ملف الأسبوع

ملف الأسبوع | من محمد الخامس إلى محمد السادس.. قصة دفاع الملكية عن الأمازيغية

على هامش الاعتماد الرسمي لرأس السنة الأمازيغية

كان إعلان القصر الملكي خلال الأسبوع الماضي، عن إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية مؤدى عنها، حدثا بارزا عكس اهتمام والتزام القصر الملكي بالتعدد والتنوع الثقافي والبشري في المملكة، وجعله في صلب الأولويات تماشيا مع دستور 2011، والحال أن اهتمام الملكية بالأمازيغية ليس وليد دستور 2011، بل إن العلاقة والاهتمام يعود إلى لحظة استقلال المغرب، في وقت لم تكن فيه القضية قد طرحت بعد، ويحاول هذا الملف إبراز أهم المنجزات والمكتسبات المحققة للقضية الأمازيغية خلال مرحلة الملوك الثلاثة، بدء من محمد الخامس ومرورا بالحسن الثاني وصولا إلى الملك محمد السادس.

 

أعد الملف: سعد الحمري

 

تتمة المقال بعد الإعلان

هكذا اعتمد الملك محمد الخامس على النخب الأمازيغية لمحاربة منطق الحزب الوحيد

    منذ عودته من المنفى سنة 1955، ربط الملك محمد الخامس علاقات وطيدة مع المكون الأمازيغي بالمغرب، وخصوصا مع النخب الأمازيغية.. فقد راهن بقوة عليها مباشرة بعد رجوعه إلى أرض الوطن، لمواجهة تطلع حزب الاستقلال إلى الهيمنة على الحياة السياسية المغربية، حيث كانت للرجل رغبة في إشراكهم في تسيير شؤون البلاد، عوض الاعتماد على رجال حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال، بهدف خلق توازن في القوى السياسية بالبلاد التي كانت حديثة العهد بالاستقلال.

وفي هذا الإطار، كان أول رجل من النخب الأمازيغية اعتمد عليه الملك محمد الخامس هو الحسن اليوسي، الذي تم تعيينه كأول وزير داخلية في تاريخ المغرب المستقل، وقد كان أول امتحان وضع أمام هذا الرجل، هو مهمة اختيار عمال الأقاليم، وكان عليه أن لا يثير غضب حزب الاستقلال، الذي كان يرغب في وضع بعض أعضائه عمالا على بعض أقاليم المملكة، فكان اختيار الحسن اليوسي للعمال الذين وافق عليهم محمد الخامس كالتالي: أحمد بركاش عامل على مدينة الدار البيضاء، عبد الحميد الزموري عامل على إقليم الشاوية، المحجوبي أحرضان عامل ناحية الرباط، عباس التازي عامل مدينة الرباط، محمد جنان عامل على عمالة مكناس، الفاطمي بن سليمان عامل عمالة فاس، محمد الخياري عامل عمالة تازة، محمد بن العالم عامل عمالة وجدة، عبد السلام الصفريوي عامل عمالة الجديدة، عدي وبيهي عامل عمالة تافيلالت، في حين تأخر تعيين عامل مراكش، لأن الباشا التهامي الكلاوي كان على فراش الموت في تلك المرحلة.

وقام الملك محمد الخامس يوم 19 دجنبر 1955، بتسليم هؤلاء العمال ظهائر تعيينهم كأول عمال أقاليم في تاريخ المغرب المستقل، وألقى فيهم كلمة جاء فيها: ((إنكم الآن على أهبة الالتحاق بمقار مناصبكم الجديدة مزودين بتعليمات ضرورية ستمشون على ضوئها ريثما تحدد لكم اختصاصاتكم))، كما أوصاهم بأن هدفهم هو القضاء على فكرة التفرقة بين العرب والأمازيغ، والتي كانت قوية في تلك المرحلة، ومن خلال توصية عاهل البلاد، يبدو أن ثنائية “عرب-أمازيغ” كانت ما تزال حاضرة بقوة، كما يبدو أن السلطان كان يبحث عن الوحدة بين مختلف مكونات الشعب المغربي، وإشراكهم في المغرب الجديد.

تتمة المقال بعد الإعلان

منذ مباشرة الحسن اليوسي مهامه كوزير للداخلية، بدأ في التنسيق مع بعض العمال، ويتعلق الأمر بكل من المحجوبي أحرضان عامل إقليم الرباط، ومحمد الخياري عامل إقليم تازة، وعدي وبيهي عامل إقليم تافيلالت، من أجل تنظيم حركة سياسية معارضة لحزب الاستقلال، بهدف إبراز قوة المكون الأمازيغي في المغرب، وهو ما جلب على الرجل عدة مشاكل وأدخله في صراع خفي مع حزب الاستقلال، وانتهى الصراع بإقالة الحسن اليوسي من منصبه على رأس وزارة الداخلية يوم 2 ماي 1956، بسبب أحداث مراكش التي يتهم حزب الاستقلال بالوقوف وراءها، وكان من نتائجها اتهام وزير الداخلية بضعف أدائه والتقصير في مهامه، وتم تعويضه بإدريس المحمدي، عضو اللجنة التنفيذية في حزب الاستقلال على رأس وزارة الداخلية، ومن تم بدأت محطة جديدة في صراع الحسن اليوسي والحركة الأمازيغية التي كان مؤسسها الفعلي في مواجهة حزب الاستقلال، والملاحظ أنه رغم الإقالة، إلا أن الملك محمد الخامس رفض فكرة التخلي عن الرجل، بل وزاد من دعمه له، حيث تجلى ذلك من خلال تعيينه وزيرا للتاج، ومنذ توليه هذا المنصب، بدأ اليوسي يلعب دور “كلاوي محمد الخامس” بتعبير ريمي لوفو، صاحب كتاب “الفلاح المغربي المدافع عن العرش”.

وهكذا بدأ الرجل يقوم بجولات ودعاية قوية في الأطلس المتوسط والريف ضد هيمنة حزب الاستقلال على الحياة السياسية المغربية، ونجح الرجل في مهمته، حيث حشد دعما كبيرا داخل قبائل الأطلس المتوسط والريف، وظل ينبه إلى أن حزب الاستقلال ليس هو القوة الوحيدة في البلاد، وشكل تمرد عدي وبيهي على حزب الاستقلال، أقوى مظهر من مظاهر قوة الصراع بين الحركة الأمازيغية التي كان يقودها الحسن اليوسي، ضد حزب الاستقلال، وقد رفع عدي وبيهي شعار “القضاء على حزب الاستقلال والحفاظ على الهوية الأمازيغية”.

 

عندما تأسس أول حزب سياسي أمازيغي في عهد محمد الخامس

    انتهى تمرد عدي وبيهي، وتطورت الحركة التي أسسها الحسن اليوسي، لتتحول إلى حركة سياسية تسعى إلى إقامة أول حزب سياسي بالمغرب المستقل، وكان إلى جانب اليوسي، كل من المحجوبي أحرضان والدكتور الخطيب وبنعبد الله الوكوتي، وبدأ الإعداد لإخراج هذا الحزب إلى حيز الوجود منذ أواسط سنة 1957، وهي الفكرة التي حظيت بدعم السلطان محمد الخامس، الذي كان يريد بناء نظام سياسي قائم على التعددية الحزبية.

ورغم دعم محمد الخامس لفكرة تأسيس حزب سياسي هو الأول من نوعه في المغرب بعد الاستقلال، يكون لسان حال الأمازيغ، إلا أن مسلسل الاعتراف به شهد مخاضا عسيرا.. فقد رفض حزب الاستقلال الأمر وهو الذي كان يقود الحكومة، ويعود السبب، إلى أن هذا الحزب كان يرفض وجود تعددية حزبية في المغرب، وكان يؤمن بمنطق الحزب الوحيد، ومن أقطاب الحزب الذي كان يؤمن بهذه الأفكار المهدي بنبركة، الذي كان يقول: ((لا يمكننا اعتماد نظام التعددية الحزبية ولا تعدد الاختيارات، علينا أن نسلك اتجاها واحدا ونتشبث به مهما كانت الظروف، فالحرية من الكماليات التي لا يمكننا أن نسمح بها لأنفسنا في الوقت الراهن)) (المصدر: ذاكرة ملك، ص 65).

ورغم رفض حزب الاستقلال الذي كان يقود الحكومة خلال سنة 1958، الترخيص بتأسيس هذا الحزب، إلا أن المطاف انتهى بالسماح بتأسيس الحزب، وذلك بعد أحداث الريف التي اندلعت أساسا من أجل إجبار الحكومة التي كان يقودها حزب الاستقلال على الاعتراف به كحزب سياسي، وبالتالي، فتح المجال لنظام التعددية الحزبية.

وقد جاء الاعتراف بحزب الحركة الشعبية بعد تقديم حكومة أحمد بلافريج الاستقلالية، استقالتها خلال أواخر سنة 1958، ما جعل الملك محمد الخامس يوقع على ظهير الحريات العامة، الذي فسح المجال للإعلان عن تأسيس حزب “الحركة الشعبية” بطريقة قانونية ورسمية، كما فتح هذا الظهير الباب أمام التعددية الحزبية في المغرب.

حكومة أحمد بلافريج سنة 1958

 

الحسن الثاني وضع النخب الأمازيغية على رأس هرم مؤسستي الجيش والأمن

    جاءت بعد ذلك مرحلة حكم الملك الحسن الثاني، وهذا الأخير استمر في النهج الذي وضعه والده.. فقد جعل لحزب الحركة الشعبية لسان حال الأمازيغ، مكانة هامة داخل المشهد السياسي المغربي، بل إنه لما دخل المغرب في حالة الاستثناء ما بين 1965 و1972، جعل عاهل البلاد “الجيش والمؤسسة الأمنية العمود الفقري للنظام”، بتعبير المؤرخ الفرنسي بيير فيرمورين.

وخلال هذه المرحلة، اعتمدت المؤسستان الأمنيتان في قاعدتهما البشرية وقياداتهما، على المناطق القبلية، وخصوصا الأمازيغية منها، وحتى حينما تعرضت الملكية لمحاولتين انقلابيتين عسكريتين هددتا وجودها في سنوات 1971 و1972، اعتبر البعض ذلك بمثابة تمرد من داخل البيت الأمازيغي نفسه، خصوصا وأن معظم القادة الانقلابيين كانوا من القبائل الأمازيغية، كما أن الذين أحبطوا المحاولتين معا كانوا من نفس الطينة أيضا، كما أن القادة العسكريين الذين تم إعدامهم أو محاكمتهم، هتفوا بحياة الملك، أو عبروا عن أنه تم التغرير بهم لأنهم إنما تحركوا بهدف حماية الملكية.

 

الحسن الثاني يوضح الفرق بين الحركة الأمازيغية في المغرب والجزائر

    وبالموازاة مع ذلك، ومع نهاية الستينيات، تأسست جمعيات تدعو إلى الاهتمام بالثقافة واللغة الأمازيغيتين، وربما جاء ظهورها كرد فعل على الحركات السياسية القومية، وحركة التعريب المركزية، ولكنها في معظمها، لم تعلن عن نقض الولاء للملكية، بل كانت تتوجه بمطالبها الثقافية إلى الملك.

وفي المقابل، كانت الجارة الجزائر تشهد تشددا في التعاطي مع القضية الأمازيغية، وبلغت ذروة ذلك ما حصل يوم 10 مارس 1980، حيث كان مقررا أن يلقي الكاتب الجزائري مولود معمري، محاضرة عن الشعر الأمازيغي قديما بجامعة تيزي وزو، التي تأسست قبل ذلك بأربع سنوات فقط، ورفضت السلطات المحلية ترخيص المحاضرة من دون تقديم تبريرات، واكتفت بالقول إنها ”تنفذ تعليمات واردة من الجزائر العاصمة”.

وفي اليوم الموالي، خرجت مظاهرات منددة بالمنع في تيزي وزو والجزائر العاصمة، كما شل إضراب عام منطقة القبائل، وجابت مسيرة تيزي وزو شوارع المدينة وتوقفت أمام مقر حزب جبهة التحرير الوطني ومبنى الولاية، ورفع المحتجون شعارات من بينها “الثقافة الأمازيغية.. ثقافة شعبية”، و”كفى من القمع الثقافي”، و”محاضرة معمري لماذا منعت؟”.

وكانت مظاهرات تيزي وزو والجزائر العاصمة أول حركة احتجاجية شعبية تعرفها الجزائر منذ الاستقلال، وشكلت صدمة بالنسبة للسلطات التي بدت مرتبكة ومترددة في الرد المناسب، وقد ترجم هذا التردد تأخر رد رئيس الجمهورية آنذاك، الشاذلي بنجديد، على تلك الأحداث، ولم يأت خطابه إلا في 17 أبريل، حيث أكد فيه أن الجزائر عربية وإسلامية، وأن الديمقراطية لا تعني الفوضى.

ولم يبد الرئيس أي تجاوب مع مطالب المحتجين، بل إن قوات الأمن اقتحمت، بعد ذلك بيومين، مراكز تجمع المحتجين بجامعة تيزي وزو، ومستشفيات ومصانع وغيرها، وأسفرت العملية الأمنية عن اعتقال 24 شخصا، وهو ما غذى الحركة الاحتجاجية التي تبنت مطلب الإفراج عن المعتقلين.

وفي تيزي وزو، أغلقت جميع المدارس التي تدرس باللغة العربية، وأتلفت لوحات الإشارات والإعلانات المكتوبة بالعربية، في ظل إنزال أمني كثيف تم عزل المدينة عن العالم، وبلغت حصيلة الاحتجاجات أكثر من 120 قتيلا وخمسة آلاف جريح، وقد سعت الحركة الأمازيغية على إثر ذلك، إلى استثمار الاحتجاجات لصالحها، فنشطت شخصياتها في الكتابة عن الأحداث وعن الإشكال الثقافي الأمازيغي في الصحافة الدولية والإقليمية.

ولم تكد الحركات الاحتجاجية تهدأ، حتى سارعت الصحافة الدولية إلى البحث عن رأي الجارة الغربية للجزائر فيما حدث، خاصة وأن الجزائر كانت الداعم الأول للبوليساريو، وكان ما تنتظره الصحافة الدولية هو موقف انتقامي من المغرب في حق النظام الجزائري.

ومن جهتها، لم تتأخر الرباط في التعبير عن رأيها، فقد خص الملك الراحل، رجال الصحافة العربية بحوار، يوم 25 أبريل 1980، بعد زيارة قام بها إلى فرنسا، ومن بين الأسئلة التي طرحت عليه: “صاحب الجلالة، هناك صراع في الجزائر بين البربر والعرب، فهل تعتقدون أنه ستكون لهذا الصراع انعكاسات في المغرب؟”، فعلق الحسن الثاني على ما يحدث في الجزائر بالتالي: ((بالنسبة للمغاربة، هذا السؤال غير مطروح، ولكنه وجيه للرأي العام العربي وغير العربي.. لا أعتقد شخصيا أن هناك صراعا بين البربر والعرب بالجزائر، إنني أعتقد أن الأمر ما هو إلا تلك النقطة من الماء التي أفاضت الإناء، وأنزه الشعب الجزائري الذي خاض معركة تحريره بجميع أبنائه، سواء كان أصلهم عربيا أو بربريا، أنزهه عن أن يقع في هذه التمزقة التي لا تؤدي به إلا للهلاك، وأعتقد أن هناك أسبابا أخرى لهذه القضية، ولا أريد أن أدخل في السياسة الداخلية للجزائر))، ثم تناول الملك الوضع في المغرب وصرح قائلا: ((أما فيما يخص المغرب، فقد حاول الفرنسيون في عام 1930، أن يقسموه إلى قسمين، وجاءوا بالظهير البربري، ذلك الظهير الذي من أجله مات من مات ونفي من نفي من بربر وعرب، أو أقول من سكان الجبال وسكان المدن، وكان ذلك الظهير أو تلك المحاولة بالنسبة لنا، كالحقنة الوقائية، فنحن والحمد لله، لنا حقنة، وحقنة أخرى أتى بها المستعمر، وبها التحم الشمل نهائيا بين المقومين للشخصية المغربية، ألا وهما البربر والعرب.. كيفما كان الحال، فهذا المشكل ليس موجودا عندنا ولن يوجد، لأنه كما قلت لكم: المرابطون برابرة، والموحدون كانوا برابرة من تينمل من الأطلس الكبير، وهم الذين أعادوا للإسلام شبابه وعنفوانه في الأندلس، وهكذا، فإن تاريخ المغرب لا يمكن أن يفرز ولا يمكن للمؤرخ أن يقول هذا للبربر وهذا للعرب، الأمجاد لنا جميعا ونكباتنا كانت لنا جميعا، وحينما وقفنا أمام المستعمر، وقف المغرب بدون أن يعلم أن هذا أصله عربي أو أن ذلك أصله بربري)).

وختم الحسن الثاني جوابه قائلا: ((أشكر السيد الذي وضع السؤال، لأنه ولو كان الجواب بديهيا وطبيعيا عند المغاربة، فمن الضروري أن يعرف الجميع، وخاصة دول البحر الأبيض المتوسط)).

Morocco Protest

 

دعوة الحسن الثاني إلى تدريس الأمازيغية لم تلق اهتماما من الحكومات المتعاقبة

    ظل المغرب بعيدا عن أن تشهد الحركة الأمازيغية حركات احتجاجية تتحول إلى صدامات دامية، ومنذ أواسط التسعينيات من القرن الماضي، تكاثر عدد هذه الجمعيات في مختلف مناطق المغرب – يفوق عددها الآن 600 جمعية – وتركزت مطالبها على تعميم تدريس اللغة الأمازيغية على المغاربة، واعتبارها لغة رسمية، والتنصيص عليها في الدستور المغربي، وهو الأمر الذي جعل الملك الحسن الثاني يخصص خطاب 20 غشت 1994 للحديث عن هذه المطالب، ومما جاء فيه: ((إن اللهجات، شعبي العزيز، أصبحت اليوم ضرورية، لأن الغرب مع الأسف غزانا حتى في بيوتنا، فلا يوجد بيت من أصل ثلاثة بيوت إن لم يكن أكثر مع الأسف، لا نسمع فيه خلطا بين العربية والفرنسية.. لذا يجب علينا شعبي العزيز، أن ننتفض ونمنع هذا الخلط الذي ليس مغربيا في شيء، وإذا كان من الضروري والواجب محاربة هذا الخلط الذي أعتبره مسخا، فلا بد أن تكون في التعليم الابتدائي على الأقل حصص لدراسة لهجاتنا حتى ننبذ كل شيء غريب من ذاتنا وتفكيرنا وأصالتنا، واللغات الأجنبية في بيتنا وفي تعليم أبنائنا وبناتنا، لذلك يجب ونحن نفكر في التعليم وبرامج التعليم، أن ندخل تعليم اللهجات)).

وهكذا، كانت دعوة الملك صريحة، فكيف طبقت الحكومات المتعاقبة توصيات الملك، يجيب الناشط الأمازيغي عبد الواحد درويش بالتالي: ((إن كل الحكومات التي تعاقبت على تدبير الشأن العام على مدار العقد ونصف الماضي، لم تواكب القرارات التاريخية الصادرة عن المؤسسة الملكية في شأن الأمازيغية، بل إن هذه الحكومات ظلت تتعامل باستخفاف شديد وصل حد التسفيه مع مطالب الحركة الأمازيغية، تسفيه وصل قمته مع التصريح الحكومي للوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، الذي جعل سقف تدريس الأمازيغية محددا في مجرد الاستئناس بهذه “اللهجات” فقط لتدريس اللغة العربية، وهو نفس المسار الذي تتبعته مختلف الحكومات التي تلت حكومة التناوب التوافقي، والتي توفقت كلها في تبخيس الثقافة الأمازيغية، حيث جعلت منها مجرد خزان فولكلوري بدوي لتأثيث الحقل الإعلامي وتوظيفه في أبشع سياسات الاستغلال السياحي الفرجوي)) (المصدر: هسبريس/ 19 غشت 2009)).

 

محمد السادس.. ملك القرارات الجريئة التي رسمت الأمازيغية

    ومع تربع الملك محمد السادس على العرش، ظهر جليا أنه مستعد لأن يعطي للقضية الأمازيغية حقها، حيث عبر عن وجهة نظره في المسألة، من خلال أول استجواب أجراه مع جريدة “باري ماتش” الفرنسية في أول إطلالة إعلامية له بعد توليه العرش مباشرة، عندما قال بأن ((الأمازيغية بالنسبة لنا قضية وجدان وضمير وحقوق يجب الاعتراف بها))، وهو ما ترجمه على أرض الواقع من خلال خطاب أجدير التاريخي، في شهر أكتوبر 2001، وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وبداية تدريس اللغة الأمازيغية بعد توقيع اتفاقية بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة التربية الوطنية سنة 2003، وتأسيس القناة الأمازيغية سنة 2008، ولعل أهم مطلب تحقق هو ترسيم اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في البلاد انطلاقا من دستور 2011، وآخر قرار اتخذه الملك محمد السادس هو إقرار فاتح السنة الأمازيغية عطلة رسمية بالبلاد.

النشرة الإخبارية

اشترك الآن للتوصل كل مساء بأهم مقالات اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى