المنبر الحر | حقوق الجار في الإسلام (1)
بقلم: ذ. عبد الواحد بنمسعود
اهتم الإسلام بحقوق الجار على جاره، وذلك لما في ربط وتمتين أواصر التقدير والاحترام والتعاون والتعاطف بين الجيران من فوائد تساعد على سلامة وأمن المجتمع بجميع أطيافه دون تمييز في اللون أو اللغة أو العقيدة، وكذلك لأن احترام الجار لجاره يقوم على أسس كثيرة منها الاعتبارات الإنسانية، ومن عظمة الدين الإسلامي وتسامحه، أن الحث على احترام الجار جاء بعبارات عامة شاملة، ومن ذلك أن رسول الله عليه الصلاة والسلام حث على احترام الجار وقال: “لا زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”، وجبريل لم يأت تلقائيا بتلك الدعوة وإنما كان قد كلف بحملها من الحق سبحانه وتعالى ليقوم بتبليغها لرسوله المصطفى المختار، لينشرها على عباده ويوصي بها كافة خلقه، والرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
ومن المعلوم أن الإرث يقوم على أسباب من أهمها النسب والقرابة، وبذلك يكون الحديث الشريف قد أنزل الجار بتلك التوصية منزلة الوارث المرتبط بنسب الموروث وبقرابته.
ومن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معناه: لا يعتبر الجار مسلما إذا نام شبعانا وجاره جائع، والله سبحانه نهى عن الامتناع أو الإحجام عن تقديم المساعدة والمعونة حسب الاستطاعة في قوله تعالى في سورة “الماعون”: ((فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين يراءون ويمنعون الماعون)).
ومن المؤسف أن دولا تنص قوانينها على أن الدين الإسلامي هو دينها الرسمي ونجدها مع ذلك تنسج المؤامرات والمكيدة للجار المسلم بالتواطئ مع عدو للإسلام وتتخذ منه وليا ونصيرا، ولو أن حكام تلك الدول قرأوا سورة “الممتحنة” الواردة في كتاب الله وكان لهم ضمير إسلامي يوبخهم وذرة من الإيمان، لرجعوا لجادة الصواب وطلبوا المغفرة والتوبة وتقديم الاعتذار عن الإساءة للجار وعن سوء التدبير، ومن آيات تلك السورة قول الله تعالى: ((يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبكُم إِن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابْتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير)).