تحليلات أسبوعية

تحليل إخباري | تغيير الجنرال السادس في عهد الملك محمد السادس

تكريم الجنرال الفاروق في يوم إعفائه

في ظرف أيام فقط، انتقل الجنرال الفاروق بلخير من رجل يشع حماسا وقوة، ويضرب له ألف حساب داخل الجيش الملكي وخارجه، إلى رجل مقعد بالكاد يحرك يديه “الثقيلتين” في حضرة الملك محمد السادس، عند تقلده الحمالة الكبرى لوسام العرش “تقديرا لمساره المهني المتميز والخدمات الجليلة التي أسداها لخدمة العرش والوطن”، ولم تكن الأحداث لتقف عند هذا الحد.. فقد كان الوسام بمثابة إعلان عن نهاية “بطل معركة الكركرات” و”أشهر جنرال مغربي في تاريخ مناورات الأسد الإفريقي”، حيث تم في نفس اليوم تعيين الفريق محمد بريظ، مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية وقائدا للمنطقة الجنوبية، خلفا للفريق أول الفاروق.

إعداد: سعيد الريحاني

    كان من الطبيعي أن تسلط أضواء كثيرة على تغيير قيادة الجيش الملكي المغربي، لأنه سادس تغيير على مستوى القيادة في عهد الملك محمد السادس.. فقد كانت البداية مع عبد الحق القادري، وبعده جاء الجنرال عبد العزيز بناني، الذي خلفه الجنرال عروب ثم الجنرال عبد الفتاح الوراق، الذي خلفه الجنرال الفاروق بلخير، هذا الأخير رغم معاركه الكبيرة، وشهادة حسن السيرة والسلوك التي حصل عليها في معاركه بالأقاليم الجنوبية، إلا أنه يبقى صاحب أقصر مدة قضاها على رأس هذا المنصب الذي آل أخيرا للجنرال محمد بريظ(..).

ولا داعي للاهتمام بما يروجه خصوم المغرب الذين يخوضون حربا من جانب واحد، ولكن تعيين قائد للجيش فتح الباب للتأويل، خاصة وأن الإعلام الرسمي سكت عن تبرير الحالة الصحية للجنرال الفاروق بلخير، كما أن الجنرال الجديد ليس معروفا في وسائل الإعلام، بل إن كل ما كتب عن هذا الجنرال لا يتجاوز ما أكدته وكالة المغرب العربي للأنباء بناء على بلاغ للقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، الذي قال أن ((الجنرال دو ديفيزيون محمد بريظ، خريج الأكاديمية الملكية العسكرية (سلاح المدرعات)، راكم خبرة عسكرية تمتد لحوالي 43 سنة في مجال إعداد القوات والتكوين، وهو حاصل على دبلوم من كلية الدفاع الوطني بفرنسا، وكذا على ماستر في الدفاع الوطني.. كما شغل مناصب المسؤولية ميدانيا، ولا سيما في اللواءين الملكيين المدرعين الثالث والرابع، كما تولى منصب ضابط بالقيادة العليا في مجال تكوين وتوظيف القوات، قبل أن يقود المكتب الثالث للقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية منذ سنة 2014، وحاليا، تم تعيين الجنرال دو ديفيزيون محمد بريظ مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية وقائدا للمنطقة الجنوبية.

وقد حصل الجنرال دو ديفيزيون محمد بريظ، وهو متزوج وأب لأربعة أطفال، على عدة أوسمة رفيعة، من بينها وسام العرش من درجة ضابط)).

وتنتظر الجنرال محمد بريظ مهمة كبرى على رأس قيادة الجيش، لا سيما مع الإرث الثقيل الذي خلفه الجنرال الفاروق بلخير، هذا الأخير يحسب له إعطاء إشعاع أكبر لمناورات “الأسد الإفريقي”، بل وتحويلها إلى مناسبة لاعتراف جيوش العالم بمغربية الصحراء، برئاسة وقيادة القائد الأعلى للجيش ورئيس أركان الحرب العامة، الملك محمد السادس، وسبق أن تم تكليف الجنرال الفاروق بلخير، قبل أن يكون مفتشا عاما، في عهد الجنرال الوراق، بالإشراف على مناورات “الأسد الإفريقي” بصفته قائد المنطقة الجنوبية، حيث أهلته نجاحاته المتوالية ليخلف الجنرال الوراق في منصب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية.

وقد ظلت المفاجأة دائما سمة التغييرات التي تطرأ في مؤسسة الجيش الملكي، مع ما يوازيها من صمت.. فقد سبق أن أعفى الملك محمد السادس، بشكل مفاجئ، الجنرال بوشعيب عروب، الذي كان يشغل مهام المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، وقد حرص الملك على استقبال خلفه، الجنرال عبد الفتاح الوراق، لتعيينه بشكل رسمي قبل الانطلاق في جولة إفريقية.. وكما يحصل اليوم.. سكتت القنوات الرسمية عن خبايا هذا التحرك المفاجئ للقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية ورئيس أركان الحرب العامة، لتترك المجال للقنوات التي لا يصدقها أحد، مما يفرض حتمية تغيير هذا الأسلوب الإعلامي(..)، وكان الجنرال عروب الذي خلفه الوراق، قد أصدر عقوبات تأديبية، وحركة تنقيلات شملت مختلف تشكيلات الجيش، الجوية والبرية والبحرية، وأعفى مجموعة كبيرة من الضباط مثل الأميرال الغماري المفتش العام للبحرية الملكية، وتعويضه بالجنرال العلمي، وكانت مصادر إعلامية قد أشارت إلى التدخل الخطير(..) الذي قاده الجنرال عروب لطرد مئات العناصر من البوليساريو من الكركرات، لكن بعدها صدرت قرارات تأديبية من طرف قيادة الجيش في حق مسؤولين، تبين تقصيرهم إثر الأحداث التي شهدتها منطقة الكركرات..

الجنرال بريظ

الكركرات نقطة ساخنة، لكن الجنرال الفاروق بلخير والذي سبق الجنرال محمد بريظ، وضع حدا لكل الاستفزازات بهذه المنطقة، بل إنه جعل العلم المغربي يرفرف عاليا في الكركرات قبل أن يشكل ذلك فرصة لوضع حد لجميع الاستفزازات من الناحية السياسية والدبلوماسية، وهو الأمر الذي يفسره حصول بلخير على وسام كبير، حيث قال المحلل السياسي والمتخصص في شؤون الصحراء، نوفل البعمري، عن حصول بلخير على وسام ملكي بأنه ((لحظة اعتراف ملكي بما قدمه الفريق الأول بلخير الفاروق.. وقد ارتبط اسمه بالصحراء كواحد من رجالاتها الذين دافعوا عن الوطن، فهو يعد أحد مهندسي الجدار الرملي الذي صد الهجمات التي كانت قادمة من الجزائر فترة الثمانينات، وأشار البعمري إلى كون بلخير هو منفذ عملية تحرير الكركرات من بلطجية البوليساريو، وهي العملية التي أدت إلى تحرير تلك المنطقة واستكمال وحدتها وتعبيد الطريق في اتجاه موريتانيا، وهو توشيح مستحق ولحظة تعبير عن وفاء من القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية لرجالات الوطن)) (المصدر: موقع “بلادنا 24”).

ولكل زمن رجال، فإن زمن اليوم أعطى الأفضلية للجنرال محمد بريظ، وفقا للخبير العسكري والاستراتيجي، عبد الرحمان مكاوي، فإن الجنرال بريظ ينتمي لجيل جديد في القوات المسلحة الملكية، كان مختصا كضابط في سلاح المدرعات، وهو من خيرة الكفاءات القيادية في الجيش، وحسب بعض مراكز الدراسات العسكرية الأمريكية، فبريظ يعتبر من المختصين في المدرعات الأمريكية وله ميزة قيادية في هذا السلاح الذي يعتبر العمود الفقري للقوات البرية الملكية، يضيف مكاوي.

كما كشف الخبير مكاوي، أن الجنرال بريظ، إضافة إلى ما راكمه من التخصصات المهنية العسكرية، درس في العديد من الأكاديميات العسكرية المتقدمة والمعروفة، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا أو في بريطانيا، مما جعله يراكم خبرات متعددة في هذا الجانب، كما شغل بريظ منصب قائد للمكتب الثالث للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، الذي يسمى اختصارا (PCA) (Poste de commandement avancé).. وأضاف في تصريح لموقع “اليوم 24″، أن الجنرال بريظ هو الجهاز المسؤول عن إدارة العمليات العسكرية للقوات المسلحة الملكية، سواء منها البرية أو الجوية أو البحرية، كما يعتبر هذا المكتب بمثابة القلب النابض للقوات المسلحة الملكية، نظرا لكونه المسؤول عن التخطيط لتحركات الجيش الملكي المغربي، وعن المناورات العسكرية، سواء تلك التي تجرى في الداخل، أو مع الجيوش الأجنبية، أو مشاركة الجيش الملكي في مناورات خارجية، وفقا للخبير العسكري عبد الرحمان مكاوي، فمحمد بريظ ككفاءة وطنية جديدة، هو قيمة مضافة للجيش الملكي في وقت تتعرض فيه المملكة إلى كثير من التحديات والمخاطر، وكذلك التهديدات المختلفة، سواء من الانفصاليين، ومن يدعمهم في النظام العسكري الجزائري، فالرجل له مؤهلات متعددة، وخاصة المعلومات المتعددة العسكرية التي تمكنه من مواجهة هذه التحديات، والمخاطر والتهديدات.

ويؤكد الخبير مكاوي، أن الجنرال بريظ رجل المرحلة، وسوف يكون في مستوى الثقة التي وضعها فيه الملك محمد السادس، القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية ورئيس أركان الحرب العامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى