المنبر الحر | جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر (6)
بقلم: ذ. عبد الواحد بنمسعود
من هيئة المحامين بالرباط
اندلاع الثورة التحريرية
كانت بداية الثورة بمشاركة 1200 مجاهد على المستوى الوطني بحوزتهم 400 قطعة سلاح وبضعة قنابل تقليدية فقط، وكانت الهجومات تستهدف مراكز الدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومصالح استراتيجية أخرى، بالإضافة إلى الممتلكات التي استحوذوا عليها من المعمرين.
وقد شملت هجومات المجاهدين عدة مناطق من البلاد، واستهدفت عدة مدن وقرى عبر المناطق الخمس: باتنة، أريس، خنشلة وبسكرة في المنطقة الأولى، قسنطينة وسمندو بالمنطقة الثانية، العزازقة وتيغزيرت وبرج منايل وذراع الميزان بالمنطقة الثالثة، أما في المنطقة الرابعة، فقد مست كلا من الجزائر وبوفاريك والبليدة، بينما كانت بلدات سيدي علي وزهانة ووهران على موعد مع اندلاع الثورة في المنطقة الخامسة.
وباعتراف السلطات الاستعمارية، فإن حصيلة العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية عبر كل مناطق الجزائر ليلة أول نونبر 1954، بلغت ثلاثين عملية خلفت مقتل 10 أوروبيين وعملاء وجرح 23 منهم، وخسائر مادية تقدر بالمئات من الملايين من الفرنكات الفرنسية، أما الثورة، فقد فقدت في مرحلتها الأولى خيرة أبنائها الذين سقطوا في ميدان الشرف، أمثال بن عبد المالك رمضان، وقرين بلقاسم، وباجي مختار، وديدوش مراد وغيرهم..
بيان أول نونبر 1954
سبق العمل المسلح الإعلان عن ميلاد جبهة التحرير الوطني، التي أصدرت أول تصريح رسمي لها عرف بـ”بيان أول نونبر”، وقد وجهت هذا النداء إلى الشعب الجزائري مساء يوم 31 أكتوبر 1954 ووزعته صباح أول نونبر، حددت فيه الثورة مبادئها ووسائلها، ورسمت أهدافها المتمثلة في الحرية والاستقلال، ووضع أسس إعادة بناء الدولة الجزائرية، والقضاء على النظام الاستعماري، حيث وضحت الجبهة في البيان، الشروط السياسية التي تكفل تحقيق ذلك دون إراقة الدماء أو اللجوء إلى العنف، كما شرحت الظروف المأساوية للشعب الجزائري والتي دفعت به إلى حمل السلاح لتحقيق أهدافه القومية الوطنية، مبرزة الأبعاد السياسية والتاريخية والحضارية لهذا القرار التاريخي.
ويعتبر بيان أول نونبر 1954 بمثابة دستور الثورة ومرجعها الأول الذي اهتدى به قادة ثورة التحرير وسارت على دربه الأجيال.
لقد شعرت بألم شديد لما قرأت أن قائدا عسكريا فرنسيا استعماريا اعترف أن جنوده كانوا يخطفون الفتيات الجزائريات الجميلات ويحتفظون بهن لأغراضهم الشخصية الدنيئة.
وها أنتم يا عسكر الجزائر تتآمرون على جاركم بمساعدة من هتك عرض الجزائر الشقيقة وداس على كرامتها واستهان بشرفها وماضيها، كما اتخذتم من بعض المرتزقة والمرتشين في أعضاء البرلمان الأوروبي مساعدين لكم ليشوهوا سمعة القضاء المغربي وهو القضاء النزيه الذي يوفر للمتقاضين الحماية والضمانات للمحاكمات العادلة والمستمدة أحكامها من القرآن الكريم والسنة الشريفة والمذاهب الفقهية، وكل ذلك ثابت ومسجل بمداد الفخر ويشهد بما كان للقضاء المغربي من اجتهادات لم يصل إلى مستواها القضاء الغربي.
وأخيرا، نقول أنه بعد أن كان كفاح أبطال الجزائر من أجل القضاء على النظام الاستعماري الفرنسي، ها هم حكام الجزائر من العسكر يفضلون العودة إلى المستعمر المجرم القتال الناهب، وارتموا في أحضانه لتحقيق هدف دنيء هو معاكسة جاره وحرمانه من استكمال وحدة أراضيه، فقبلوا راية المستعمر، وارتدوا خوذته، وأصبحوا يأتمرون بأمره، ولكن الله يتم نوره ولو كره الكافرون.