المنبر الحر

المنبر الحر | جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر (3)

بقلم: ذ. عبد الواحد بنمسعود  

من هيئة المحامين بالرباط

    بشاعة جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر لا يتقبلها العقل، فقد روى الجنرال لاموريسيير: “كنت أحرق كل شيء في طريقي.. لقد دمرت هذه القرية الجميلة.. أكداس من الجثث لاصقة الجثة مع الأخرى مات أصحابها مجمدين بالليل.. إنه شعب بني مناصر، إنهم هم الذين أحرقت قراهم وسقتهم أمامي”، ويقول مونتانياك: “النساء والأطفال اللاجئون إلى أعشاب كثيفة، يسلمون أنفسهم لنا، نقتل، نذبح، صراخ الضحايا واللاقطين لأنفاسهم الأخيرة يختلط بأصوات الحيوانات التي ترغي وتخور، وكل هذا آت من سائر الاتجاهات، إنه الجحيم بعينه وسط أكداس من الثلج.. إن كل ذلك في هذه العمليات التي قمنا بها خلال أربعة أشهر، تثير الشفقة حتى في الصخور إذا كان عندنا وقت للشفقة، وكنا نتعامل معها بلا مبالاة جافة تثير الرجفة في الأبدان”، ويقول الجنرال شانغارنييه: “إن هذا يتم تحت القيادة المباشرة لبوجو، الذي راح جنوده يذبحون اثنتي عشر امرأة عجوزا بلا دفاع في مدينة الجزائر”، ويقول الجنرال كانروبير: “ينفذ جنودنا هذا التدمير بحماس، فالتأثير الكارثي لهذا العمل البربري والتخريب العميق للأخلاق، يبث في قلوب جنودنا الحماس وهم يذبحون ويغتصبون وينهب كل واحد منهم لصالحه الشخصي”، ويقول النقيب لافاي: “لقد أحرقنا قرى لقبيلة بني سنوس، ولم يتراجع جنودنا أمام قتل العجائز والنساء والأطفال.. إن أكثر الأعمال وحشية هي أن النساء يقتلن بعد أن يغتصبن، وكان هؤلاء العرب لا يملكون شيئا يدافعون به عن أنفسهم”.

كما قام العقيد ماكسيميليان جوزيف شوينبيرغ، بمجازر كثيرة منها مجزرة قبيلة العوفية من 6 إلى 10 أبريل 1832م قرب الحراش)).

عندما احتلت فرنسا الجزائر، اتبعت عدة سياسات تجاه السكان الأصليين، تتمثل في التفقير والتهجير واحتكار أسواقها، فيما وفرت كل سبل العيش والرفاهية للمستوطنين الجدد القادمين من فرنسا وباقي مناطق أوروبا.

ويتم منح امتيازات للمستوطنين من أراضي واسعة أصبحت تحمل أسماءهم، فقد أُقيمت أول مستوطنة في بوفاريك سنة 1836، ثم توسعت على كل منطقة وصل إليها الاستعمار حتى بلغ عدد المستوطنين في نهاية القرن 19 إلى مليون مستوطن من مختلف الجنسيات الأوروبية، وكان الهدف من الاستيطان:

– تدعيم التواجد الأوروبي في الجزائر من أجل القضاء على الشخصية الوطنية؛

– تدعيم التواجد العسكري؛

– محاربة العقيدة الإسلامية ومحاولة التنصير؛

– تشجيع الهجرة اليهودية إلى الجزائر، “قانون كريميو 1870” خير دليل على ذلك.

 

التعدّي على حرمات المساجد ودور العبادة

    الاعتداء على المساجد والزوايا ودور العبادة ومصادرة الأوقاف الإسلامية، بالرغم من أن اتفاقية استسلام الجزائر العاصمة كانت تدعو إلى احترام الحرية الدينية للأهالي، ذلك أن وحشية الاستعمار الفرنسي لم تقتصر على تدمير المساجد أو تحويلها إلى كنائس، بل قامت بقتل المصلين المعتصمين بها، ومثال ذلك قتل أربعة آلاف مسلم عزّل معتصمون في مسجد “كتشاوة” قبل تحويله إلى كنيسة، وسجن المعتقلين السياسيين وحل حزب “الشعب” بهدف التعاون مع ألمانيا، وإلقاء القبض على مصالي الحاج بعد مذبحة 8 مايو، التي ارتكبها الفرنسيون في الجزائر عام 1945م، تلتها مذابح وأهوال.. ففي شهر يوليوز 1948، أحرق الجنود الفرنسيون ورجال البوليس، القرى وأتلفوا المؤن والأرزاق، وهاجم رجال الدرك عام 1949 قرية “سيدي علي بوناب” بدعوى التفتيش عن رجل هارب من الجندية.

يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى