المنبر الحر

المنبر الحر | الأسرة المغربية بين المحافظين والمحدثين.. أي مدونة ؟

بقلم: ذ. الحسن العبد

    المملكة المغربية قبل كل شيء دولة إسلامية كما يحدد ذلك الدستور المغربي، وهي كأمة موحدة مبنية على الرابطة بين أفرادها، كزوجين يعني أسرة، لها أبناء وحفدة يعني عائلة، لها نسب وصهر يعني قرابة عائلية تفضي إلى شعب واحد، ينطلق من الزواج، وبذلك هو الرابطة المقدسة والميثاق الغليظ الذي ينبغي حشد جميع الوسائل من أجل تيسر سبله وتوطيد أركانه.

واليوم، نرى عدة جهات من أحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات حكومية وغير حكومية، تنادي بالمساواة بين العنصرين الأساسيين المكونين لنواة الأسرة، ألا وهما الزوج والزوجة، ففيما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة، يلزمنا التأمل في آيات القرآن الكريم، كما يقول حكماء الأمة، وذلك ليتضح لنا جليا أن الإسلام ألغى التمييز بين الرجل والمرأة على أساس الجنس، وصرف النظر عنه وذهب أبعد من ذلك، إذ جعل المرأة والرجل من أصل واحد يقول تعالى: ((هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها)) (الآية 189 من سورة الأعراف)، ونفس هذا التصور يجسده قوله صلى الله عليه وسلم: “إنما النساء شقائق الرجال في الأحكام” (رواه أبو داوود).

تتمة المقال تحت الإعلان

وموضوع المرأة كما قضيتها تكتسي طابعا عالميا، ففي نظر الأستاذة نجاة بوعريب، يعتبر موضوع المرأة من أهم المواضيع التي تحظى باهتمام كبير ومتزايد من طرف مختلف الدارسين والباحثين، ويرجع هذا الاهتمام للدور الذي تضطلع به المرأة في الأسرة وفي المجتمع على وجه العموم، ولا يمكن بالتالي، فصل قضيتها عن قضية الأسرة، إن هذا الاهتمام وسع من نطاق وأبعاد تناول قضية المرأة، حيث إنها لم تعد قضية وطنية محضة، بل أضحت قضية ذات أبعـاد دولية، خاصة بعد التزام المغرب باحترام منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالمياً، لكن الأمر هنا لا يخص فقط المرأة، أو الخلافات بين المحدثين والمحافظين لأجل إنجاز مدونة الأسرة الجديدة، كما يتتبع الجميع بكل الوسائل المتاحة إعلاميا ببلادنا، فالقضية ليست قضية المرأة لوحدها، ولا تتكون الأسرة من زوجين وأبناء تحدهم أربعة جدران وتفرقهم عن غيرهم، بل الأسرة وإن افترقت مكانا، فإن آصرة الرحم تمدها إنسانا، وعليه، فإن الاجتماع الأسري نظام تتفاعل في داخله كلُ القيم مجتمعة، فليس كل مجال أسري بوحدة منغلقة، أو جزيرة منفصلة عن الأخرى، بل هي علاقات أخلاقية متفاعلة تتكامل فيها أخلاق الزوجية بأخلاق الأبوة والبنوة والأخوة والقرابة وغيرها.

لذلك، فإن كون الأسرة “صغيرة/نواة” لا يلغي كونها جزء من أسرة أكبر هي “العائلة/الأسرة الممتدة”، بل كونها جزء من جماعة أكبر وهي أمة الإسلام والإنسان.

يجب أن تبنى المدونة جملة وتفصيلا على هذا الترابط التكاملي الذي جوهره وأساسه مودة ورحمة بين الزوجين، وليس الصراع الأسري بتباغضه وتباعده،

تتمة المقال تحت الإعلان

فالقضية ليست صراعا بين القدامة (أهل اليمين) والحداثة (أصحاب الشمال)، لكنها قضية أمة، لبناء أمة المجد لأجل الغد، غد مشرق بالعمران الحضاري، والاستخلاف بسعادة كبيرة للزوجين معا دون تمييز، ومعهما الذرية البشرية كافة أجمعين، والكل من أسرة آدم وحواء أول نواة للعائلة البشرية التي تؤثث الكون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى