تحليلات أسبوعية

بين السطور | وزارة دون مفتاح

بقلم: الطيب العلوي

    ما جرى هذا الأسبوع من أحداث تهمّ القطاع الفلاحي، ذكرني بقصة قديمة تحكي حياة الفلاح الذي اشتد حزنه بسبب فقره، حيث اعتاد الجلوس تحت ظل شجرة بصحبة أغنامه القلائل النحيفة، حاملا مزماره الذي يصدر به ألحانا حزينة تعبّر عن حالته المزرية، إلى أن جاءه يوما رجل يسأله عن سبب ضيقه، ليجيبه الفلاح: “جفت الأرض وماتت زراعتي وتدهورت تجارتي، ولم أعد أملك سوى هذه الأغنام القليلة التي لا تجلب لي سوى القليل من الرزق الذي لا يكفي لقوتي ولا لقوت أولادي”، وبعد أن ارتسم على وجه الرجل الحكيم العطف والشفقة، وضع يده في جلبابه وأخرج مفتاحا ذهبيا، وقال للفلاح: “خذ هذا المفتاح وأوصيك أن تخرج صدقة من رزقك”، ما أثار عجب وتساؤل الفلاح الذي يعاني من الفقر وكيف له أن يتصدق، ليجيبه الحكيم مجددا: “أخرج صدقة للفقراء”، وقد مرت الأيام، وزاد رزق الفلاح، حتى مر الرجل الحكيم يوما بالقرب من ضيعة الفلاح، فرآه محاطا بأعداد كثيرة من الأغنام والماعز، واخضرت زراعته، وتغيرت ألحان مزماره من ألحان بئيسة إلى ألحان بهيجة.

فبين الواقع والخيال(…)، وبين الحاضر والماضي، ما يجمع حالتنا بهذه القصة هو أن الفلاح زاد غناه حتى أصبح وزيرا للفلاحين، بعد أن دوّر الحركة لكي تدور ناعورته(…)، لكنه لم يسلم أبداً المفتاح الذهبي لخليفته في الوزارة، ما دام مفتاح الفرج قد يساعد على فتح أبواب أخرى(…)، ليبقى السيد وزير الفلاحة الحالي، محمد صديقي، وحيداً، بين مراسلات الجمعيات التي تتهاطل فوق مكتبه بالمئات، منها المنددة بعدم احترام التمثيليات القانونية، ومنها المتوعدة بالتصعيد، ومنها المطالبة بتحسين أوضاع العاملين بقطاع الفلاحة، قطاع انقلب رأسه على عقبه، حتى بدأنا نتساءل عما أفادنا مخطط “المغرب الأخضر” بعد أن زاد المستوردون المغاربة الخواص من واردات القمح في شهر مارس الماضي إلى الحد الأقصى المسموح به بموجب نظام حصص الاستيراد، حيث وصل إلى الموانئ المغربية، في شهر مارس فقط، ما يزيد عن نصف مليون طن من القمح، في وقت لا يبشر فيه موسم الحصاد بخير مع اقتراب شهر ماي.

زيد عليك “الجاموس”، الذي كثر الحديث عنه في صفوف الرأي العام الوطني، تلك الأبقار التي تم استيرادها من البرازيل لتغطية النقص الحاصل في اللحوم الحمراء بالبلاد، وما جرته على الوزير المسكين(…) من سخرية حول هزالة هذه الأصناف الغريبة من الأبقار التي تشبه الجواميس الهندية.

فإذا كان من المتوقع أن تدفع قلة الأمطار المتوقعة من الآن إلى نهاية شهر ماي المقبل، آفاق تسجيل موسم حصاد دون تطلعات، فهنا يمكن طرح السؤال: لماذا يصلح مخطط “المغرب الأخضر” إذا كان يرتهن فقط بتساقط الأمطار؟

فهل هذه الأمور من بين أخرى وراء توبيخ الملك لعزيز أخنوش قبيل الدرس الرمضاني، قبل أن يعود السي عزيز بتعابير لم تستطع أن تخفي ما كان بداخله(…)، أم أن المناداة عليه نصف ساعة قبل الدرس الحسني وما أدت إليه من تأخير في البث(…)، كانت فقط للسؤال حول المفتاح الذهبي، الذي تم تسليمه له لما كان في الفلاحة واستعان به لفتح أبواب أخرى(…) بعد أن أدار ظهره للفلاحة ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى