بين السطور | ركلة الحموشي صوب الشباك الفرنسي


دون حاجة للباس كرة القدم، نزل عبد اللطيف الحموشي إلى أرضية ملعب طنجة ليسدد انطلاقا من مباراة المغرب والبرازيل، ركلة كروية في اتجاه الشباك الفرنسي، حيث ظهر وهو يستقبل اللاعبين المغاربة واحدا تلو الآخر على أرضية الملعب، ودعك من التفسيرات المجانبة للصواب والتي أعطيت لبعض الصور(..)، فالصورة الحقيقية و”المؤثرة” هي صورة وقوف مدير مديرية مراقبة التراب الوطني إلى جانب اللاعب أشرف حكيمي.
استقبال الحموشي لحكيمي وإن كان رفقة لاعبين آخرين، إلا أن السياق يفرض نفسه، فاللاعب المغربي تطارده لعنة سيناريو محبوك على الطريقة الفرنسية(..)، حيث توجد ضحية مزعومة في قضية مزعومة(..)، ولكن وقوف الحموشي إلى جانب حكيمي يفهم منه أن المغرب يساند أولاده في مواجهة الاتهامات الباطلة، وقد تكون الرسالة أكبر إذا أخذنا بعين الاعتبار الأزمة الكبيرة التي تمر بها العلاقات المغربية الفرنسية.
من الحموشي إلى فرنسا، انطلقت “كرة مدير المخابرات” من ملعب طنجة إلى الملعب الفرنسي، حيث أن المسؤول المغربي لم يعر أي اهتمام للادعاءات، وحكيمي بريء إلى أن تثبت إدانته(…)، كما أن الرسالة سيتردد صداها في البلد المجاور الذي يتصيد مسؤولوه الفرص من أجل الإساءة للمغرب، والقضية كلها “فيها إن”..
وعلى مدار التاريخ، كان أي لاعب أو منتخب “زغبو الله” واستخدم مباراة أو حدثا رياضيا للتعبير عن رأي سياسي، إلا وتعرض للعقوبة، منذ زمن لطالما رفعت فيه مختلف الاتحادات الرياضية واللجان الأولمبية عبر العالم، شعاراتها الداعية إلى فصل السياسة عن الرياضة، ومنع استخدام الرياضة كورقة ضغط سياسية بين الدول(…)، لكن حقيقة ما يحدث الآن من حولنا، يؤكد شيئا واحداً، هو أن الرياضة لم تكن يوما بعيدة عن السياسة، ويتم التعامل بها مع التحديات، وفق حجم المصالح ودرجات التأثير(…)، فكلما تحول قميص المنتخب الوطني إلى أهم رمز للهوية الجماعية للشعوب، إلا وحلت تدريجيا النقاشات الكروية محلّ نظيرتها السياسية، وكلما تم استخدام الرياضة واستغلال شعبية اللعبة لتثبيت أركان السلطة(…)، تم استخدام البعد السياسي في النقاشات الرياضية.. أمور أدت كلها إلى أن عدداً هامّا من المسؤولين، في الحاضر والماضي، لجأوا إلى التفكير في الجمع بين المناصب السياسية والرياضية.
فبعد مسلسل مونديال قطر، لما ساهم لاعبو المنتخب الوطني بنجاحهم في المونديال في التغطية على الفشل الحكومي(…)، حيث انشغل الشعب بمنجزات الركراكي ونسي منجزات أخنوش(…)، جاء الوقت الآن لاستغلال الكرة المستديرة لقضاء الحوائج الدولية..
فلما حل عبد اللطيف الحموشي الأسبوع الماضي بملعب طنجة، ليشرف على تفقد البروتوكول الأمني للمقابلة الودية التي جمعت بين المغرب والبرازيل، وبعد أن قام بالاطلاع على مختلف التدابير والإجراءات الأمنية التي وضعتها ولاية أمن طنجة، وقام بإجراء جولات بمحيط المركب وبأرضية الملعب، جاء ليصافح اللاعبين، ومن بينهم النجم أشرف حكيمي، وإذا كانت فرحة المغاربة كبيرة بتحقيق الفوز على المنتخب البرازيلي الأول عالميا، فقد كان للفرحة طعم آخر، بعد تسديدة الحموشي الأمنية والسياسية في اتجاه فرنسا(…).