المنبر الحر

المنبر الحر | حقوق الجار في الإسلام (3)

بقلم: ذ. عبد الواحد بنمسعود 

من هيئة المحامين بالرباط

 

تتمة المقال بعد الإعلان

    إن اعتناء المرء بجاره وإحسانه إليه يزيد الألفة والمحبة في المجتمع المسلم، ويحقق السكينة والطمأنينة، ثم ستر الجار وعدم التجسس على محارمه، لأن من أعظم حقوق الجار على جاره ستره وصيانةُ عرضه، والحفاظ على شرفه، سواء في وجوده أو في غيابه، فعلى المسلم أن يخشى الله تعالى، ويغض بصره عن محارم جاره فلا يكشف له سترا، ولا يهتك له عرضا، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: “يا معشر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه! لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم يتتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله”، والنهي هنا عن تتبع العورات في حق المسلمين عامة، فكيف في الجار الذي أوصى الله ورسوله به خيرا.. فلا بد أن تتبع عوراته أعظم، والنهي في حقه أوجب.

وبما أن الجار أقرب الناس إلى جاره، فإن من أشد ما يؤذيه نشر أخباره بين الناس، وإشاعة أسراره بينهم، بل والفرح بما يصيبه من المصائب والابتلاءات، وتتبع أخطائه وكأن من يفعل ذلك لم يسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة”، كما يجب على المسلم تحمل جاره وأذاه، حيث يستطيع كثير من الناس كفّ الأذى عن الآخرين، لكن احتمال أذى الآخرين والصبر عليهم هي من صفات الكرام والمحسنين، فقد قال الله تعالى: ((ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور))، فبعض الناس ينتظر زلَّة من جاره ليرد له الصاع صاعين، ولو أنه علّم نفسه كيف يصبر على الأذى، ويغض الطرف عن الزلات، لكان باستطاعته أن يلتمس لجاره عذرا، ويرد له الإساءة بالإحسان، فقد قال الله سبحانه وتعالى: ((وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِي حَمِيم))، فمن كان له جار يؤذيه ويعصِ الله فيه، فليصبر على أذاه، وليواصل نصيحته ويطع الله فيه.

خلاصة القول: إن للجار على جاره حقوقا أوجبها الله عليه، والإحسان للجار من أهم أسباب حفظ المجتمع المسلم ودوام التراحم والتكافل فيه، وقد حرم الإسلام الاعتداء على الجار قولا وفعلا، وانتقص من إيمان فاعله وتوعده بالعقاب في الدنيا والآخرة، كما حث الإسلام على الإحسان إلى الجار بتفقد أحواله وإعانته وتحمل أذاه وستره وأعد للمحسنين جنات النعيم.

تتمة المقال بعد الإعلان

هذا ما كتبه الفقهاء والعلماء والمرشدون في بيان حقوق الجار على جاره، ولو اطلع عليها حكام الجار الشرقي وفهموها واستوعبوها لرجعوا إلى رشدهم وكفوا عن اتخاذ أعداء الإسلام أولياء ولن تفلح تلك الاستعانة بما أمر به المشرع الحكيم من احترام الجار وصيانة حقوقه ومصالحه.

انتهى

تتمة المقال بعد الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى