المنبر الحر

المنبر الحر | شهر رمضان ومدارسة القرآن

بقلم: ذ. الحسن العبد

    من فضائل رمضان المبارك وخصائصه، نزول القرآن الكريم فيه، قال الله تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ..)) (سورة البقرة الآية: 185).

قراءة القرآن لها فضل عظيم، فهو نور يضيء دروبنا بالإيمان ونرفع به درجاتنا، لذلك فإن لقارئ القرآن الأجر العظيم، وخاصة في شهر رمضان، شهر القرآن، ويكفينا أن جبريل عليه السلام كان يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، بل مدح الله تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينها لإنزال القرآن العظيم، وكما اختصه بذلك، فقد كانت الكتب الإلهية كذلك تنزل فيه على الأنبياء والرسل سلام الله عليهم جميعا، أخرج الإمام أحمد في مسنده عن واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان)) مصداقا لقوله تعالى: ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)).

في شهر رمضان يجتمع الصوم والقرآن، وهذه صورة أخرى من صور ارتباط رمضان بالقرآن الكريم، فتدرك المؤمن الصادق شفاعتان، يشفع له القرآن لقيامه، ويشفع له الصيام لصيامه، ولا يشفع له إلا بإذنه عز وجل.

لله في خلقه شؤون، وسبحان الذي هو كل يوم في شأن، يهب للعبيد العباد الأوقات، وما أكثر العطايا والهبات في رمضان شهر البركات وكنز المِنَح والنَّفَحات، فينبغي على كل مسلم فَطِن، كما يقال، أن يقتنص الفرصة ويسارع ويسابق ويجاهد لينال النصيب الأوفَى من النفحات والبركات.

فقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على اغتنام تلك الأوقات، ومنها شهر رمضان، لمدارسة كتابه عز وجل، ولذلك يستحب الإكثار من تلاوة القرآن الكريم ومدارسته في شهر رمضان الأبرك، ويستحب أيضا الاجتماع في المساجد من أجل تلاوته، قال رسول الله  صلى الله عليه وسلّم: ((ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ)) (رواه مسلم).

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره، أما الصحابة رضوان الله عليهم، فكانوا يتركون باقي العبادات ومنها المجالسات العلمية، ليتفرغوا لمدارسة القرآن وختمه أكثر من مرة.

خلاصة القول: إن مِن أعظم ساعات المسلم في حياته، هي الجلوس إلى مائدة الرحمن، وخاصة في رمضان، هي تلك الساعات التي يقضيها مع كتاب ربه، فيتلو، ويتدبَّر، ويتعلَّم الأحكام، ويأخذ العظة والعبرة.

اللهم قدرنا على تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، وأكرمنا بعلمه والعمل به وحفظه وحسن ترتيله وتنزيله، والدعوة إليه، وبارك لنا به جميعا، فأحسن كتاب كتاب الله، واجعلنا من أهلك وخاصتك، أهل القرآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى