تحليلات أسبوعية

بين السطور | “الصولد فالهدرة” خطر على المغرب

بقلم: الطيب العلوي

    قبل أسبوع، نشرت “الأنتربول” تقريراً وضع المغرب في صدارة الدول الإفريقية الأكثر استهدافا من قبل البرامج الإلكترونية المسماة بالخبيثة(…)، ما يهدد بشكل مباشر البيانات الخاصة للمغاربة، وإذا كان هذا التقرير الذي جاء استنادا إلى معطيات شركة عالمية رائدة في مجال الأمن السيبراني، والذي أكد أن المغرب تعرض لأزيد من 18 ألف هجمة إلكترونية عبر البرامج الضارّة، وأزيد من 13 ألف محاولة ابتزاز إلكتروني خلال سنة 2022 وحدها، فكيفما كانت الأسباب وراء كل هذا، و”شكون ما كان” وراء ذلك(…)، فهذا يدل على شيء واحد، ألا وهو أن الأمن الرقمي بالمغرب “حدّو قدّو”..

وبغض النظر عن تلك الفئة المعيَّنة(…)، الذين يسكنون دهاليز الصمت، المحميون أمنيا واجتماعيا(…)، والذين تتم إدارتهم ويجري تحريكهم للتدخل والمتابعة والتعليق عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفقا لمقاس مطلوب(…) (انظر ركن “بين السطور” عدد 22 يوليوز 2022)، فباقي عباد الله، بمن فيهم المؤثرين والمتابعين، لا يهتمون لا بالأمن الرقمي ولا هم يحزنون، وإنما دافعهم الوحيد وفكرهم المنفرد، هو ربط حرية التعبير بالديمقراطية، وما دامت حرية التعبير المبالغ فيها بسبب “الفورفي” اللامحدود تصنع التفاهة، والتفاهة تصنع الخطر(…)، فقد ذكرتني هذه الأمور بما كتب مؤسس جريدتنا، مصطفى العلوي رحمه الله، في ركن “الحقيقة الضائعة” عدد 22 مارس 2002: ((إن المغاربة هذه الأيام، هلعون على المستقبل، تائهون في عالم من الفراغ، يزيد غوره وحشة هدير الكلام الفارغ في صخب يعتبره الجميع تكريسا لمدلول الديمقراطية وحرية التعبير وتطبيق كل واحد لمبدأ حقوق الإنسان انطلاقا من حق كل واحد في أن يقول ما يشاء في زمن “الصولد في الهدرة” طبعا، وهو تعبير يعادل عندنا، واقع الديمقراطية)).

وفي إطار ربط حرية التعبير بالديمقراطية، يمكن الترحم أولا على زمن ابن خلدون، السوسيولوجي الأول، الذي سيرتعش رميمه تحت التراب لو رأى ما أصبح يسمى اليوم بالتواصل الاجتماعي، أما زمن مصطفى العلوي، الذي حالفه حظ الكتابة على اللوحة الخشبية بالمسيد في بداية حياته، وحظ استعمال لوحة “الآي باد” في نهايتها، ليكون الفاهم الوحيد مستبقا الأحداث قبل 20 سنة، أن الوضعية اليوم هي أصعب وأخطر.. استفحلت بظاهرة الأنترنيت، والتي كشفت المستور وحوّلت الجار إلى مجرور، وهو ما لن ينفع مع حربه كوميسير ولا جنرال ولا كولونيل ماجور، وأن هذا الانفتاح الإعلامي الذي فرضه النظام العالمي الجديد، هو الإرهاب الحقيقي، وهو الخطر الداهم الذي يدخل إلى أعماق القصور والبيوت دون استشارة ولا تفتيش، ودون رشوة ولا بقشيش..

فقط تذكير لشركات الاتصالات، التي لطالما تباهت فيما بينها طيلة شهر رمضان، بعروض الروشارج والصولد، من أجل كونيكسيون وكلام بلا حدود، وتنبيهها إلى أن خطر ما يسمونه بالتمتع.. قادم ولا مفر منه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى