشاء قاعدة عسكرية على الساحل الموريتاني وبإيعاز من الجزائر، إذ من الواضح أن قوة “الناتو” لن تتعزز إلا بخروج برلين وطوكيو من مقررات نتائج الحرب العالمية الثانية، والتي ألغتها فعليا الحرب الروسية على أوكرانيا وتورط  دول محور روسيا ضد حلفاء “الناتو”، وهو ما يستوجب ضرورة نقل الشركات الأوروبية والأمريكية من الصين إلى الهند كملاذ آمن يضمن نفس التكلفة بالنسبة للإنتاج إن لم نقل أقل منها، فافتقاد الصين للسوق الغربي وخروج الشركات منها، سينتج عنه تعطيل لمعدل نمو الاقتصاد الصيني ومعه السلوك السياسي للحكومة الصينية، والذي إن لم يتغير، سيفرض قيودا سياسية على جميع الدول الديمقراطية في حال سيطرة الصين على حكم العالم، لذلك، تبقى عودة ترامب ضرورة من ضرورات المرحلة، وأن تلك العودة قد تضمن معها واشنطن المرحلة مع عزل لروسيا عن الصين، مما قد يضمن معه بقاء النظام العالمي الذي ترفض الدول الحليفة معه كبريطانيا وإسرائيل وفرنسا وألمانيا واليابان وكندا والهند وكوريا الجنوبية وإيطاليا، انتقاله للصين.

هذا، وبعد دخول الصين للشرق الأوسط، والاتفاق الإيراني-السعودي، فإن الإدارة الأمريكية الحالية ملزمة بالانخراط مع رؤية الشركاء الاستراتيجيين لها في تحالف سياسي واستراتيجي على المدى المتوسط والبعيد، والذي إن لم يحدث سيكون من مؤدياته تجاوز الشراكة الروسية-الصينية لأمريكا بالشرق الأوسط وشرق آسيا وغرب وشرق المتوسط ومنطقة الصحراء الكبرى والساحل وبحر المانش مرورا إلى البحر الأسود وبحر إيجة، مما يتطلب التأكيد على ضرورة  تليين واشنطن للمواقف السياسية مع أنقرة لضمان البنتاغون الملاحة العادية للجيش الأمريكي في البحر الأسود، وقبولا للسويد في حلف “الناتو”، وذلك تمهيدا لمحاصرة روسيا من جهة بحر البلطيق إلى البحر الهادئ فالمحيط الهندي مرورا إلى الممر المائي لجبل طارق وغرب المتوسط وشرقه، وهو ما قد يتأتى بعد إنهاء الصراع بأوكرانيا وتعطيل نمو الاقتصاد الصيني كي يستعيد النظام العالمي عافيته عبر تبادل الأدوار بين لندن وواشنطن وتل أبيب، لضرب كل محاولات روسيا والصين الرامية لإعادة رسم الخرائط بالشرق الأوسط وشرق آسيا وغرب المتوسط وشمال إفريقيا، ومنع الصين من السوق الغربي، والتي من المؤكد أن عودة دونالد ترامب قد تجنب أمريكا وحلفاءها مآزق عدة، وقد تنجز مع عودته هذه الملفات إن حصل توافق بين أطراف الدولة العميقة في أمريكا بشأن عودته للرئاسة.

تتمة المقال بعد الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى