المنبر الحر | “شعب اللهطة” في شهر رمضان
بقلم: زهير أهل الحسين
بمجرد ما يطل علينا شهر رمضان، بأيامه الأولى، تلاحظ أن “شعب اللهطة” (الطبقات المتوسطة والفقيرة) في حالة استنفار قصوى وكأن وسائل الإعلام أخبرته بأن المغرب مقبل على حرب أو سيواجه أزمة وعليه اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية، لا سيما الغذائية منها.
“شعب اللهطة” يمشي مشية العساكر، منتصب القامة ومتأبطا قفته في اتجاه بائع ورق البسطيلة وبائع الخضر والفواكه وبائع الأسماك واللحوم الحمراء والبيضاء والشباكية والقطاني.
“شعب اللهطة”، من جهة يشتكي من لهيب الأسعار، ومن جهة أخرى، يتبضع بشكل غير عقلاني، لأنه تعود أن “يأكل بعينيه” قبل فمه، ويجب أن تكون مائدة الإفطار “مزوقة”، ولا يهمه أن العبرة بالكالوريهات التي يجب أن يركز عليها، لذلك فهو يدمج التمر مع الحريرة مع الشباكية مرورا بالبيض المسلوق والمسمن وانتهاء بالقهوة أو الشاي، وعندما ينتهي من غزوة الإفطار، يقول: “الله عاد بقيت نشوف مزيان”، لكنه يعرج بعد ذلك على أقرب صيدلية، من أجل اقتناء دواء “الشقيقة” أو “القبط”.
“شعب اللهطة” يتحول إلى عود ثقاب، قابل للاشتعال في أي لحظة، وما عليك إلا أن تتفادى النقاش معه، بسبب “البلية”، وبعد الإفطار، يصبح مثل حمل وديع، قائلا لك: “خويا ماديش عليا قبيلات، راك عارف القطعة صعيبة في رمضان”.
“شعب اللهطة” يرتكب جرائم ضد الجهاز الهضمي، فمنهم من “يدخل” مباشرة في طاجين، ومنهم من يفضل السمك، ومنهم من يفضل شواية الحوت، ولا يهمه أن تناول الوجبات يجب أن يكون على مراحل مع التركيز على شرب الماء، والتركيز على الخضر والفواكه التي تمد الجسم بالطاقة طوال اليوم.
“شعب اللهطة” بارع في ثنائية المقدس-المدنس: قدسية شهر رمضان وسلوكيات مرضية، ناهيك عن الاصطدامات اليومية على أتفه الأشياء، خصوصا في أماكن التبضع التي يرتادها.
“شعب اللهطة” يعطي صورة سلبية على المستوى الخارجي، وهذا ما أشارت إليه منظمة الأغذية والزراعة، بكون كل مغربي يلقي سنويا ما يعادل 91 كيلوغراما من الأغذية في القمامة، مع ارتفاع حجم التدبير في رمضان، وفي نفس السياق، أكد المركز الدولي للدراسات المتوسطية المتقدمة، أن 84.8 في المائة من الأسر المغربية تلقي نسبة 45.1 في المائة منها في القمامة، أغذية تتراوح قيمتها بين 60 درهما و500 درهم، ما يمثل ضياعا كبيرا في وقت تعرف فيه أسعار المواد الغذائية ارتفاعا ملحوظا (جريدة الصباح عدد 11-12 مارس 2023).
“شعب اللهطة” لا أمل في علاجه ما دام أن نفس الملاحظات تعاد كل شهر.. تتغير فقط سنوات شهر رمضان، لذلك أقول دائما أن “شعب اللهطة” غير مؤهل للديمقراطية.