المنبر الحر

المنبر الحر | هل البنوك المغربية منخرطة في دينامية التنمية !؟

بقلم: رضوان زهرو

    من المعلوم أن البنك نشاط قديم، تطور في إيطاليا زمن النهضة، مع ظهور أهم المبادئ البنكية الحديثة: البنك مؤسسة مالية وحلقة أساسية داخل أي نظام مالي، البنك يقدم خدمات بنكية مختلفة: تجميع الادخار، منح القروض (وبذلك يساهم في خلق النقود)، وعرض وتدبير وسائل الأداء، وبالتالي، فهو يقوم بدور الوساطة بين المودعين والمقترضين.

هذا من الناحية النظرية، لكن عمليا، ماذا عن بنوكنا المغربية؟

لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن هذه البنوك، عن مكانتها، عن دورها ومدى انخراطها في مسار التنمية الذي تعرفه بلادنا، وكذا عن طريقة تعاملها مع زبنائها في وقت نحن في حاجة ماسة إلى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، خاصة إذا علمنا أن أحد المداخل الرئيسية لهذا الاستقرار، يأتي الاستثمار بالدرجة الأولى، والذي لا يتم إلا بالادخار، وتدبير هذا الادخار يعتبر من الوظائف الأساسية لأي بنك، فالملاحظ إذن، أن للبنك دور بالغ الأهمية، فكما يمكن أن يكون رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، يمكن أن يشكل كذلك مصدرا حقيقيا للعديد من الاضطرابات والأزمات.

إن اعتبار البنوك المغربية في مجملها وعلى الإطلاق، بنوكا غير مواطنة – لا تخدم إلا مصالحها، ولا تبذل أدنى مجهود من أجل تجويد خدماتها، ترفع باستمرار كلفة هذه الخدمات عكس كل بنوك العالم، تحتقر زبناءها بفرض شروطها هي عليهم – (اعتبارها كذلك) هو وصف قوي جدا، وقد يكون هناك بعض من هذا، لكن الأصوب في اعتقادي، والأقرب إلى الموضوعية وإلى الواقعية، أن نقول بأنها بنوك غير منخرطة كما يجب في دينامية التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه بلادنا، وغير منخرطة كذلك كما ينبغي في حل عدد من الإشكالات الكبرى في المملكة، وخاصة البطالة، من خلال التمويل والتتبع والمواكبة، وهي كلها خطوات أو خدمات ضرورية يجب أن تقوم بها البنوك لإنجاح المشاريع في الوقت الذي تحقق فيه هذه البنوك أرباحا سنوية عالية جدا، وهي تتباهى في ما بينها وتتفاخر عندما تنشر حصيلتها السنوية بكل أريحية ومن دون أدنى خجل أو إحراج وفي أوقات الأزمات، وهو ما يدعو إلى الاستغراب في ظل ظرفية اقتصادية واجتماعية أقل ما يقال عنها أنها جد صعبة، وفي وقت كذلك تعيش فيه شرائح واسعة من المغاربة حالات من الفقر والهشاشة والتهميش، نتيجة حالات تضخم غير مبررة وغلاء فاحش غير مفهوم في الكثير من الأحيان.

في المغرب، نحتاج اليوم إلى الشفافية وإلى المراقبة وإلى اتباع آليات الحكامة الجيدة في تدبير التمويلات، حتى تكون أكثر ديمقراطية، يستفيد منها الغني والفقير على حد سواء، كما تستفيد منها المقاولة الكبرى والمقاولة الصغرى، غير أن المشكل في بلادنا، هو مشكل تمويل بالدرجة الأولى، الذي يكمن في صعوبة الولوج إلى القروض، وتعدد وتعقيد الشروط اللازمة لذلك، وكذلك ضعف التوجيه والنصح والتتبع والمواكبة في جميع المراحل، إلى جانب وجود تصرفات غير مقبولة، بل أحيانا متعالية من طرف بعض البنوك تجاه الأشخاص الذاتيين وتجاه المقاولات، خاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغرى جدا، إضافة إلى استمرار البنوك في تحديد معدلات فائدة كبيرة جدا من دون رقيب أو حسيب، وهي معدلات تفوق أحيانا حتى تلك المعمول بها في عدد من الدول المتقدمة.

يتم ذلك كله، لأن النظام البنكي المغربي نظام خاص، يميزه ويحكمه شكل غير ديمقراطي من أشكال السوق والمنافسة، وهو احتكار القلة، حيث تتحكم البنوك في كل شيء، في تكلفة المال وفي جودة الخدمات وفي الشروط المطلوبة لمنح القروض، مستغلة في ذلك حاجة الأشخاص وحاجة المؤسسات إلى المال، واحتكار القلة هذا يحكم كذلك مجالات أخرى حيوية بالنسبة للاقتصاد الوطني، كمجال الاتصالات ومجال المحروقات، وغيرها.

فالأكيد هو أن بنوكنا، ورغم الأزمة التي نعيشها اليوم، لا تزال تحقق أرباحا كبيرة جدا، بل ومبالغ فيها أحيانا، وهو ما يجعلها دائما متهمة، بل ومدانة باستمرار من طرف المغاربة جميعا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى