المنبر الحر

المنبر الحر | مسؤولية الطبقة المتوسطة فيما يقع لها من ضغط مالي

بقلم: زهير أهل الحسين

    كتعريف بسيط لدى علماء الاقتصاد، الطبقة المتوسطة هي طبقة ليست فقيرة وليست غنية، ولو قمنا بربط التعريف بما يقع حاليا، يمكن القول أن الطبقة المتوسطة هي أقرب إلى الطبقة الفقيرة وأبعد عن الطبقة الغنية، لأنها لا تنتج الثروة، لكنها تستهلك بكثرة ما تنتجه الرأسمالية، لهذا يقال عن الرأسمالية، في تعريف كاريكاتوري، بكونها استغلال الأذكياء للأغبياء، وهناك من يقول عن الاشتراكية هي استغلال الأغبياء للأذكياء.

في رأيي، تتحمل الطبقة المتوسطة جزء كبيرا مما يقع لها من ضغط مالي، بغض النظر عن السياسات الحكومية الاقتصادية المتبعة، مثل تحرير أسعار المحروقات، والزيادة في معاشات التقاعد، بالإضافة إلى جشع اللوبيات والمضاربين، والدليل على مسؤولية الطبقة المتوسطة في ذلك، ما يلي:

تتمة المقال تحت الإعلان

1) هذه الطبقة لا تتوفر على ذكاء مالي، ومن أراد أن يعرف ما هو الذكاء المالي، يستمع لشروحات إدريس الخدري، أو يقرأ كتاب “الأب الغني والأب الفقير” لروبيرت كيوزاكي.

فالذكاء المالي هو أن تولد ثروة من شيء تملكه ثم تطوره على مراحل، أي يدر عليك مدخولا، ومن تم يسهل عليك الحصول على ما تريد دون المرور عبر وسيلة الاقتراض، وكل ما تتوفر عليه الطبقة المتوسطة من ثروة هو الراتب، الذي يتبخر بعد أسبوع، فتعود إلى نقطة الصفر، ثم تعيش في حلقة مالية مفرغة.

2) الطبقة المتوسطة هي التي تتبع أسلوب ما يعرف بـ embourgeoisement، ونعني به تقمص أسلوب الطبقة البورجوازية، وأعرف بعض الأصدقاء الذين يتماهون مع نمط حياتهم من حيث الملبس والمأكل والمنزل، وهذا يتطلب سيولة مالية أو اللجوء إلى الاقتراض.

تتمة المقال تحت الإعلان

3) أغلب موظفي القطاع العام يدرسون أبناءهم في القطاع الخاص، وهذا يلتهم جزء مهما من الراتب، ولو سألتهم عن هذا التوجه، يجيبونك بكون القطاع الخاص ينتج الجودة مقارنة مع القطاع العام، مع العلم أنني لم أسمع بعباقرة تخرجوا منه، وأعلى النقط نسمع بها من تلاميذ بالقطاع العام من طبقات متوسطة وفي مناطق نائية.

4) الانجراف مع بدعة الساعات الإضافية، فأغلب الموظفين يقومون باقتطاع جزء من الراتب من أجل أداء ما يعرف بالساعات الإضافية، سواء تعلق الأمر بالمواد الأدبية أو العلمية، وهي موضة أصبحت سائدة بشكل كبير، يتحمل مسؤوليتها الأساتذة في ابتداعها كوسيلة للبحث عن روافد إضافية للراتب، وفي جيل العز، الذي أنتمي إليه، كانت دار الشباب تفتح أبوابها لطلبة الجامعة من أجل إعطائنا دروسا بالمجان.

5) التنافس السلبي، وأقصد به التنافس في تدريس أبنائها في المدارس العليا أو في الخارج، وهذا يقتضي اللجوء إلى أسوأ الحلول، وهو الاقتراض من البنوك، ثم إرجاعه حسب رغبة الزبون فيما يتعلق بالسنوات والمبلغ المقتطع، زيادة على الفوائد.

تتمة المقال تحت الإعلان

6) التبضع من المحلات التجارية الكبرى: أغلب الطلبة حينما يصبحون موظفين، يديرون ظهورهم لـ”مول الحانوت”، ويتبضعون من المحلات التجارية الكبيرة، التي تعتمد على الأداء الإلزامي، وهذا يبين مدى انتهازية الطبقة المتوسطة وسلوكها الاستهلاكي ما بين الأمس واليوم.

7) غياب التضامن بين أفراد الطبقة المتوسطة، ولو تضامنت فيما بينها لاستطاعت الحصول على العديد من المكتسبات الصغيرة، بمنطق الواحد للكل والكل للواحد.

8) لا تتوفر على ثقافة الادخار، والادخار هو الاستثمار بطريقة جيدة، دون اللجوء إلى الاقتراض، وشتان ما بين شخص يدخر 200 درهم في الشهر وشخص يعطي 200 درهم فيما يعرف بـ abonnement مقابل خدمة.

تتمة المقال تحت الإعلان

9) لا تقوم بأنشطة موازية خارج أوقات العمل، وأغلب الموظفين يقضون أوقاتهم في تحليل الأوضاع السياسية والاقتصادية ويوزعون الفتاوى يمينا وشمالا، ناهيك عن وقوعهم في شراك الإدمان الرقمي والنقاشات البيزنطية، حول من الأصل: البيضة أم الدجاجة.

10) النمطية المالية: جزء كبير من الطبقات المتوسطة له توجه مالي ممل، يتمحور على الراتب، والعيش وفقه، دون التفكير في موارد أخرى، مشرعنين ذلك بالقناعة.

حاصل القول: على الطبقة المتوسطة أن تمارس النقد البناء في سلوكها المالي، خصوصا في سلوكها الاستهلاكي، ولكي تخرج من عنق الزجاجة لا بد من إعادة النظر في توجهها المالي، وإنتاج الثروة خارج محورية الراتب الذي يتبخر بعد أسبوع.

تتمة المقال تحت الإعلان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى