تحليل إخباري | تقارب عسكري مصري جزائري بطعم الهزيمة أمام المغرب
ليبيا وبلد الفراعنة في طنجرة العسكر

إعداد: سعيد الريحاني
نجحت الجزائر في الضحك على(..)، أو “شراء” ممثلي الجيش المصري ليقبلوا الجلوس إلى جانب ممثل ميليشيات البوليساريو، دون احترام للمنطق العسكري، حيث جلس اللواء أركان حرب عصام الجمل، مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة لجمهورية مصر، إلى جانب محمد الولي اعكيك، ممثل “المرتزقة”، وكلاهما جلسا إلى جانب رئيس أركان الجيش الشعبي الجزائري، سعيد شنقريحة، بل إن نفس الاجتماع ضم أيضا الفريق أول محمـد علي الحداد، رئيس هيئة الأركان العامة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية، هذا الأخير ترك وطنه المفكك ليشارك في مؤامرة ضد المغرب(..).
المهم، أن الجزائر روجت لما سمته اجتماعا رباعيا لـ”القدرة الإقليمية”، علما أن القدرة الوحيدة في الموضوع، هي القدرة على إحضار ممثلي دولة ليبيا ومصر ليجلسوا إلى جانب البوليساريو في إطار تنسيق عسكري.
في هذا الصدد، يقول المصطفى كرين، رئيس مركز آسيا الشرق: ((الحقيقة هي أننا نتعرض لعملية حصار تدريجي في محيطنا الإقليمي وفضائنا القاري، بسبب استسلامنا لعملية التنويم وغسل الدماغ التي تعرضنا لها جيوسياسيا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يعني – كما قلنا مرارا وتكرارا – أن المغرب قد يؤدي ثمن انحيازه الكامل إلى المحور الغربي عوض نهج سبيل التوازن بين الأقطاب)).
طبعا، وبخلاف محللين آخرين، وبلغة قوية يقول مصدر “الأسبوع”: ((إن الجواب عن أسباب انتكاساتنا الدبلوماسية المتكررة مؤخرا (أي خلال السنتين الفارطتين)، يتطلب منا أن نسترجع بذكاء مجموعة من الأحداث الأخيرة.. وبالطبع عملية تطويق المغرب سياسيا وعسكريا، ليس المستهدف منها بلدنا لذاته، ولكن لانتمائه الصريح للمعسكر الغربي، وتعتبر سيطرة روسيا على مجموعة من الدول الإفريقية الممتدة على طول الحزام من موريتانيا غربا، كما بينت ذلك بوضوح زيارة لافروف لنواكشوط مؤخرا، وتصريحات المسؤولين الرسميين وغير الرسميين الموريتانيين بعد الزيارة، مرورا عبر مالي التي أصبحت رسميا نقطة ارتكاز روسي بالمنطقة بعدما سيطر الجيش على زمام الأمور وطرد الفرنسيين وتجهز بالسلاح والتكنولوجيا والتأطير العسكري الروسي مع ما كان لذلك من نتائج تجلت في إضعاف الدور المغربي هناك..)).

نفس المصدر يقول: ((إن الدور الذي تقوم به الجزائر اليوم عبر احتضان اللقاء العسكري الذي جمع بين القيادات العامة لجيوش الجزائر ومصر وليبيا بحضور الكيان الوهمي البوليساريو، يتجاوز – كما نعلم – مستوى ذكاء جنرالات قصر المرادية بكثير، ويتطلب منا التوفر على قدرة النظر بشكل شمولي للأحداث والإلمام بخوارزميات التحليل الجيوستراتيجي، وأن ندرك أننا إزاء آلة سياسية جبارة، وأن نتوقف عن اعتبار التحالفات والاصطفافات السياسية الدولية، معطيات ثابتة، بل التعاطي معها بكل براغماتية قبل أن يحاط بنا من كل جانب، فحتى دول الخليج يتوجب علينا أن نفهم أنها لم تعد كما كانت(..)، وقريبا لن تبقى محايدة، لقد فهمت اللعبة أحسن وأسرع منا، وليست العلاقات الجديدة بينها وبين إيران، بدعم وتأطير من روسيا والصين، سوى مؤشرا على أن دول الخليج التي تمردت على سلطة واشنطن، لن تجد أي حرج في الانقلاب علينا حفاظا على مصالحها)).
وعن الحضور الليبي، يقول المصطفى كرين، بشكل حاسم: ((نحن نعلم أن السلام في ليبيا لا يمكن أن يحصل إلا بدعم المصريين، الذين لديهم اليد الطولى هناك، وهو ما يفسر بالتالي، حضور الليبيين الاجتماع المذكور رغم كل ما قدمه المغرب للأطراف الليبية خلال مفاوضات السلام ببوزنيقة والصخيرات)).
هي إذن، مبادرة خطيرة، حسب تحليل الدكتور كرين، رغم أن ياسر مصطفى كمال عثمان، سفير جمهورية مصر العربية بالرباط، يقول “إن بلاده تدعم بقوة الوحدة الترابية للمملكة المغربية”، ويؤكد أن “القاهرة لا تعترف بما تسمى الجمهورية الصحراوية ولا تقيم أي علاقات معها”، والذين يعرفون مصر يعرفون قوة الجيش واستحالة إجراء تحرك عسكري دون موافقة الدولة العميقة، ليبقى تفسير ذلك، هو أن السفير المصري في الرباط، سيستمر في “التمثيل الدبلوماسي” إلى أن تقوم الحرب، وهو ما لعبه السفير الروسي في الرباط أيضا قبل أن ينتقل هو الآخر من سفارة موسكو في الرباط، إلى سفارتها بالجزائر(..).
هناك عدة وسائل إعلام مغربية برأت مصر وليبيا من هذه الخطوة الطائشة، وبأنها محاولة توريط، غير أن المعنيين بالأمر، مصر وليبيا، لم تتبرءا من اجتماعهما بالبوليساريو.. فماذا لو صارت الأمور على غرار ما وقع في تونس، عندما بادر رئيس الجمهورية قيس سعيد، إلى استقبال رئيس الوهم رسميا، ضدا على إرادة الشعب والدستور؟
يقول موقع “العمق” المغربي على سبيل المثال: ((في مناورة استفزازية جديدة ضد المغرب، قامت الجزائر باستدعاء انفصاليي البوليساريو لحضور الاجتماع العاشر لمجلس وزراء الدفاع، أو ما يعرف بلقاء “القدرة الإقليمية لشمال إفريقيا”، المنعقد خلال الفترة من 2 إلى 6 ماي.. وأظهرت صور تداولها الإعلام الجزائري، قيادات عسكرية رفيعة المستوى بكل من الجزائر وليبيا ومصر، جنبا إلى جنب مع ممثل البوليساريو، خلال زيارة إلى القاعدة اللوجستية الإقليمية لقدرة إقليم شمال إفريقيا المتواجدة بمدينة جيجل، وبدا مثيرا للاستغراب، وخطوة استفزازية، قبول مصر وليبيا الجلوس في طاولة واحدة مع جبهة البوليساريو، والتقاط صورة جماعية إلى جانب رئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة، وممثل الجبهة الانفصالية، وقال الكاتب والباحث المغربي، لحسن العسبي: ((“إن رد القاهرة حول حضورها في هذا الاجتماع، قد يكون اعتبارا للجانب المؤسسي لذلك التنظيم الأمني التابع لمؤسسات الاتحاد الإفريقي، التي جمهورية الوهم عضو فيها” وأضاف العسبي ضمن مقال تحليلي، أن “هذا مندرج في باب نصية القانون وليس روحه، لأنه بضدها تتميز الأشياء، بدليل أن موريتانيا وتونس أعضاء في ذات “القدرة لشمال إفريقيا”، لكنهما لم تحضرا أبدا إلى الجزائر”، واعتبر أن “الحضور المصري رسالة موجهة إلى المغرب، وهي رسالة غير ودية (حتى لا نقول عبارة أكبر)”، مبرزا أن “هذا الاجتماع العسكري توظفه الجزائر فقط لتقطير الشمع على المغرب ووهم محاولة عزله في الزاوية الضيقة”)) (المصدر: مقال موقع العمق المغربي/ 7 ماي 2023).

لا قيمة لهذا الاجتماع من الناحية العسكرية باستثناء الضجة الإعلامية، وهذه الضجة التي تحولت إلى عكسها بعد أن ضجت المواقع بصورة اعتقال شنقريحة من طرف الجيش المغربي أيام حرب “الرمال”، شأنه شأن الجنود المصريين وعلى رأسهم جندي اسمه حسني مبارك أصبح فيما بعد رئيسا لمصر(..)، و((تعود تفاصيل هذه الواقعة إلى سنة 1963، التي شهدت توترا في العلاقات المصرية المغربية، وهو ما دفع الزعيم الجديد لمصر، جمال عبد الناصر، الذي أطاح بالملك فاروق عام 1952، إلى مساندة الجزائر في حربها ضد المغرب (حرب الرمال)، بقيادة الكولونيل المغربي إدريس بن عمر، تمكنت القوات المسلحة الملكية من تحقيق انتصار كبير على أرض المعركة، كما اقتربت قوات “العقيد” من تندوف التي توجد اليوم في الجهة الأخرى من الجزائر، ولم تكن تفصلها عنها سوى 26 كيلومترا.
وأمام هذا الهجوم الكاسح من القوات المغربية، طلب الرئيس الجزائري آنذاك، أحمد بن بلة، مساعدة مصرية.. بعد ذلك، تلقى الرئيس المصري جمال عبد النّاصر اتصالا هاتفيا من الرئاسة الجزائرية من أجل إرسال فرق عسكرية مصرية لصد هجوم القوات المسلحة المغربية بالقرب من الحدود، ولم يرفض عبد الناصر طلب بن بلة، خاصة وأن الرئيس المصري كان يصنف الأنظمة الملكية العربية كأنظمة “رجعية”، ويساند الحركات الثورية ضدها ويقف مع الأنظمة التي لها “نفس ثوري”.
أرسلت مصر قوة عسكرية تقدر بحوالي ألف جندي وضابط إلى الجزائر، بينهم الكولونيل الطيار محمد حسني مبارك، وسط أجواء الحرب، صعد الطيار مبارك و5 ضباط مصريين آخرين على متن طائرة الهليكوبتر التي كلفت باستطلاع الحدود الجزائرية-المغربية، ومنطقة القتال، وانطلقت في مهمتها… واضطرت الطائرة العسكرية للنزول في أحد الحقول الزراعية جنوب شرق المملكة بالقرب من مدينة أرفود، وبعد دقائق، وجد الضباط المصريون أنفسهم محاطين بأصحاب تلك الحقول، وأصبح مبارك ومرافقوه “أسرى” في يد سكان القرية، وبدا ببذلة الميدان العسكري وعلى أكتافه رتبة كولونيل مصري، وبصحبته ضباط سامون بنفس رتبته.. انتهت الحرب وعادت العلاقات المغربية المصرية إلى سابق عهدها، واستدعى جمال عبد الناصر الحسن الثاني، بعد زيارة الرئيس الأمريكي جون كينيدي عام 1963، وفي مطار القاهرة الدولي، سلم الملك الراحل إكليل ورد لجمال عبد الناصر، وقال له حسب ما يرويه عبد الهادي بوطالب: “هديتي لك أكبر من إكليل، إنها هدية من لحم ودم”، وكان الرئيس المصري قد استغرب قدوم طائرتين، فإذا به يفاجأ بأن الطائرة الثانية تقل ثلاثة عسكريين مصريين برتبة عقيد، ضمنهم حسني مبارك، الذي سيصبح رئيسا لمصر، بالإضافة إلى باقي الجنود)) (المصدر: موقع هسبريس/ 26 فبراير 2020).